قرر المصرف المركزي المغربي أمس خفض أسعار الفائدة المرجعية بين المصارف ربع نقطة إلى 2.5 في المئة للمرة الثانية على التوالي، في مسعى إلى تنشيط الاقتصاد الذي سجل نمواً متواضعاً نسبته 2.5 في المئة هذه السنة، متراجعاً من 4.3 في المئة. وتُعزى الأسباب إلى عوامل داخلية وخارجية، أهمها ضعف الإنتاج الزراعي مطلع السنة، وتقلبات أسعار الطاقة في السوق الدولية وتبعاتها في النصف الثاني.
واعتبر أن الوضع الاقتصادي الدولي «لا يزال يشهد خللاً، خصوصاً في الدول الصاعدة ومنطقة اليورو». وأوضح أن انخفاض أسعار الطاقة بنسبة 26 في المئة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي «دفع أسعار المواد الأولية إلى مزيد من التراجع وكذلك التضخم إلى 0.3 في المئة، في مقابل أكثر من 2 في المئة قبل سنة، ما يفسر انخفاض أسعار عدد من السلع والخدمات، ومنها العقار الذي كان خسر 2.7 في المئة من قيمته في السوق في الربع الثاني قبل أن يرتفع واحداً في المئة في الربع الثالث».
وسجل الاقتصاد المغربي تحسناً في الربع الثالث، ارتباطاً بانخفاض فاتورة الطاقة 8.3 في المئة ومواد التجهيز 6 في المئة، ما ساعد في تراجع عجز الميزان التجاري 6.8 في المئة بفضل نمو الصادرات بنسبة 6.7 في المئة، واستقرار عائدات السياحة وتحويلات المهاجرين عند نحو 108 بلايين درهم.
وساعدت المنح المالية التي قدمتها دول مجلس التعاون الخليجي للمغرب والبالغة 11 بليون درهم (1.25 بليون دولار)، في تراجع عجز ميزان المدفوعات إلى 6 في المئة من الناتج الإجمالي، وعجز الخزينة إلى 4.9 في المئة.
وكان عجز المبادلات التجارية يقارب 10 في المئة والموازنة 7 في المئة عام 2012، وسجلت خلالها أسعار الطاقة ارتفاعاً قارب 120 دولاراً للبرميل، ما دفع الحكومة المغربية يومها إلى الاستنجاد بخط مالي وقائي ائتماني من صندوق النقد الدولي بقيمة 6.2 بليون دولار.
" المركزي "
وأفاد «المركزي» بأن احتياط النقد الأجنبي «ارتفع إلى 178 بليون درهم نهاية السنة، وأصبح يغطي أكثر من خمسة أشهر من واردات السلع والخدمات. كما تحسن مؤشر القروض المصرفية 4.5 في المئة في مقابل 3.8 في المئة في الربع الثالث. واعتبر أن من شأن خفض الفائدة المرجعية زيادة القروض لتمويل المشاريع المتنوعة لتنشيط الاقتصاد وتطوير الدورة الإنتاجية، بدعم من تحسن مرتقب في الاقتصاد العالمي العام المقبل.
وتوقع أن «يرتفع نمو الاقتصاد المغربي إلى 4.4 في المئة عام 2015»، موضحاً أن عدداً من المؤشرات «سيسجل تحسناً، منها الإنتاج الزراعي بفضل الأمطار الغزيرة للشهر الثاني على التوالي، وازدياد نشاط القطاعات غير الزراعية 3.2 في المئة في مقابل 2.6 في المئة، وزيادة الطلب على الصادرات المغربية داخل الأسواق الأوروبية التي تسجل تحسناً واضحاً، إذ ارتفعت صادرات السيارات 29 في المئة والإلكترونيات 25 في المئة، والملابس الجاهزة 3.5 في المئة.
أما سوق العمل، فهو ليس مرشحاً لتحقيق تحسن مماثل، وفق «المركزي» الذي أشار إلى «زيادة نصف نقطة على معدل البطالة خلال هذه السنة، من 9.1 إلى 9.6 في المئة، وبلغ المعدل 14.5 في المدن، ونحو 20 في المئة في صفوف الخريجين الجامعيين».
وقدّر عدد الشباب العاطلين من العمل بمليونين، ويعمل 75 في المئة من العمال في المغرب من دون تغطية اجتماعية، خصوصاً في قطاعات الزراعة والخدمات والتجارة.
إلى ذلك، صادق مجلس المستشارين، وهو الغرفة الثانية في البرلمان المغربي، ليل أول من أمس، على مشروع موازنة 2015 التي قُدّرت اعتماداتها بنحو 383 بليون درهم (43.5 بليون دولار)، والتي تتوقع نمواً نسبته 4.4 في المئة من الناتج، وعجزاً بـ 4.3 في المئة (نحو خمسة بلايين دولار)، وسقفاً لسعر النفط يقدر بـ103 دولارات للبرميل. ويستفيد المغرب من انخفاض أسعار النفط، لأنه دولة غير منتجة له واستورد منه بأكثر من 103 بلايين درهم العام الماضي.
ويُرتقب أن يصادق مجلس النواب (الغرفة الأولى) قبل نهاية الأسبوع، على نص مشروع الموازنة الجديدة في قراءة ثانية قبل نشره في الجريدة الرسمية واعتماده مطلع العام المقبل.