أكد المستشار خالد الحشاش رئيس المشروع الوطني لتعيين وقياس وتوطين المعرفة الانتاجية في دولة الكويت أن دولة الإمارات وبما تملكه من بنى معرفية وتقنية عالية هي الأكثر جاهزية بين الدول العربية لتطوير اقتصاد المعرفة. وقال الحشاش في حوار مع « البيان الاقتصادي» إن الإمارات لديها رؤية 2021 القائمة على اقتصاد المعرفة وهي تتجه نحو تحقيق هذه الرؤية بفضل الجهود الكبيرة التي تبذلها لتدعيم مقومات هذا الاقتصاد ومناخ الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تتمتع به الامر الذي سيعطيها ميزة كبيرة لتعظيم مزايا هذا الاقتصاد.
وأشار إلى أن دولة الإمارات هي الاكثر تطورا في صناعة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بفضل توفيرها لبيئة حاضنة وملائمة لهذا القطاع ومنظومة تشريعية وتشغيلية وتمويلية واستثمارية متقدمة وخاصة في دبي التي تتمتع بحضور عالمي كبير حيث خطت الإمارة خلال السنوات الماضية بثبات نحو تعريف دقيق للمشروعات الصغيرة والمتوسطة يعتمد على الوزن النسبي لأهمية القطاعات وأثرها في صناعة الحديث الاقتصادي وهو اتجاه متطور لباقي دول مجلس التعاون.
مؤشرات
وأشار إلى أن الإمارات احتلت مراكز متقدمة على مؤشرات مثل التنمية البشرية وهي من أوائـــل الدول العربية فيها كما أنها تحتل مراكز متقدمة في مؤشرات الابتكار والتنافسية.
ودعا الحشاش دول المجلس إلى وضع التشريعات والقوانين الناظمة لهذا القطاع الحيوي إذا ما أرادت التحول إلى اقتصاد المعرفة وتنويع القاعدة الاقتصادية وفق الصناعات والخدمات المعرفية.
وأضاف إن الدولة نظمت خلال السنوات الماضية العديد من ورش العمل الخاصة باقتصاد المعرفة ويحفل سجلها بالعديد من الانجازات في هذا المجال وخاصة المراكز المتقدمة التي احتلتها في المؤشرات العالمية المختلفة مثل مؤشرات الابتكار والتنافسية وغيرها.
وأشار الحشاش إلى أن اقتصاد المعرفة بات ضرورة وليس خيارا للدول العربية الباحثة عن تحقيق الازدهار والثروة إذا ما أرادت تعزيز تنافسيتها إقليميا وعالميا خصوصا أن المعرفة باتت اليوم سلعة لها أسواقها العالمية وهي بنفس الوقت مهنة وتجارة تلعب دورا محوريا في رفاهية الدول وتطورها حتى بالنسبة للدول التي تملك الذهب سواء الذهب الاسود وهو النفط أو الذهب الأصفر.
ودعا الحشاش الدول العربية إلى توجيه الاهتمام أكثر بنوعية وجودة التعليم في المدارس وتوجيهه نحو التعليم الإبداعي وليس الايداعي إلى جانب الابتكار والاستثمار في الموارد البشرية المحلية وتطويرها.
وقال إن اقتصاد المعرفة ورغم حداثته الا انه قديم قدم البشرية وليس منفصل عنها فهو نتاج جهد ذهني يشمل الادوات والصناعة. لكنه أخذ منحى جديدا منذ نصف قرن تقريبا من حيث تعريفه خصوصا مع الانفجار التكنولوجي الذي صبغ مختلف نواحي الحياة وخاصة الاقتصادية منها وهو مصطلح يمثل الموجة الثالثة من التحولات الاقتصادية بعد المعرفة الزراعية والمعرفة الصناعية لكنه في هذه المرة شمل مجالات متنوعة في الفيزياء والطب والهندسة وتكنلوجيا المعلومات والاتصالات والانترنت. ويمكن القول إن المعرفة باتت اليوم العنصر القيادي للعناصر الانتاجية والمصدر الحيوي لانتاج الثورة وتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية.
ضعف الاستثمار
وحول حجم الاستثمارات العربية في اقتصاد المعرفة قال الحشاش إنه وللأسف لا تتوفر مثل هذه الارقام اليوم خصوصا في ظل التباين الكبير بين مختلف الدول العربية، فالدول الخليجية مثلاً وبما تملكه من رساميل واستقرار اقتصادي خطت خطوات هامة تجاه اقتصاد المعرفة ولعل أبرز الامثلة في ذلك دول مثل الإمارات وقطر والسعودية لكن الاوضاع في دول خارج منطقة الخليج تختلف.
وعن أبرز التحــــديات التي تواجـــه العالم العربي للتوسع أو دخول اقتصاد المعرفة أوضح أن هناك تحديات عدة أمام المنطقة العربية للدخول إلى اقتصاد المعرفة أهمها تغيير أو تطوير مناهج التعليم وتحويله إلى التعليم الابداعي القائم على الابتكار وليس التعليم النظري والايداعي. كما أن خلق جيل يتفهم لغة المعرفة في المدارس وقادر على إنجاز الابحاث العلمية تعد من مظاهر تطوير التعليم. مع وجود القيادة السياسية التي تؤمن بالابتكار والتطوير والقادرة على وضع التشريعات والانظمة الخاصة بمؤسسات الدولة وتحويلها إلى مؤسسات اقتصادية وليس إدارية فقط لتسهيل الاعمال.
وأشار إلى أنه ورغم أن المنطقة العربية تعاني من قلة الانفاق على البحث العلمي والابتكار وتمثيل أكثر تجاه نمط الاستهلاك إلا أنها تمتلك الامكانات لتطوير قدراتها والتحول إلى اقتصاد المعرفة من خلال جذب المؤسسات والخبرات الاجنبية وتوجيهها نحو تطوير الكوادر والمؤسسات المحلية وتحويل المؤسسات الادارية إلى اقتصادية.
وأكد أن الدول الخليجية وبما تتمتع به من ثروات واستقرار اقتصادي وسياسي حققت إنجازات هامة في اقتصاد المعرفة بدليل تقدمها المستمر على مؤشرات عالمية عدة مثل مؤشرات الابتكار والتنافسية وغيرها موضحا أن دولة الإمارات تعد في طليعة دول المنطقة التي حققت إنجازات كبيرة على طريق تحويل اقتصادها إلى اقتصاد معرفة وهي ماضية في تحقيق رؤيتها 2021 ولديها من المبادرات والامكانات ما يؤهلها لتحقيق هذا الهدف خصوصا تقدمها المستمر في مختلف المؤشرات العالمية.
مشروعات
وحول دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تطوير اقتصاد المعرفة قال الحشاش إنه ورغم عدم وجود تعريف واضح ودقيق للمشاريع الصغيرة والمتوسطة إلا أنها تشكل محورا رئيسا نحو اقتصاد المعرفة فهي تشكل أكثر من 90 % من حجم الاقتصاد في أي دولة وبالتالي فإن الدول العربية مطالبة أكثر بتطوير هذا القطاع وتحويله إلى قطاع قائم على المعرفة. هناك أمثلة كبيرة على الشراكات التي تقيمها الشركات الكبرى مع الشركات الصغيرة والمتوسطة ومنها مثلاً شركة جنرال الكتريك التي ترتبط بشراكات مع أكثر من 20 ألف من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل سلسلة توريد هامة لها في عملياتها.
وقال إن السلعة المعرفية لا يمكن البحث عنها في باطن الارض بل هي في العقول البشرية القادرة على صناعة الحدث الانمائي والاقتصادي ما يعني التعرف على هذه العقول وتحصينها أولاً ضد الجهل وإجراء تغييرات راديكالية تدريجية في منظومة مؤسسات التعليم ونشر ثقافة الاعتماد على الذات والنظر للمعرفة بأنها ثروة قومية.
وأكد الحشاش أن تحقيق هذه الأهداف والدخول في اقتصاد المعرفة يتطلب أيضا إنشاء المخزون المعرفي والتكنولوجي في كل دولة عبر النقل والتوطين ثم الانتاج محليا لتحقيق الاكتفاء الذاتي إضافة إلى إنشاء مشروع الربط التكنولوجي والمعرفي البيني وتبادل المعرفة والمشاركة في الاحتياطيات التكنولوجية وتداول الجهود الذهنية وتعزيز الاستثمار في رأس المال البشري.
رؤية 2021
تتطلع الإمارات ووفق رؤيتها 2021 إلى مساهمة اقتصاد المعرفة بنحو 5 % في ناتجها الإجمالي خلال السنوات المقبلة.
وأشارت دراسة حديثة صادرة عن مدار للأبحاث أن الدولة تصدرت مؤشر اقتصاد المعرفة بين الدول العربية.
ويأتي التقرير ليعزز تقدم الإمارات للمركز التاسع عشر عالمياً في تقرير التنافسية العالمي (2013-2014) بين 148 اقتصاداً عالمياً، فقد حافظت للعام الثامن على التوالي، على وجودها في مرحلة «الاقتصادات القائمة على الإبداع والابتكار» والتي تعتبر أكثر مراحل تطور الاقتصادات العالمية بناء على منهجية المنتدى الاقتصادي العالمي، وهي الاقتصادات التي تمتلك مؤسسات قادرة على طرح منتجات سلعية وخدمية تستطيع المنافسة في الأسواق المحلية والإقليمية والدولية .