شهدت السعودية خلال عهد خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز تطوراً ملحوظاً على الأصعدة كافة، تجسد في العديد من الإنجازات المستمرة في المجالات الاقتصادية والصحية والتعليمية والاجتماعية والثقافية، قادها برؤية مستنيرة وفق خطط مدروسة. وتشمل الإنجازات التوسع الملحوظ والتنوع في الاقتصاد السعودي، والتحكم في التضخم المالي، وتحسين مركز البلاد في التبادل التجاري مع دول العالم.
وبفضل السياسات الاقتصادية الاستباقية التي نفذتها حكومة الملك عبدالله، تُظهرُ البيانات الحديثة أن الاقتصاد السعودي توسع في شكل مضطرد، إذ ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من 1231 بليون ريال (327.5 بليون دولار) عام 2005 إلى 1949 بليون ريال عام 2008، ثم انخفض إلى 1609 بليون ريال عام 2009، نتيجة للأزمة المالية والاقتصادية العالمية، قبل أن يشهد انتعاشاً سريعاً، فبلغ 2795 بليون ريال عام 2013. وشهد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أداءً مماثلاً، إذ ارتفع من 53 ألف ريال في 2005، إلى 93 ألف ريال عام 2013.
وحل الاقتصاد السعودي في المرتبة الـ 19 على المستوى العالمي عام 2013، بعدما كان في المرتبة الـ 22 عام 2005. أما بالنسبة إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، فاحتلت المملكة المرتبة الـ 31 عام 2013، بعدما كانت في المرتبة الـ 39 عام 2005. وتميزت بأنها البلد العربي الوحيد وعضو «أوبك» الوحيد الذي ينتمي إلى مجموعة الـ 20 التي تمثل أكبر اقتصادات العالم.
النمو الاقتصادي
وبالنسبة إلى النمو الاقتصادي، فشهد أداءً مميزاً في 2005 – 2013، إذ سجل الناتج المحلي الإجمالي في الأسعار الحقيقية نمواً بمعدل 6.1 في المئة، وكان هذا الأداء أعلى بكثير من أداء الاقتصاد العالمي (3.7 في المئة) ودول مجموعة الـ 20 (3.5 في المئة)، ومجموعة السبع أي الاقتصادات المتقدمة الكبرى (1.2 في المئة). وفي 2009، عندما تقلص الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة (0.6 في المئة)، كان الاقتصاد السعودي من ضمن عدد قليل من اقتصادات دول مجموعة الـ 20، التي حققت نمواً إيجابياً (1.8 في المئة). وفي السنوات التالية، كان من بين الاقتصادات الأكثر نمواً في المجموعة ذاتها. وفي 2012 حقق الاقتصاد السعودي ثاني أكبر معدل نمو في المجموعة (6.8 في المئة) بعد الصين (7.8 في المئة).
وبلغ معدل التضخم المالي أقل من اثنين في المئة بين 2005 و2007. وبين 2007 و2008، ارتفعت نسبة التضخم في شكل كبير في كل أنحاء العالم نظراً إلى الزيادات غير المسبوقة في أسعار المواد الغذائية والطاقة، فارتفع معدل التضخم في المملكة في شكل حاد إلى خمسة في المئة عام 2007، وإلى 6.1 في المئة عام 2008. ومع انخفاض أسعار كل من الطاقة والغذاء في 2009، ونتيجةً للسياسات الاقتصادية الحكيمة المتبعة لتخفيف آثار الأزمة على الاقتصاد السعودي، تراجع معدل التضخم السنوي إلى أن وصل إلى 3.5 في المئة عام 2013.
وشهد مستوى الأسعار ارتفاعاً في المملكة بين عامي 2004 و2013، لكن هذا الارتفاع كان أقل بكثير من المتوسط بالنسبة إلى الدول النامية وأقل من المتوسط العالمي، ومتوسط دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ومن ذلك يتضح جلياً أن الطفرة التي يعيشها الاقتصاد السعودي لم يوازها ارتفاع مماثل في مستوى الأسعار، ما يدل على نجاح السياسات المتبعة، التي حدت من مستويات التضخم المتوقعة عادةً في مثل هذه الحالات.
وكان هناك تنوع مستمر في الاقتصاد السعودي في عهد الملك عبدالله، إذ إن مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي تتحسن، وقيمة الصادرات غير البترولية تشهد ارتفاعاً. أما بالنسبة إلى مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، فشهدت تحسناً إذ ارتفعت من 48.5 في المئة عام 2005 إلى 58.7 في المئة عام 2013. ويعد هذا الارتفاع إنجازاً مميزاً نظراً إلى التوسع المضطرد الذي شهده الاقتصاد السعودي خلال هذا العهد.
أداء المملكة
وفي ما يخص أداء المملكة في مجال الصادرات غير البترولية والتجارة الخارجية في شكل عام، أظهرت البيانات تطوراً ملحوظاً في هذا المجال الحيوي، إذ ارتفعت قيمة الصادرات السلعية للمملكة من 677 بليون ريال عام 2005 إلى 1414 بليون ريال عام 2013، أي أنها تزايدت بأكثر من الضعف. وشهدت قيمة الصادرات غير البترولية تطوراً مميزاً هي الأخرى، إذ ارتفعت من 71 بليون ريال عام 2005 إلى 205 بلايين ريال عام 2013، ما يعني أنها تضاعفت أكثر من مرة ونصف مرة. ومن أهم المؤشرات في هذا المجال نسبة الصادرات غير البترولية إلى الواردات، التي شهدت تحسناً، فارتفعت من أقل من 32 في المئة عام 2005 إلى أكثر من 33 في المئة عام 2013، على رغم أن المملكة تعيش نهضة عمرانية ومشاريع ضخمة تستدعي استيراد كم كبير من المواد والتجهيزات الأساسية.
وتحقق للمملكة في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز العديد من الإنجازات المهمة، منها زيادة عدد جامعات المملكة من 8 جامعات إلى أكثر من 20 جامعة، وافتتاح الكليات والمعاهد التقنية والصحية وكليات تعليم البنات، وإنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. وأنشئ العديد من المدن الاقتصادية، ومنها مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ، ومدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل، ومدينة جازان الاقتصادية، ومدينة المعرفة الاقتصادية في المدينة المنورة، إلى جانب مركز الملك عبدالله المالي في مدينة الرياض.
وأثمرت توجيهات الملك عبدالله بن عبدالعزيز نحو الإصلاح الاقتصادي الشامل، وتكثيف الجهود من أجل تحسين بيئة الأعمال في البلاد، وإطلاق برنامج شامل لحل الصعوبات التي تواجه الاستثمارات المحلية والمشتركة والأجنبية بالتعاون بين جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة عن حصول السعودية على جائزة تقديرية من البنك الدولي تقديراً للخطوات المتسارعة في مجال الإصلاح الاقتصادي، ودخول المملكة ضمن قائمة أفضل 10 دول أجرت إصلاحات اقتصادية انعكست بصورة إيجابية على تصنيفها في تقرير أداء الأعمال الذي يصدره البنك الدولي، وصنفت المملكة أفضل بيئة استثمارية في العالم العربي والشرق الأوسط باحتلالها المركز 23 من أصل 178 دولة.
اهتمامات الملك
وكان من أول اهتمامات الملك عبدالله بن عبدالعزيز تلمس حاجات المواطنين ودرس أحوالهم عن كثب، ورغبة في تحسين المستوى المعيشي للمواطنين ودعم مسيرة الاقتصاد الوطني. أمر بزيادة رواتب جميع فئات العاملين السعوديين في الدولة من مدنيين وعسكريين وكذلك المتقاعدين بنسبة 15 في المئة وصرف راتب شهر أساسي لشاغلي المرتبة الخامسة فما دون وكذلك سلم رواتب الأفراد من رئيس رقباء فما دون، كما زيدت في عهده مخصصات القطاعات التي تخدم المواطنين كالضمان الاجتماعي والمياه والكهرباء، وصندوق التنمية العقاري، وبنك التسليف السعودي، وصندوق التنمية الصناعي، وخفضت أسعار البنزين والديزل.
وأصدر الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمراً بتخصيص 8 بلايين ريال من فائض إيرادات الموازنة للإسكان الشعبي في مناطق المملكة، وجرت برمجة تنفيذ هذا المشروع على مدى خمس سنوات ليصبح إجمالي المخصص لهذا الغرض 10 بلايين ريال، كما صدرت التوجيهات الملكية بعد ذلك بزيادة رأسمال بعض صناديق التنمية بمبلغ 25 بليون ريال، وذلك بزيادة رأسمال كل من صندوق التنمية العقارية بمبلغ إضافي قدره 9 بلايين مليون ريال، ليصبح حوالى 92 بليون ريال، ورأسمال بنك التسليف السعودي بمبلغ إضافي قدره 3 بلايين ريال، ليصبح 6 بلايين ريال لدعم ذوي الدخل المحدود من المواطنين وأصحاب المهن والمنشآت المتوسطة والصغيرة، وزيادة رأسمال صندوق التنمية الصناعية بمبلغ 13 بليون ريال، ليصبح 20 بليون ريال.