• العمادي: التقدم بمجال الصناعات الغذائية ما يزال بطيئاً
• التوسع في إنشاء المصانع الغذائية بات ضرورة
• الخلف: تحتاج عناية أكبر من الحكومة والقطاع الخاص
• ليس عيباً أن نبحث في تجارب الآخرين لتحقيق النجاح
• الحوافز والتسهيلات تشجع المستثمرين على التوسع بالصناعات الغذائية
• الدوسري: استيراد الغذاء أسهل على رجال الأعمال من الإنتاج محلياً
أكد عدد من رجال الأعمال والصناعيين على ضرورة التوسع في إنشاء المصانع الغذائية لكونها أبرز الصناعات شبه الغائبة في السوق القطرية، مطالبين بضرورة توجيه الحكومة للاستثمار في هذا المجال بهدف تنويع الاستثمار وعدم اقتصاره على مجالات صناعية بعينها، والدفع بالفرص الواعدة لتحقيق النجاح بهذا القطاع الحيوي والهام ضمن برنامج قطر الوطني للأمن الغذائي.
وأشاروا في استطلاع رأي لـ الراية الاقتصادية إلى ضرورة توافر عدة عوامل لنجاح الصناعات الغذائية في مقدمتها زيادة الاهتمام بهذا القطاع، وتوفير الحوافز والتسهيلات التي من شأنها تشجع المستثمرين والصناعيين على التوسع فيه بكل جرأة وقوة، لافتين إلى أن قطر ما تزال تستورد نسبة كبيرة من احتياجاتها الغذائية من الخارج، ولذلك تعتبر الإنتاج الزراعي والحيواني وما يتبعه من صناعات غذائية الضامن لعدم الارتهان للتقلبات العالمية في أسعار الغذاء بصورة مستمرة، وأن يقتصر الاستيراد من الخارج على الحاجات الضرورية فقط.
وأضاف رجال الأعمال أن قطاع الصناعات الغذائية يواجه العديد من التحديات، والتي تبدأ بالتسهيلات مروراً بالدعم وتوافر العمالة الماهرة وانتهاء بالإعفاءات الجمركية لتشجيع الصناعة المحلية، وبالتالي لابد لنجاحها من تضافر جهود القطاعين الحكومي والخاص، والعمل معاً على تذليل مختلف الصعوبات التي من شأنها الارتقاء بهذا القطاع لأعلى المستويات، داعين في هذا السياق إلى ضرورة تشجيع المستثمرين على اتخاذ زمام المبادرة عبر توفير فرص استثمارية بقطاع الصناعات الغذائية التي ما تزال في خطواتها الأولى، سواء عبر تخفيض تكاليف هذه الصناعة على المستثمرين أو منحهم أراضي صناعية تتوافر فيها المتطلبات الرئيسة لمثل هذه الصناعات كالكهرباء والمياه والنقل، والتخفيف من ارتفاع الإيجارات لمساكن العمال، فضلاً عن تشجيع استخدام التكنولوجيا المتطورة التي من شأنها زيادة الإنتاجية، والمساهمة في الدعم والترويج للمنتج المحلي من خلال إعطائه الأولوية داخلياً وخارجياً، وهذا يشمل المنافسة بين المنتج المحلي والأجنبي.
وأكدوا أيضاً على ضرورة التوسع بالإنتاج الزراعي ليس بالاعتماد على البيئة الزراعية القطرية فحسب بل من خلال الاستثمار في بيئات زراعية أقل تكلفة إنتاجية وأوفر محصولاً، وذلك في مناطق عربية وأجنبية عدة تتوافر فيها فرص الاستثمار وبالتالي تكون رافداً للصناعات الغذائية، وتوفر لها المواد الخام التي تحتاجها لنجاح هذه الصناعات في المستقبل، مشددين في القوت نفسه على ضرورة ابتعاد المستثمرين ورجال الأعمال عن التفكير بالربح السريع بهذا القطاع، والاعتماد على الصبر والاجتهاد لتحقيق النجاح المنشود، وبما يكفل توفير الموارد اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة.
وتأتي هذه المطالب منسجمة مع خطة برنامج قطر الوطني للأمن الغذائي التي تستند إلى ثلاث ركائز تعتمد عليها المنظومة الغذائية لقطر وهي الإنتاج الزراعي المحلي والاستيراد والتخزين الاستراتيجي، وتركز التوصيات التي تقدمت بها الخطة على التنويع الاستراتيجي للتجارة والاستثمار الدوليين، وإدخال تحسينات على السوق المحلي، وزيادة قدرات الاحتياطيات الاستراتيجية من الغذاء والماء ورفع كفاءة قطاع الإنتاج المحلي من حيث استخدام المياه والإنتاجية، وتسعى إلى سد الثغرات الحرجة وبناء القدرات اللازمة لتحقيق نمو يتسم بالتماسك والمنعة، حيث تعتبر أن الاستخدام المستدام لموارد المياه والأرض والطاقة المقدمة الأولى لبلوغ أهدافها المنشودة. وعلى صعيد اختيار المحاصيل والتقنيات والممارسات، تتبنى الخطة الوطنية معايير وخارطة طريق ذات رؤية مستقبلية كفيلة بتمكين دولة قطر من إنتاج خمسة أضعاف كمية الغذاء باستخدام نفس مساحة الأرض وثلثي كمية المياه المستخدمة حالياً، مع ضرورة التنويع في المنتجات الزراعية وزيادة رقعة الأراضي الزراعية ودعم المزارع القطرية التي يربو عددها على 1400 مزرعة ورفع كفاءتها من حيث الإنتاج والاستخدام المستدام والأمثل للمياه واستصلاح الأراضي، والتي تتضمن الارتقاء والتطوير للمنتجات الزراعية القطرية، كما تضمنت الاهتمام بمزارع عسل النحل الطبيعي وتربية الماشية من أغنام وبقر وإبل، والأسماك والدواجن والطيور باعتبارها كلها مصادر لموارد رئيسية للغذاء.
تحقيق الأمن الغذائي
وفي هذا الصدد قال رجل الأعمال عبدالعزيز العمادي بأن التقدم بمجال الصناعات الغذائية ما يزال بطيئاً، ولم يحقق النجاح المرجو منه منذ أكثر من عشر سنين، وذلك لأسباب عدة، حيث ما نزال نعتمد على نسبة كبيرة من استيراد المواد الغذائية، لافتاً إلى اقتصار دور شركتي ودام وحصاد الوحيدتين المتخصصتين بالغذاء على استيراد اللحوم والخضراوات ومواد الغذاء وبيعها.
واضاف العمادي بضرورة السعي أكثر نحو تحقيق الأمن الغذائي من خلال زرع جزء من غذائنا، وتشجيع صناعة الغذائيات، وبدلاً من استيراد الجزء الأخر الذي لا تتوافر له البيئة المناسبة في قطر بأن نستثمر في زراعته أو إنتاجه في دول تتوافر فيها البيئة المناسبة لإنتاجه أو زراعته، وبذلك نضمن عدم الارتهان للظروف السياسية أو لتقلبات أسعار الغذاء العالمية، مشيراً إلى إمكانية الاستفادة من التكنولوجيا في هذا المجال سواء أكانت في الزراعة عبر التقليل من المياه والاستفادة القصوى من مساحة الأراضي الزراعية أو البيوت الاصطناعية أو عن طريق أتمتة المصانع واعتمادها على التكنولوجيا لتحقيق أعلى إنتاجية ممكنة وبمواصفات عالمية تمكننا مستقبلاً من التصدير وبمنافسة قوية.
وأكد العمادي على الدعم الذي تقدمه الحكومة لأكثر من عشرة مواد غذائية رئيسة للناس، فضلاً عن الدعم الكامل الذي تقدمه لمادتي اللحوم والخبز ليصلا لمتناول أيدي الجميع بأسعار مناسبة، ولكن هذا لا يكفي ليستمر إلى الأبد بل لابد من تضافر جهود الجميع سواء جهات حكومية أو قطاع خاص لتنفيذ استراتيجية تضمن أن يكون ما نأكل من إنتاجنا حتى وإن كان استيرادا فسيكون من إنتاجنا عبر استثماراتنا الزراعية والصناعية الغذائية في الخارج، مشيراً في السياق نفسه إلى أن القطاع الخاص قادر على المشاركة البناءة بهذا القطاع فيما لو توافرت الشروط والمناخ المناسب لذلك، خاصة أننا دولة ليست زراعية تتوافر فيها أراض زراعية وغيرها من مقومات الإنتاج الزراعي والحيواني كالمناخ المعتدل والأمطار، ولذلك لابد من دعم الحكومة للمستثمرين بهذا القطاع، وفي مقدمتها توافر الأراضي الصناعية المهيأة بما تحتاجه الصناعات الغذائية من طرق ومياه وكهرباء، فضلاً عن المحفزات التي من الممكن للحكومة أن تقدمها في سبيل انتعاش هذه الصناعة من مثل الأسمدة أو تقنيات تكنولوجية تساعدهم على تحسين وزيادة إنتاجهم، فضلاً بضرورة الحزم من قبل الحكومة مع مالكي المزارع الذين لا يعملون فيها أو ممن حولوها إلى مساكن عمال أو غير ذلك.
وحول منح المنتج المحلي أولوية على المنتج الأجنبي فقال العمادي بأن هذا الأمر من مهمات وسائل الإعلام عبر توجيه الحكومة لتفعيل الشعور الوطني، ودعم المنتج المحلي، لافتاً إلى أن هذا الشعور موجود لدى غالبية القطريين الذين يفضلون الشراء من المنتجات المحلية لاعتبارات عدة أهمها أنه منتج محلي ومن بيئتنا الحبيبة، وكذلك لثقتنا الكبيرة بأنه مضمون مدة الإنتاج، بحيث لم يمض على إنتاجه فترة زمنية طويلة.
مقومات النجاح
ومن جانبه أكد رجل الأعمال والصناعي علي الخلف بأن الصناعات الغذائية في قطر ما تزال في مراحلها الأولى، وأن تطويرها يحتاج لثلاثة عوامل مهمة تبدأ بالاهتمام الجدي بهذا القطاع، مروراً بتوفير مستلزماته ومقوماته، وتهيئة المناخ الاستثماري الحاضن له، وأخيراً تضافر جهود الجميع لانجاحه سواء من قبل الحكومة أو القطاع الخاص، خاصة وأن الصناعات الغذائية بشكل خاص والصناعات بشكل عام تعتبر من النشاطات ذات طبيعة اقتصادية خاصة تحتاج إلى جرأة كبيرة من قبل المستثمرين وإلى مناخ استثماري ملائم من قبل الحكومة، هذا إن أخذنا بعين الاعتبار إلى أن البيئة القطرية ليست بيئة زراعية أو ثروة حيوانية، وإنما بيئة مستصلحة لهذين الأمرين، وبالتالي التكلفة الإنتاجية ستكون عالية من دون دعم الحكومة، فضلاً عن ضرورة توافر المواد الخام وبعض الإعفاءات الجمركية وتسهيلات الرخص والأيدي العاملة الماهرة ومدى توافرها في السوق المحلية، وتوافر الآلات والدعم اللوجستي لتسويق المنتجات المحلية، وأيضاً توافر المناطق والمدن الصناعية المهيأة لمثل هذه الصناعات، ما يعني عملية ومناخ متكامل من المقومات في حال توافره ينبئ بصناعة غذائية متطورة وواعدة.
وأضاف الخلف بأن الصناعات الغذائية تحتاج إلى عناية مضاعفة من قبل الحكومة والقطاع الخاص، وذلك بحكم أنها صناعة تتعلق بصحة الإنسان وسلامته، وتتطلب شروطاً ومراقبة شديدة، وبالتالي لابد من تواجد خطة واستراتيجية طموحة بهذا الجانب تحظى بدعم وتحفيز الحكومة، وتكون واضحة المعالم للمستثمرين والصناعيين لتكون المساهمة في توفير الأمن الغذائي بشكل فعال وصحيح، وليس عيباً أن نبحث في تجارب الآخرين ومن بيئات مشابهة لبيئتنا، ولمناخنا، وما الحلول التي أوجدوها لتحقيق النجاح.
وحول منافسة المنتج الأجنبي للمنتج المحلي أوضح الخلف بأن المنافسة مشروعة، ولابد من البحث أولاً عن الشروط التي تحققت لنجاح المنتجات الأجنبية في سوقنا المحلية، وهذا ما يرجعنا إلى النقطة الأولى المتمثلة بالعوامل والمقومات لتكوين صناعة غذائية متكاملة لدينا، إنتاجاً وتسويقاً وجودة عالية بتكلفة معقولة وأسعار مناسبة، مشيراً إلى تنمية فكرة تنمية وتنشئة رواد جدد في مجال الصناعة، وتحفيز هذا القطاع بمقومات نجاحه.
وأكد الخلف بأن العملية ليست تقصير من الحكومة أو القطاع الخاص، وليست توزيع اتهامات بقدر ماهي تضافر جهود بين القطاعين لتحقيق النجاح المأمول، وتوفير المناخ الاستثماري الملائم لهذه الصناعات، وإعطاء فرصة للمنتج المحلي لمنافسة المنتج الأجنبي عبر وضع دراسات علمية وأفكار وضاحة وقابلة للتطبيق، فضلاً عن عقد لقاءات بين المسؤولين ورجال الأعمال والمستثمرين للوقوف على متطلبات هذا القطاع، ومقومات نجاحه.
المناخ الاستثماري
ومن جانبه قال رجل الأعمال ناصر الدوسري بأن الصناعة الغذائية غائبة في قطر، والسبب لعدم توافر المناخ الاستثماري المناسب لمثل هذه الصناعات، فضلاً عن التحديات التي تواجه رجال الأعمال والصناعيين الراغبين بالخوض بهذا القطاع، والتي تفرضها لجان الجهات الحكومية، والتي باتت تشكل سبباً لتعقيد الإجراءات بدلاً من تسهيلها.
وأضاف الدوسري بأن رجال الأعمال بات من السهل عليهم استيراد الغذاء من الخارج، والاستفادة من الربح الذي يحققه هذا الأمر بدلاً من افتتاح مصانع غذائية وإنتاج الغذاء بشكل محلي، وذلك بسبب التعقيدات التي تواجههم بهذا المجال، ضارباً على ذلك مثالاً بتقديمه دراسة مشروع مدجنة دجاج لم يتحقق حتى الآن بسبب كثرة التحديات التي واجهها رغم لجوئه لأكثر من جهة، فمن وزارة البيئة إلى وزارة البلدية إلى وزارة الاقتصاد وكل منهم يلقي بالمسؤولية على مثل هذا المشروع على الآخر.
وأشار في السياق نفسه إلى أن بعض التجار ورجال الأعمال أيضاً لا يفكرون إلا بالربح السريع وهذا ما يجعلهم يعزفون عن الصناعة بكافة أشكالها إلا ما كان منها سريع الأرباح، وذلك على اعتبار أن مثل هذه الصناعات تحتاج إلى وقت وجهد وصبر لتحقيق الأرباح المرجوة، لكنها تشكل رافداً مهماً للاقتصاد الوطني ولبنة في سبيل تحقيق الاكتفاء الغذائي، إلا أن البعض يرغب بأن ينتج بأقل الأسعار وأن يبيع بأغلاها، وهذا ما يجعل المنافسة الخارجية قوية ولصالح المنتج الأجنبي الذي يتجه لسياسة البيع بهوامش ربح مفضلين التواجد في السوق المحلية على تحقيق أرباح مرتفعة.
ولتحقيق النجاح في الصناعات الغذائية أكد الدوسري ضرورة توفير الحوافز والتسهيلات الائتمانية والأراضي الصناعية بهدف تشجيع المستثمرين على التوسع في هذا القطاع الحيوي، فضلاً عن توجيه الاستثمار من قبل الحكومة إلى الفرص الواعدة والمتوافرة في هذا القطاع، وذلك بهدف تنويع الاستثمار وتلبية احتياجات السوق.