أعلن وزير الإستثمار المصري أشرف سالمان، عزم بلاده تسديد 2.8 بليون دولار مستحقات لشركات النفط الأجنبية قبل مطلع آب (أغسطس) المقبل. وقال «أن هناك جدولاً محدداً لتسديد مديونيات شركات النفط، سددنا 3.2 بليون من 6 بلايين دولار هي إجمالي مستحقات هذه الشركات الأجنبية على مصر ونأمل في تسديد الجزء المتبقي في آب المقبل».
وفي مطلع كانون الثاني (يناير) الماضي، أعلنت وزارة النفط المصرية تسديد 2.1 بليون دولار من ديونها المستحقة لشركات الطاقة الأجنبية. وأرجأت مصر المدفوعات لشركات النفط والغاز مع تضرر اقتصادها من الإضطرابات التي تشهدها، وبدأت المتأخرات تتراكم بشدة مع تدهور مالية الدولة ما تسبب في ارتفاع الديون مع قيام الحكومة بتحويل الغاز المخصص للتصدير إلى تلبية الإستهلاك المحلي.
ولفت وزير الإستثمار إلى أن معدل الإستثمارات الأجنبية في مصر بلغ 1.8 بليون دولار من دون احتساب الإستثمارات النفطية في مقابل 4.2 بليون دولار في 2014، نحو 90 في المئة منها إستثمارات نفطية. وأشار إلى أن مصر حققت نمواً في ناتجها المحلي الإجمالي في الربع الثاني من السنة المالية الحالية بنسبة 6.8 في المئة كما نجحت في تقليلص معدل البطالة إلى 13.1 في المئة مقارنة بـ13.4 في المئة، فيما تستهدف تقليص عجز الموازنة إلى 240 بليون جنيه (32 بليون دولار) في مقابل 255 بليوناً في الفترة المقابلة من السنة المالية السابقة. ونبه إلى أن الحكومة تخطط لخفض العجز في الموازنة إلى 11 في المئة من 12.8 في المئة في السنة المالية الماضية.
وبلغ عجز الموازنة خلال النصف الأول من 2014-2015، نحو 132 بليوناً مقارنة بعجز قدرة 89.4 بليون جنيه خلال الفترة ذاتها من 2013-2014.
الاستعدادات الأخيرة
وعن الاستعدادات الأخيرة للقمة الاقتصادية في شرم الشيخ، قال وزير الاستثمار إن مصر وجهت دعوات لنحو 6 آلاف مستثمر ومؤسسة وصندوق استثمار مصري وعربي وأجنبي لحضور القمة، لافتاً إلى أنه تم تأكيد حضور نحو 1100 مستثمر محلي وأجنبي، وتوقع زيادة العدد إلى 1800. وقال سالمان إن السعودية والإمارات ستشاركان بقوة باعتبارهما شريكين رئيسيين في المؤتمر وكذلك الكويت، موضحاً أن إجمالي استثمارات الدول الثلاث في مصر تصل إلى نحو 16 بليون دولار منها 7.5 بليون دولار للسعودية و4.5 بليون للإمارات و3.5 للكويت.
وتسعى مصر الى جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية من خلال إصلاح قوانين الاستثمار ومؤتمر اقتصادي مزمع عقده هذا الشهر ينتظر أن يجلب استثمارات تتراوح ما بين 10 و13 بليون دولار. وقال وزير الاستثمار إن وزارته تعمل على تسوية ما بين 6 و7 نزاعات استثمارية من إجمالي النزاعات بين الحكومة المصرية والمستثمرين والبالغ عددها 14 نزاعاً، في إطار تسوية ترضي جميع الأطراف.
من جهة ثانية، أعلن سالمان أن الحكومة علمت ان 30 بليون دولار تُتداول في سوق الصرف الموازية في مصر خلال الفترة الأخيرة، موضحاً أن إجراءات المصرف المركزي الأخيرة كانت لمواجهة هذه الظاهرة التي تضر السوق بشدة. وأوضح أن البدء بإجراءات ضبط السوق أدى إلى تحوّل جزءٍ كبير من هذه الأموال إلى الجهاز المصرفي، مشدداً على السعي إلى القضاء على هذه الظاهرة إلى الأبد.
ولفت سالمان، على هامش مؤتمر «هيرميس» لتشجيع الإستثمار في دبي بعنوان «الفرص الإستثمارية في الوطن العربي»، إلى إن الحكومة مع البنك المركزي يحاولان حل مشكلة إيداع الدولار في المصارف. ورجّح انتهاء مشكلة الدولار والسوق الموازية عقب مؤتمر شرم الشيخ، نظراً الى توقع تدفق إستثمارات مباشرة في هذا المؤتمر، خصوصاً من دول الخليج.
تثبيت الضرائب
ولفت إلى أن الحكومة تسعى إلى تثبيت الضرائب لمدة عشر سنوات في كل القطاعات لتشجيع الإستثمارات، مؤكداً أن «البنك الدولي» وكثير من المؤسسات المالية نصحت مصر بعدم إستخدام الحوافز الضريبية لتشجيع الإستثمار، وقال: «نسعى إلى وضع سياسة واضحة للضرائب في شكل عام تستمر لمدة لا تقل عن 10 سنوات». وأعلن أن الحكومة تسعى إلى طرح سندات قيمتها 1.5 بليون دولار خلال الفترة المقبلة، وتتوقع استقبال إيداعات جديدة من دول خليجية قبل المؤتمر الاقتصادي. وقال: «مصر تلقت دعماً يُقدّر بنحو 23 بليون دولار من الخليج، وعلى رغم ذلك فإنها أجرت كثيراً من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية».
وأكد سالمان أن الإحتياط النقدي لن يستخدم في دعم سعر الصرف، خصوصاً مع بدء تنفيذ المشاريع الجديدة، بعد «مؤتمر مصر المستقبل» المزمع عقده بين 13 و15 الجاري في شرم الشيخ.
إلى ذلك، توقع رئيس قطاع البحوث في «المجموعة المالية هيرميس»، وائل زيادة، تراجع قيمة الجنيه في الفترة المقبلة ولكن بنسبة لن تتجاوز خمسة في المئة، مشيراً إلى أن العملة المصرية فقدت منذ العام 2011 نحو 30 في المئة من قيمتها. وقال إن «سياسة البنك المركزي المصري تركزت في الفترة الأخيرة على حماية الجنيه، ومحاولة القضاء على السوق السوداء،» مشيراً إلى أن وجود سعرين للعملة المحلية في أي سوق له تبعات سيئة جداً على الإقتصاد الكلي والإستثمارات عموماً، ولذلك جاء تدخل «المركزي» في الأيام الأخيرة في محاولة للقضاء على السوق الموازية. وأشار زيادة إلى وجود انعكاسات سلبية لسياسات المصرف المركزي على الشركات وعلى حجم السيولة الدولارية في السوق، ما يمكن أن يؤثر في حركة الاقتصاد العام.
وتوقع الرئيس التنفيذي لشركة «المجموعة المالية هيرميس القابضة»، كريم عوض، عدم تأثر حركة تدفق الإستثمارات الخليجية إلى مصر خلال الفترة المقبلة بالأوضاع المضطربة التي تشهدها المنطقة أو بتراجع أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في خمس سنوات والتي أثرت بدورها في الموازنات العامة لدول الخليج.
وقال خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته المجموعة على هامش المؤتمر: «إن التحديات الجيوسياسية من شأنها أن تؤثر في البنية الإستثمارية في المنطقة، لكن يجب ألا نغفل أيضاً أن الإضطرابات السياسية والأمنية موجودة في أغلب مناطق العالم، وتقاس الرغبة في الاستثمار وفقاً للعائد المتوقع منه مقارنة بحجم الأخطار وعلى رغم كل الأحداث التي تشهدها المنطقة حتى الآن، لا تزال فرص تحقيق معدلات عائد مرتفعة كبيرة مقارنة بحجم الأخطار».
فرص استثماريّة
وأوضح أن الشركات الخليجية تملك فوائض وسيولة مالية مرتفعة، تجعلها تبحث عن فرص استثمارية خصوصاً في ظل تراجع الفرص القوية ذات العائد المالي المرتفع في دولها، إذا قورنت بالعائدات المتوقعة من الاستثمار في مصر.
وأكد الرئيس المشارك لقطاع الوساطة في «هيرميس»، محمد عبيد، أنه يتوقع أن تصل قيمة التداول في البورصة المصرية إلى بليون جنيه يومياً خلال الأشهر الستة المقبلة، بشرط أن يتم تنفيذ 3 طروحات عامة على الأقل خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن الشهور المقبلة ستشهد نشاطاً كبيراً للسوق.
ونبّه عبيد إلى رغبة عدد كبير من المستثمرين والمؤسسات الأجنبية بحضور مؤتمر شرم الشيخ ودرس الفرص الحقيقة للاستثمار، إلا أنهم ينتظرون الإجراءات الجديدة للحكومة خصوصاً في مجال التشريع وقانون الاستثمار الجديد وآليات تنفيذه.