تأسس مجلس قطر للمباني الخضراء في عام 2009، ثم أصبح عضوًا في مؤسسة قطر في عام 2010، وبدأ نشاطه فعليًا في العام 2011، ولكن رغم حداثة تأسيسه في قطر، إلا أنه وضع بصمته المُميّزة في مجال نشر ثقافة الاستدامة وتطبيق معايير المباني الخضراء والصديقة للبيئة من خلال العديد من الورش والجلسات التدريبيّة واتفاقيات التعاون مع عدد من مجالس المباني الخضراء في العالم خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، ثم المنظومة القطرية لتقييم الاستدامة “جي ساس”.
وقد حقق مجلس قطر للمباني الخضراء نقلة نوعيّة في آليّة عمله من العمل في مجال نشر ثقافة الاستدامة إلى كونه شريكًا رئيسيًا مع عدد من الجهات الحكومية لتدريب المهندسين والاستشاريين لكيفية تطبيق مفاهيم الاستدامة، ليس فقط في عملية تشييد المباني فقط، بل وفي كيفية الاستخدام الرشيد لمرافق المباني من خلال تقديم حزمة من الإجراءات التي تتبعها الإدارات المُختلفة في المؤسسات والشركات الحكومية.
في العام 2012، تولى المهندس مشعل الشمري منصب مدير مجلس قطر للمباني الخضراء، وهو أحد الكوادر القطرية الشابّة التي تعمل في صمت وتفانٍ مستفيدًا من خبرة متراكمة في عدّة مجالات أكسبته قناعة راسخة فى أن نهضة هذه البلاد تستلزم تعزيز ثقافة الاستدامة التي ستجد انطلاقة كبيرة مع تعاون مختلف الوزارات والجهات للعمل وفق منظومة متكاملة تجعل من المجتمع القطري رائدًا في مجال الاستدامة ليس في المباني فقط ولكن في مختلف مناحي الحياة.
عمل المهندس مشعل الشمري لأكثر من 13 عامًا في قطاع النفط والبترول، وتراكمت لديه خبرة في إدارة المشاريع والقيادة وتطوير الأعمال، وقد أتاح عمله كمهندس مشروع في قطر للبترول الفرصة للعمل في أنواع مختلفة من المشاريع، كما قاد بنجاح العديد من المشاريع الرئيسية، بما في ذلك المباني والبنية التحتية، وتطوير الأراضي، وخطوط الأنابيب والطرق والحدائق.
التقت الراية الاقتصادية مع المهندس مشعل الشمري في حديث تناول الكثير من القضايا المتعلقة بأنظمة المباني الخضراء وإدارة مرافقها.
وإلى نص الحديث:
أجرى مجلس قطر للمباني الخضراء أول استطلاع رأي إلكتروني من نوعه بهدف جمع المعلومات حول كيفية استخدام الطاقة الكهربائية والمياه والغاز بالمنازل والمؤسسات، ما النتائج التي خلصتم لها من هذا الاستبيان؟
الهدف من الاستبيان ليس مجرد إعداد ورقة بحثية ولكن هدفنا هو اتخاذ خطوات تطبيقية بناءً على النتائج المتحصلة منه، مثل تركيز الجهود التوعوية التي نقوم بها على قطاعات بعينها بالتعاون مع جهات أخرى مثل وزارة البيئة وبرنامج “ترشيد” الذي أطلقته مؤسسة “كهرماء”، فمن الممكن مشاركة هذه النتائج مع هذه الجهات للاستفادة منها، والكل في الدولة يعمل على الجهد التوعوي في مجال الاستدامة، وهناك من له بصمة واضحة في هذا المجال.
كما أن الاستبيان هدفه معرفة هل هذه الجهود تسير في طريقها الصحيحة أم تستلزم بعض التعديل؟ وهل تحتاج إلى زيادة جرعاتها أم أن الناس عندها توعية كافية ولكن نحتاج إلى تركيز في محاور أخرى؟ فمثلاً إعادة التدوير كان جزءًا من مراحل الاستبيان فقد وجدنا أن الناس عندها وعي كبير بتدوير المخلفات ولكن المشكلة التي تدفعهم لعدم ممارسة هذه الآلية هي عدم وجود وسائل تساعدهم على تدوير المخلفات في منازلهم من الحكومة وقلة تواصلهم مع مراكز تقوم بإعادة التدوير كما اكتشفنا أن هناك الكثير لا يعرفون أن هناك مصانع تقوم على إعادة تدوير المخلفات، كما وجدنا نقصًا في التوعية بمحاور أخرى مثل أهمية إغلاق أجهزة التكييف والإضاءة في الأماكن التي لا يتواجد فيها الأطفال في المنزل من غرفة إلى أخرى وهكذا.
كما كشف الاستبيان أن الذين يحصلون على فاتورة الكهرباء لا يقرؤون حجم استهلاكهم من العداد، وأن الأشخاص الذين يدفعون الكهرباء والماء نسبة قليلة جدًا منهم تراقب العداد لكي تعرف حجم استهلاكها، لذا نقترح تخصيص خانة في فاتورة الكهرباء يُكتب فيها حجم الدعم الذي تقدّمه الدولة على هذا الاستهلاك، وحقيقة فإن مؤسسة كهرماء لديها برامج طموحة في هذا الصدد خاصة برنامج “ترشيد”.
مؤسسة قطر
من يساعدكم في الجهود التوعوية؟
تشاركنا في هذا الأمر مع جهة معينة في مؤسسة قطر هي “مركز قطر لأبحاث البيئة والطاقة” بالإضافة إلى كهرماء وحقيقة عندهم برامج جيّدة في هذا المجال والهدف هو أن تكون الخطط التوعوية مدروسة بشكل صحيح والتي يحتاجها المجتمع بالفعل، وقد انتهينا من دراسة نتائج الاستبيان وخلال الفترة القادمة سيتم وضع خطة توعويّة لما بعد هذا البرنامج، ودائمًا نقوم بتعريف الاستدامة كونها حلقة متكاملة، بحيث إنه إذا فقدت جزءًا منها فإن الهدف المرجو لا يتحقق، فمثلاً في عملية تدوير المخلفات يمكن أن أقوم بالتوعية بأهمية التدوير وضرورة الفصل بين المخلفات ليتسنّى تدويرها ولكن هذا المستخدم سواء كان مالك منزل أو طفلاً عندما يخرج للشارع سيجد صندوق قمامة واحدًا تلقى فيه كل أنواع المخلفات، وهذا سؤال نواجهه كثيرًا من الناس ونجيب عنه بأن كل فرد عليه أن يقوم بدوره، والدور الثاني ستقوم به جهات أخرى أكبر، وحقيقة فإن مشروعًا مثل إعادة تدوير القمامة تدخل فيه أكثر من وزارة، لأنه مشروع متكامل حتى أننا لا نستطيع تحديد وزارة معينة بهذا الموضوع، حيث تدخل في هذا الموضوع وزارات البيئة والداخلية والبلدية، وهناك دول مجاورة تطبق مشروعًا متكاملاً لجمع القمامة وإعادة تدويرها تشترك فيه أربع وزارات.
هل يستفيد المجلس من تجارب الدول المجاورة في هذا المشروع لتطبيقه في قطر؟
نحن عرضنا تجارب مماثلة في دول مجاورة لأنها الأقرب لنا في الطقس والثقافة والعادات الاجتماعية ونفس أنماط الاستهلاك، وهناك جهات تعمل في هذا المشروع مثل مؤسسة قطر التي لديها برنامج “إدارة المخلفات” وهو برنامج متكامل، ونأمل أن يتم تطبيقه بشكل مؤسسي أكبر في مؤسسات أخرى في دولة قطر.
كشفت دراسة للمجلس أن نشر ثقافة الاستدامة يتطلب استخدام وسائل جديدة وليس فقط إنشاء مبانٍ خضراء.. ما هي الإستراتيجية التي ستتبعونها في هذا الصدد؟
الاستدامة في تعريفها البسيط هي التناسق والتوافق بين المتطلبات المالية كمستثمر يرغب في إنشاء مبنى أخضر هدفه الربح، والمتطلبات الاجتماعية ممثلة في السكان الذين يستخدمون المبنى سواء للسكن أو العمل، وبين المتطلبات البيئية، والمباني الخضراء نعتبرها استثمارًا وليس تكلفة لأن لها مردودًا على المدى البعيد، والمبنى بشكل عام يمرّ بعدّة مراحل: فحياة المبنى تبدأ من مرحلة التصميم حتى الهدم، أي دورة حياة المبنى بالكامل، والناس بشكل عام يرون رأس الهرم أي مرحلة التنفيذ ويعتقد أن هذه المرحلة هي التي تتطلب التقيّد بمعايير البناء الأخضر، ولكن لم ينظروا إلى ما تحت الهرم أي مرحلة التشغيل والتي تستمر من 30 – 50 عامًا أي الفترة الأهم في تاريخ المبنى وهي التي ينبغي أن نتأكد أنها تتواكب مع المعايير الخضراء، فمثلاً ما القيمة من بناء مبنى وفق أرقى المعايير الصديقة للبيئة والاستدامة ويتم استخدامه بشكل يُنافي المعايير الخضراء أي أن السلوكيات تكون خاطئة في استخدام المياه والكهرباء ووسائل إعادة تدوير المخلفات، فما المكسب الذي حققته؟! وعلى سبيل المثال فإن مباني الطلاب والطالبات بمؤسسة قطر بها عدادات توضّح للطلاب حجم الاستهلاك من حيث المياه والكهرباء، وذلك لتقييم مدى استهلاكهم لهذه الموارد، وحاليًا نعمل على مشروع مع المجلس الأمريكي للمباني الخضراء لتركيب “العدادات الديناميكية” التي توضح الاستهلاك الحالي في المبنى، حتى إن الإصدارات الحديثة من أنظمة التقييم توجّه إلى كفاءة استخدام المباني.
المباني الخضراء
كم وصل عدد المباني الخضراء حاليًا في قطر؟
المباني الخضراء التي تمّ تقييمها حاليًا في مؤسسة قطر حوالي خمسين مبنى وخلال الربع الثاني من هذا العام مع تسليم مشاريع مشيرب يمكن أن يرتفع عدد المباني الخضراء إلى 150 مبنى أخضر، بالإضافة إلى كثير من المباني الحكومية ومباني مدينة لوسيل ومدينة بروة، وفي الحقيقة نحن نملك بيانات عن المباني المصنفة وفق منظومة “لييد” الأمريكية وليس عندي بيان محدّد للمباني المصنفة وفق المنظومة المحلية “جي ساس” ولكن بالتأكيد ستكون المباني المقيمة وفق هذه المنظومة أكثر بكثير نظرًا لأن مدينة لوسيل ومشاريع أشغال يتم تقييمها على أساس منظومة “جي ساس”.
ولماذا لا تكون عند مجلس قطر للمباني الخضراء جميع بيانات وأعداد المباني الخضراء في قطر فهو الجهة المعنيّة بذلك في الدولة مثل كل دول العالم؟
– منظومة “لييد” تضع على موقعها الإلكتروني كل المباني التي تمّ تقييمها كمبانٍ خضراء وتحدّث البيانات باستمرار وبالتالي فهي متاحة للجميع، وأعتقد أن المنظمة الخليجية للبحث والتطوير “جورد” تعمل على ذلك حاليًا، وقد تواصلنا معهم في هذا الأمر وهم نشطاء في ذلك، وأعتقد أنهم قريبًا سيعلنون عن المباني التي تمّ تقييمها وفق منظومة “جي ساس” وبالتأكيد عندهم خطة إعلاميّة في هذا الصدد.
في رأيك، أي المنظومتين أكبر من حيث عدد المباني التي تم ّالتقييم على أساسها؟
– أعتقد أن الأعداد متقاربة، وفي دولة قطر بدأ اعتماد منظومة “لييد” لتقييم المباني الخضراء منذ العام 2006، لذا فإن المباني التي تمّ تصنيفها على أساسها قطعت شوطًا كبيرًا، فمثلاً عندك مشروع مدينة مشيرب الذي سيكون – بعد الانتهاء من تنفيذه – أكبر تجمع مباني في العالم يتم تقييمه على أساس منظومة “لييد” في فئته الذهبية وهناك بعض المباني سيتحصل على تقييم بلاتيني، إذ يتضمن التجمع مئة مبنى أخضر، ومؤسسة قطر تضمّ أكبر عدد مباني “لييد بلاتيني” في العالم، وهذه إنجازات على مستوى العالم، كما أن مؤسسة قطر في طور تقييم المدينة التعليمية لتكون مدينة خضراء بالكامل وهذا سيكون إنجازًا ضخمًا.
هل يمكن تقييم هذه المباني الخضراء في قطر على أساس مالي، حيث تمّ الإعلان عن هذه التقييمات قبل عامين وكانت بحدود عشرين مليار ريال؟
– بشكل عام القيمة مرتبطة بالمبنى نفسه وليس بالتقييم الأخضر، بمعنى أن هناك مباني قيمتها تبلغ 500 مليون ريال، فبعض الناس تعتقد ان هذه القيمة نتيجة لأن المبنى يعتمد على معايير المباني الخضراء، وهذا ليس صحيحًا لأن الطراز المعماري والتكلفة الإنشائية والمواد المستخدمة هي التي تحتسب في تقييم المبنى ماليًا، لكن عامة فإن نسبة المواد الخضراء التي يتم تضمينها في المبني تتراوح بين 3 – 9 % من تكلفة المبنى، وهناك مبانٍ تركز على الجانب المعماري مثل مباني مؤسسة قطر ومشروع مشيرب فهذه مبانٍ من الطبيعي أن تزيد تكلفتها من ناحية التصميم خاصة أن هذه المشاريع تعد واجهة لثقافة المجتمع وتراثه المعماري، وكما تعلم فإن الدول تقاس حضارتها وتاريخها وتطوّرها بتراثها وثقافتها المعمارية والهندسية.
التشريعات الحالية
لكن ألا تعتقد أن التشريعات الحالية لا تتواكب مع طموحاتكم في إلزام المطوّرين العقاريين بتبني معايير الاستدامة؟
– التشريعات الحالية جيّدة، ولعلّ الإصدار الأخير لكود البناء القطري 2014 فيه جزء خاص عن المباني الخضراء، ويعمل الخبراء في وزارة البيئة على هذا الأمر وأعتقد أنه في العامين القادمين ستصدر تشريعات وقرارات من الحكومة لتتضمن المتطلبات الدنيا للمباني الخضراء، وقد تكون إلزامية للمطوّرين، وقضية الالتزام بالمعايير الخضراء ليست عملية مكلفة فمثلاً إذا أراد المطوّر أو المستثمر بناء فيلا فلن يضيره تركيب عوازل في جدران الفيلا وهذه لا تكلف كثيرًا ولا تتعدّى من 1 – 2 % ولكنها ستحقق وفرًا في أشياء كثيرة، ودائمًا نحن نشجع القيام بتعديلات في المباني تكون تكلفتها بسيطة ولكن عائدها كبير، فبمجرد العزل الجيّد للجدران وتركيب الزجاج العازل ومصابيح الإضاءة “LED”، فإن هذه الأشياء البسيطة توفر كثيرًا وتقدّم نتائج هائلة في عملية الاستدامة.
هناك من يرى أنه لتشجيع أفراد المجتمع على تبني ثقافة الترشيد لا بدّ من إلغاء الدعم المقدّم على الماء والكهرباء، فما رأيك؟
– لست مع هذا الرأي، أنا أشجع نشر ثقافة الاستدامة من خلال التوعية وليس برفع الدعم الذي تقدمه الدولة على الماء والكهرباء، وبالتأكيد الدولة لها سياستها في توفير الكهرباء والماء للمواطنين مجانًا وللمقيمين بأسعار مدعومة ورمزية بشكل كبير، لكن نحن نسعى لأن يعرف الجميع حجم استهلاكهم، ففي الاستبيان الأخير وجهنا سؤالاً: “هل تعرف استهلاك فاتورتك؟” سواء للمواطن أو المقيم، فالمعرفة في حد ذاتها ستكون دافعًا للترشيد، ونريد كمجلس أن يعرف كل فرد في المجتمع لماذا يدفع هذه القيمة في فاتورة الكهرباء سواء جهة حكومية أو شركة، نريده أن يعرف قيمة الفاتورة التي يدفعها مقابل استهلاكه، وكذلك القيمة الفعلية لهذا الاستهلاك لكي يعرف كل فرد منا الفرق الذي تدفعه الدولة في هذا الاستهلاك، وبالتالي يتشكل الوعي بضرورة الترشيد.
وقد وجهنا سؤالاً عامًا لمن شملناهم في الاستبيان: هل نواجه مشكلة مياه في دولة قطر؟ وكانت الإجابات بالنفي، رغم أننا نعاني مشكلة حقيقية في نقص المياه، ومع ذلك لا يشعر بها السكان نظرًا لما تقوم به الدولة من جهود في توفير المياه من خلال التحلية، وهذا جهد كبير، لأنه حتى الدول التي تجري فيها الأنهار سواء في الدول العربية أو أوروبا تعاني من مشاكل في المياه ومصادر الطاقة، وكون أن دولة قطر لا تشعرني أن هناك مشكلة في المياه فهذا إنجاز ضخم لصالح الدولة، لذا فإن دورنا هو العمل على استدامة هذه الموارد بترشيدها والحفاظ عليها، لذلك نحن نركز على التوعية المتكاملة للسكان وبالقانون.
الدور الإعلامي
كيف تتبنون خيار التوعية بثقافة الاستدامة والمجلس لا يملك وسائل حقيقية في المجالات الإعلامية، فأنشطته بالكاد تذكر على استحياء في الصحف؟
– هذا ليس عيبًا في المجلس، ولكنه تنفيذ لإستراتيجية تمّ وضعها، فكل جهة تعمل وفق خططها الإعلامية، فمثلاً برنامج “ترشيد” تعمل عليه كهرماء ويحقق نجاحًا إعلاميًا متواصلاً في الوسائل الإعلامية المختلفة من إذاعة وتليفزيون وصحف، لكن نحن كمجلس قطر للمباني الخضراء نركز على الطلاب في المدارس والجامعات ونغرس فيهم ثقافة الاستدامة من خلال برامج نوعية بالتعاون مع المجلس الأعلى للتعليم، ففي عام 2014 تمّ تدريب 120 معلمًا ومعلمة في المدارس المستقلة والخاصة، وقد ركزنا في الفترة الأخيرة على المعلمين والمعلمات باعتبارهم من يقوم بتوصيل رسالتنا بشكل جيّد إلى الطلاب والطالبات، خاصة أن المعلم الواحد يستطيع نقل الرسالة إلى نحو 100 طالب، وبدأنا في هذا البرنامج في شهر سبتمبر الماضي، كما قام المجلس بتدريب مهندسين في المجلس الأعلى للتعليم والشركات الخاصة على إدارة المرافق.. فنحن نعمل في مجال بحثي وتوعوي للعامة والمتخصصين وتدريب للمهندسين، فمجال المباني الخضراء ليس مجرد ندوات ومحاضرات فقط، ولكننا نعمل على ترسيخ ثقافة الاستدامة على المدى الطويل بتدريب مهندسين متخصصين في مجال المباني الخضراء، بالإضافة الى عقد دورات وورش عمل عن نظام “لييد”، كما طوّرنا برنامج إدارة المرافق المستدامة، وتمّ تدريب نحو 120 مهندسًا في عدد من الشركات في أكتوبر ونوفمبر وديسمبر الماضي، وذلك بهدف نشر الوعي وتطبيق برامج إدارة المرافق المستدامة، كما لدينا برامج تدريبية أخرى مع هيئات وجهات حكومية سنعلن عنها قريبًا بهدف نشر ثقافة الاستدامة وتطبيقها بالفعل، وهناك جهة حكومية لم نعلن عنها بعد مهتمّة بتحويل مبانيها إلى مبانٍ خضراء وأعدّ المجلس خطة لهذه الجهة لمدّة أربعة شهور وبدأنا في تقييم المباني القائمة، وعامة نحن نطلب من الجهات التي نتعاون معها أن تكون خطط الاستدامة لديها ذات بعد إستراتيجي ومؤسسي وتكون المباني جزءًا منها بحيث يتضمن برنامجنا معها تطبيق معايير الاستدامة بشكل شامل للمؤسسة ككل، وعندما تكون مفاهيم وخطط الاستدامة موجودة لدى الإدارة العليا للمؤسسة فإنه يسهل انتقالها إلى الإدارات التابعة لها في الهرم الإداري للهيئة أو المؤسسة، فمثلاً في إدارة الموارد البشرية يتم إعداد خطط للحدّ من استخدام الأوراق في المعاملات اليومية، وكذلك الأمر في إدارة المعلومات وإدارة المشتريات وهكذا بحيث تتعامل جميع الإدارات مع مفاهيم الاستدامة وكل ذلك سوف يصبّ في صالح المؤسسة، وحقيقة نحن نركز على المباني القائمة بالفعل ففي قطر أكثر من ألف مبنى ونعمل على كيفية إدارة مرافقها وفق منظور الاستدامة.
بدأ مجلس قطر للمباني الخضراء عمله فعليًا منذ العام 2011، ولكن إنجازاته على أرض الواقع تكاد تكون محدودة، ترى ما السبب؟
– انضممت للمجلس في العام 2012 وقد وجدت خطط عمل وبرامج توعوية كثيرة يقوم بها المجلس، وقد انتقلنا من مجرد كوننا جهة توعوية إلى شريك لكثير من الجهات في دولة قطر في مجال الاستدامة، مثلاً نحن شركاء مع هيئة المواصفات والمقاييس في مراجعة كود البناء القطري 2014، وأيضًا المشاركة في وضع كود البناء الأخضر الذي من المتوقع إصداره في 2015، فهذا الكود يخصّ شريحة كبيرة من المجتمع وبالتالي يكون إلزاميًا وسهل التنفيذ، ولا نتحدّث هنا عن المباني الحكومية فمعظمها يتم تقييمه وفق منظومة “جي ساس” ولكن مشكلتنا مع القطاع الخاص الذي نرغب في تبنيه لمعايير البناء الأخضر، ولهذا فإن كود البناء الأخضر سيكون إلزاميًا للجميع ويشمل القطاعين الحكومي والخاص، ونعتقد أن وضع حوافز للمطوّرين العقاريين في نسب الارتفاع ومساحة المباني سيكون عاملاً فعالاً للارتقاء بمعايير البناء الأخضر في قطر.
المؤتمر السنوي
أعلنتم عن تنظيم أول مؤتمر سنوي في أبريل القادم، ما أهم القضايا التي سيركز عليها المؤتمر في مجالات الاستدامة؟
نعم سينظم مجلس قطر للمباني الخضراء المؤتمر السنوي الأول الذي سيعقد يومي 27 و28 أبريل المقبل بمركز قطر الوطني للمؤتمرات ليكون منبرًا عالميًا يلتقي فيه الخبراء والعلماء والباحثون والنشطاء للتواصل وتبادل المعلومات ومناقشة قضايا الاستدامة وترشيد موارد الطاقة بما يتماشى مع رؤية قطر الوطنية 2030.
وسوف يسلط المؤتمر الضوء على الأبحاث وأفضل الممارسات في مجال الحفاظ على البيئة، ويسهم في تعزيز الوعي في قطاع الإنشاء بمفهوم المباني الخضراء والمنشآت المستدامة التي توفر حلولاً مبتكرة لتحديات البيئة في قطر والمنطقة والعالم، حيث يهدف مجلس قطر للمباني الخضراء، منذ إنشائه في 2009 إلى تأكيد التزام مؤسسة قطر في تشجيع التنمية المستدامة عبر الترويج للممارسات المستدامة الصديقة للبيئة لتصميم المباني والمنشآت وتشييدها، كما تسهم مبادرات مجلس قطر للمباني الخضراء في ترويج التنمية المستدامة على المدى الطويل في تنويع الاقتصاد في قطر والاتجاه إلى الاقتصاد القائم على المعرفة.
كما سيقدّم الباحثون والعلماء والخبراء المتخصصون المشاركون في المؤتمر حصيلة خبراتهم وأبحاثهم التقنية التي تسلط الضوء على أحدث المستجدات العالمية في مجال البيئة العمرانية المستدامة، وذلك خلال الجلسات والندوات التي تعكس المحاور الأربعة الرئيسية وثيقة الصلة بدولة قطر ومنطقة الخليج العربي، حيث تتناول جلسات “المدن المستدامة في المستقبل” احتياجات المدن متعدّدة الجنسيات، بينما تناقش جلسات “إعادة تأهيل الدوحة وتحديثها” طرق الاستفادة المُثلى من المباني الحالية، أما جلسات “باسيف هاوس في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” فتستعرض التقنية المستدامة الحديثة المتطوّرة، أما جلسات “بصمة الكربون ورؤية قطر الوطنية” فتناقش كيفية التعامل مع انبعاثات الكربون.