شهاب: البناء الأخضر يؤمّن حياة أفضل وصحة أسلم للمواطن
أيوب: تأكيد على الاستفادة من الموارد المتجدّدة كأشعة الشمس
كثرت في الآونة الأخيرة فكرة تطبيق المباني الخضر على مستوى لبنان، بعدما شرعت بها الدول المتحضرة في معالجة أساسية للتلوث البيئي الذي نتج عنه ارتفاع حرارة الأرض، ما تطلب معالجات جذرية وأهمها اعتماد معايير جديدة في استخدام الطاقة ومنها المباني الخضر.
يقول نقيب المهندسين في بيروت خالد شهاب لـ " ملحق العقارات " في المستقبل " إن العالم يشهد اليوم حماسة شديدة لتشييد الأبنية الخضر والمباني المستدامة لارتباط هذا الموضوع في التوجهات الأساسية التي تتعلق بهذه الأبنية والتي تتناول مواضيع الصحة والمياه وتصريف المياه السطحية ومواد البناء والنفايات الصلبة والانبعاثات الملوثة ورفاة الإنسان وإدارة الأوضاع السكنية، فضلاً عن الارتباط المباشر باستهلاك الطاقة، الذي يتسبب بارتفاع فاتورة الكهرباء ويقلل من الفوائد البيئية والصحية ".
أضاف : " إن تصميم المباني الخضر المستدامة وتنفيذها وتشغيلها بأساليب وتقنيات متطورة تسهم في تقليل الأثر البيئي، وفي الوقت عينه تقود إلى خفض التكاليف، وخصوصاً تلك المرتبطة بالتشغيل والصيانة، كما أنها تسهم في توفير بيئة عمرانية آمنة ومريحة. إّن هذا الموضوع أصبح حاجة في كل مكان، وتشكل نقابتا المهندسين في لبنان والشمال أول تماس بين المجتمع والواقع العمراني الذي ينشط بشكل مختلف عن كل بلدان العالم ".
وقال : " نحن المهندسون لا نرضى أن تتحول الحركة العمرانية إلى صنف تجاري جديد يؤدي إلى أرباح مالية فحسب، إنما نشد أزر المهندسين لاتخاذ أعلى درجات الحرص على التنوع العلمي الحديث في بوتقة ترعى كل عناصر الفائدة النوعية وتوفير أكبر قدر من التأثيرات السلبية على البيئة صعوداً ونزولاً، وسنستمر في تقديم الجهد اللازم لدعم كل الإدارات الرسمية والهيئات النقابية والجمعيات والمؤسسات لتعميم هذه الثقافة، وتحقيق علاقات تنمية وتعاون على نحو أفضل باتجاه التطوير. كما وأننا في اتحاد المهندسين اللبنانيين سنعمل مع وزارة الأشغال العامة والنقل والتنظيم المدني على تعديل قانون البناء لجعل المباني الخضر من ضمن التشريع وتطبيق مواصفات هذه المباني لتصبح إلزامية بعد إقرار القانون ولاتعود مسألة استنسابية أو اختيارية. و تطبيقاً لكل المعايير المتخصصة ومواكبة لكل التطورات التقنية والعلمية ومساندة لتعديل القانون المذكور ستضع نقابة المهندسين في بيروت وبإشراف خبراء متخصصين في هذا المجال الأسس لدورات تدريب متخصصة للمهندسين في مركز التدريب في النقابة لنسير قدماً في عملية التنمية والتطوير، ولنشر المعرفة التي حصل عليها المتدربون لزملاء لهم في كل المجالات المتخصّصة الجديدة، وسنعمل على التواصل مع كبريات المؤسسات والشركات العقارية اللبنانية لتسويق مواصفات الأبنية الخضر والسعي نحو تبني المفاهيم والثقافة الجديدة التي من شأنها أن تقي من التلوث والتوافق البيئي ومراعاة البعد الانساني، وهكذا فإن الحلول البيئية التي تقدمها الأبنية المستدامة الخضر تقود لتحقيق فوائد اقتصادية عدة على مستوى الفرد والمجتمع ".
ورأى شهاب " أنّ تنمية المعرفة وتبني مشروع البناء الأخضر الذي يؤمّن حياة أفضل وصحّة أسلم للمواطن عبر تحفيزه على هذا النوع من البناء الذي ينتج مردوداً مختلفاً من مصادر عدة، تحرّك العجلة الاقتصاديّة وتزيد الموارد غير المنظورة وهذا الخيار يشكل رافداً نوعياً أفضل في حال تبنّي المفهوم البيئي للعملية. من هنا نؤكّد أنّ اعتمادنا لمبدأ التنمية المستدامة من خلال استخدام تقنيات الأبنية الخضر، لا يساعد فقط في توفير الطاقة وإنما يساهم في نشر الوعي بين الناس لمدى أهمية تغيير عاداتهم تجاه البيئة، كما أنّ إقامتهم في مبان خضر تشركهم بالوعي البيئي ".
وكشف شهاب أن نقابة المهندسين في بيروت ستضع مبنى النقابة الرئيسي في بئر حسن الذي يعرف باسم " بيت المهندس "، من ضمن المباني الخضر أو ما يعرف بنظام أرز الذي أقرّه المجلس اللبناني للأبنية الخضر لنكون السبّاقين والمتقدمين لتبني هذه الثقافة وتطبيقها ليحذو من هم في هذا الوطن حذونا نحو التطبيق الصحيح حماية لبيئة جميلة ولصحة إنسان يرغب العيش بسلام.
أيوب
من جهته، يقول الخبير العقاري التقني الدولي بشارة أيوب إن " ممارسات المباني الخضر تهدف إلى الحد من الآثار البيئية للمباني، والقاعدة الأولى هي عدم البناء في الزحف بطريقة غير منظمة والكفاءة في استخدام الطاقة، وأن المباني مسؤولة عن كمية كبيرة من الأرض. وقد أصدرت وكالة الطاقة الدولية منشوراً تشير التقديرات إلى أنّ المباني الحاليّة هي المسؤولة عن أكثر من 40 في المئة من العالم إجمالي استهلاك الطاقة الأولية وعلى 24 في المئة من الانبعاثات العالميّة من ثاني أكسيد الكربون.
وأضاف أنّ المباني الخضر تجمع بين مجموعة واسعة من الممارسات والتقنيات، والمهارات اللازمة للحد منها والقضاء في نهاية المطاف إلى تأثيرات المباني على البيئة وصحة الإنسان. إنها كثيراً ما تؤكد الاستفادة من الموارد المتجددة، على سبيل المثال، استخدام أشعة الشمس من خلال الطاقة الشمسية السلبية، والطاقة الشمسية النشطة، والتقنيات الضوئية واستخدام النباتات والأشجار من خلال الأسطح الخضر وحدائق المطر، والحد من جريان مياه الأمطار. وتستخدم تقنيات أخرى عدة، مثل استخدام الخشب كمادة بناء، أو استخدام خرسانة معبأة ملموسة قابلة للاختلااق أو الحصى بدلاً من الاسفلت أو الخرسانة التقليدية لتعزيز عملية تجديد المياه الجوفية.
سركيس
وأثنى عضو جمعية الحد من أخطار الزلازل والناشط البيئي الدولي المهندس راشد سركيس الخبير الدولي على دور مجلس لبنان للأبنية الخضر، وهي جمعية لبنانيّة تحظى بدعم كبير من نقابة المهندسين في بيروت، " نرانا أمام واقع متّسع يمكن الاستفادة من إيجابيات كثيرة تساعد على النهوض البيئي والتكوين الطاقوي النظيف ".
وهكذا نبيّن في اختصار دقيق جدوى البناء الأخضر ومندرجات التوعية السليمة لبيئة أفضل وأنظف. إنّ البناء الأخضر هو نمط حياة حقيقي يساعد الإنسان على التكيف مع الواقع الجديد في محيط طبيعي يتفاعل في حضارته مع الأسس المبدئيّة الدينيّة والبيئية، فلا يستهلك من الطاقة إلا الضروري ولا يبث في الجوار آثاراً مؤذية وملوثة، وهو بناء يتضمن في مكوناته كل ما هو صديق للبيئة من حيث المواد والمفهوم والتنفيذ والاستخدام .
وقد قام عدد من المهندسين في مجلس لبنان للأبنية الخضر بوضع قسائم توجيهيّة لكلّ عمل ومهمة هندسيّة ومعايير القياس لكل نشاط لاعتمادها كمرجع صالح في مقارنة النتائج التي تتمخض عن الاستخدامات الجديدة في بناء أخضر، وهذه المعايير لها أيضاً ظلال تغطي فيه الأبنية القائمة التي يمكن اتخاذ تدابير دنيا تساعد على تحويلها إلى أبنية خضر ضمن مفاهيم معينة. يبقى دعم نقابة المهندسين أساسياً لكل عمل راق يصب في خانة التوجيه والتنبيه والتثقيف النوعي إلا أنّ النقابة لا تستطيع أن تلعب دور الدولة إنما تقوم بدورها كاملاً في مجال التأهيل المستمر للمهندسين ودعم البرامج المباشرة وغير المباشرة في كل ما يصب في خانة التحسين البيئي وتوسيع مفهوم البناء الأخضر الذي يشكل رافعة للاقتصاد الوطني على الأقل في مستويات ثلاثة نذكرها :
- إضفاء أهمية قصوى على العمل الهندسي في التصميم الذي يتحمّل مسؤوليّة كبيرة في توجيه البناء إلى الأخضر وبيان التفاوتات اللازمة في التناسق المعماري بين فتحات التهوئة والأشكال والأحجام وتوزيع الأدوار والأنماط في كل ما يؤدي إلى خلق تكامل بين ما يبنى حديثاً والمحيط.
- توجيه الخيارات في المديين القصير والمتوسط إلى استخدامات لا تضر بالبيئة المباشرة وغير المباشرة باختصار النفايات الناتجة عن عملية البناء عبر السهر والمتابعة للأعمال عن قرب، كما في اختيار المواد التي تؤمن استدامة نوعيّة للمنتج في الاستعمال الداخلي والخارجي على السواء.
- تشكيل قاعدة معلومات دقيقة لكل العناصر التشغيلية التي تراكم نتائج توفير مضاعف عبر السنين ما يجعل البناء أكثر حيوية وتفاعلاً مع المحيط البيئي والطبيعي والمناخي.
ويبقى أن نقول أنه قبل ثلاثة عقود ماضية لم يكن كل من سمع بالمباني الخضر ليفكر بأكثر من مجرد طلاء خارجي جديد أو ربما فكرة تصميم معمارية. أما اليوم فقد أصبح مفهوم " المباني الخضر أو المستدامة " الموضوع الرئيسي للتطوير. إذ بدأت كبريات شركات العقارات في سباق محموم على مستوى العالم، من لبنان إلى الصين، سعياً لتطبيق هذا المفهوم الجديد، في اقتحام لثقافة عصرية متطورة تساهم إلى حد كبير في العمل على الحد من التلوث البيئي العالمي الناتج عن الانبعاثات الصناعية وتوفير استهلاك الطاقة .