أكدت هيئة المستشارين التابعة لمكتب رئيس الوزراء العراقي أن الاستراتيجية الوطنية للطاقة (2013- 2030) ستحول العراق إلى "لاعب أساس" في قطاع الطاقة العالمي والصناعات البتروكيمياوية، مبينةً أن تطبيقها سيخلص اقتصاد البلاد من الاعتماد شبه الكلي على النفط ويجعله أكثر مرونة. جاء ذلك خلال حفل إطلاق الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للطاقة (2013-2030)، الذي أقيم في فندق الرشيد، وسط العاصمة ببغداد، بحضور نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني، وعدد من المسؤولين الحكوميين والمختصين والمهتمين، فضلاً عن ممثل البنك الدولي في العراق سايمون ستولب.
الغضبان: تخليص الاقتصاد من الاعتماد على النفط
وقال رئيس هيئة المستشارين، ثامر الغضبان، الذي افتتح الحفل، إن "الاستراتيجية ستتيح للعراق تصدير نحو 13 مليون برميل يومياً بعد سبع سنوات"، مشيراً إلى أن "التركيز فيها سيكون على استكمال البنى التحتية وتطوير القدرات للوصول إلى أربعة ونصف مليون برميل عام 2014 المقبل".
وأضاف الغضبان، أن "الاستراتيجية تؤمن للعراق تنويع إنتاجه النفطي لجذب أكبر عدد ممكن من الشركات العالمية"، مبيناً أن "النفط الخفيف سينتج في حقول البصرة في حين يتنج الثقيل في حقول وسط العراق".
وأوضح رئيس هيئة المستشارين، أن "زيادة إنتاج النفط وتحسين نوعيته مرتبط بتطوير القدرات الفنية للعاملين بالقطاع النفطي"، لافتاً إلى أن "خطة وزارة النفط تسعى أن لدينا فائضاً من إنتاج الغاز ليتم تصديره خارج العراق مثلما تتضمن الأسواق المحتمل أن تستورد النفط العراقي وخطوط نقله".
وذكر الغضبان، أن "العام 2015 سيشهد وفرة في إنتاج الغاز لتأمين حاجة الأسواق المحلية ومحطات الكهرباء فضلاً عن احتياطي مناسب يقارب الـ15 بالمئة يتم تصديره خارج العراق"، معرباً عن أمله أن "يكون العراق لاعباً أساساً في صناعية الأسمدة وتصديرها، وتطور صناعته البتروكيمياوية لتخليص الاقتصاد الوطني من الاعتماد على النفط فقط".
وتابع رئيس هيئة المستشارين، أن "تكاليف الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للطاقة (2013-2030)، تصل إلى 420 مليار دولار"، مستطرداً أنها "ستحقق بالمقابل إيرادات تتراوح بين خمسة إلى ستة تريليونات دولار معظمها من حصة الحكومة العراقية، بفرض أن سعر النفط سيكون خلال مدتها بحدود 110 دولار، أو أن تكون تريليوني دولار إذا انخفض سعر النفط إلى 50 دولاراً".
ومضى رئيس هيئة المستشارين في رئاسة الوزراء، ثامر الغضبان، قائلاً إن "الناتج المحلي غير النفطي سيحقق نمواً يتجاوز الـ36 بالمئة، وعشرة ملايين فرصة عمل خلال مدة الاستراتيجية أي بين عامي 2013- 2030"، مرجحاً أن "كون العراق من مصدري البتروكيمياويات العالميين عام 2018".
وواصل رئيس هيئة المستشارين، أن "الخطوة الأولى للاستراتيجية تركز على بناء القدرات وستستمر لغاية العام 2015، على أن تبدأ مرحلة التصدير من العام 2026 صعوداً"، داعياً إلى ضرورة "تطبيق خطة إصلاح شاملة لدوائر الدولة وإصدار قرارات مهمة تتعلق بالبنى التحتية لاسيما في وزارات النفط والكهرباء والصناعة والمعادن التي يرتكز عليها تطبيق الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للطاقة".
الشهرستاني: توقيع عقود عالمية لإضافة 15 ألف ميغاواط
من جهته قال نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، حسين الشهرستاني، في كلمته خلال الحفل، إن "قطاع الطاقة العراقي كان مدمراً في منظومته الاستخراجية والتصديرية والكهربائية"، مشيراً إلى أنه "يحتاج إلى إمكانيات هائلة".
وأضاف الشهرستاني، أن "الحكومة اتخذت بعد عام 2007 قراراً شجاعاً بشأن إطلاق جولات التراخيص حيث تم تنفيذ أربع جولات منها تمخضت عن توقيع 12 عقداً نفطياً ثلاثة منها غازية"، مبيناً أن "نهاية العام 2013 الحالي ستشهد إطلاق جولة التراخيص الخامسة، وبذلك يكون العراق قد حقق نجاحاً كبيراً في ابرام العقود".
وكانت آخر جولة تراخيص للشركات النفطية بالعراق، وهي الرابعة، جرت للمدة (30-31 من أيار 2013)، وشاركت فيها 47 شركة عالمية، وجرى خلالها عرض 12 رقعة استكشافية سبع منها للنفط وخمس للغاز، توزعت بين محافظات البصرة والنجف وبابل والمثنى والديوانية وذي قار ونينوى وديالى والأنبار.
ورأى نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، حسين الشهرستاني، أن ذلك كله "لا يكفي ولا بد من وضع خطة لمد أنابيب نفطية جديدة وإقامة موانئ تصدير أخرى"، كاشفاً عن أن "قدرة الموانئ وأنابيب التصدير ستبلغ العام 2014 المقبل ستة ملايين برميل يومياً.
وتابع الشهرستاني، أن "الاعتماد على الإنتاج والتصدير لا يبني خطة متكاملة لذلك تم التفكير بالصناعات التحويلية لنكون مصدرين للمواد البتروكيمياوية بدلاً من استيرادها"، مؤكداً أن "الاستراتيجية ستؤمن للعراق مكانة عالمية لاسيما في مجال الصناعات الكيمياوية والبتروكيمياوية".
وفي محور آخر من كلمته، قال نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، حسين الشهرستاني، إن "العراق وقع مذكرات تفاهم عملاقة مع عشر شركات عالمية متخصصة، فضلاً عن توقيع عقود مع شركات أخرى لإضافة 15 ألف ميكاواط من الطاقة الكهربائية إلى المنظومة الوطنية".
وكان ممثل البنك الدولي في العراق، سايمن ستول، قال في كلمته بالمناسبة، إن "البنك الدولي سيدعم العراق في تنفيذ هذه الاستراتيجية فنياً ومالياً"، مبيناً أن "الاستراتيجية عراقية وقد بذلت جهود حثيثة ومضنية لإعدادها".
وأكد ستول، أن "الاستراتيجية ستؤمن فرص عمل كبيرة للمواطنين"، لافتاً إلى أن "نجاح تطبيقها سيضمن تنويع مصادر الاقتصاد الوطني".
ورأى ممثل البنك الدولي، أن "العراق بحاجة لإصلاح مؤسساته الحكومية ضماناً لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للطاقة بنجاح"، مستطرداً كما أنه "بحاجة لزيادة إنتاجه من الطاقة الكهربائية وهو ما يمكن أن تحقق هذه الاستراتيجية".
وتم وضع الاستراتيجية على مدى ثمانية عشر شهراً بجهود من شركة (بوز اند كوباني)، تحت إشراف لجنة توجيهية أسستها هيئة المستشارين في مكتب رئيس الوزراء، وضمت مسؤولين في الحكومة العراقية يمثلون وزارات النفط والكهرباء والتخطيط والمالية والصناعة والمعادن والبيئة والموارد المائية، وعقدت هذه اللجنة أكثر من 40 ورشة عمل لمراجعة البيانات والمعطيات ذات الصلة.
وتتضمن الاستراتيجية عدة مراحل، هي التخطيط وتحليل الوضع الراهن والصياغة وتفصيل المهام والمشاريع ووضع الصيغة النهائية للتقرير، التي حددت الرؤيا المستقبلية لقطاع الطاقة وتقييم مصادرها المتاحة والبدائل الممكنة لاستثمارها.
يذكر أن نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني، ذكر في (الـ18 من كانون الأول 2012 المنصرم)، أن العراق يتطلع إلى الوصول في العام 2017 إلى طاقة إنتاجية كلية بمعدل 9- 10 مليون برميل من النفط يومياً، أظهر تقرير للوكالة الدولية للطاقة أن العراق سيصل إلى إنتاج ستة ملايين برميل نفطي في اليوم بحلول 2020، وإنه "لن يصل" إلى مستوى إنتاج ثمانية ملايين برميل باليوم إلا بحلول العام 2035.
يذكر أن وزارة النفط كشفت، في (الـ18 من كانون الثاني 2012 المنصرم)، عن خطة لزيادة إنتاجها النفطي خلال العام 2012 المنصرم ليبلغ ثلاثة ملايين و400 ألف برميل يومياً وزيادة صادراتها النفطية إلى مليونين و600 ألف برميل يومياً.
فيما اظهر مسح أعدته منظمة الدول المصدر للنفط أوبك وخبراء ومسؤولون في شركات نفطية عالمية، أن صادرات العراق والسعودية النفطية رفعت معدل صادرات النفط الشهرية للمنظمة في شباط الماضي، فيما وصف المسح العراق بأنه "أسرع المصدرين نمواً في العالم".
وتم مسح 10% فقط من مساحة العراق لترسبات الغاز والنفط فيما تقدر الاحتياطات غير المثبتة في أنحاء البلاد بما يتراوح بين 45 و215 مليار برميل نفطي، ما يخلق فرصة كبيرة للمستثمرين الدوليين الذين يسعون لدخول سوق النفط والغاز العراقي عبر جولات المناقصة التي تعلنها وزارة النفط.
ويحتاج العراق إلى استثمارات بقيمة 15-20 مليار دولار في استثمارات لإنشاء أربعة مصافي جديدة وتوسيع قطاع الطاقة.
ويعتمد العراق في موازناته المالية بشكل شبه تام على النفط وبنسبة تصل إلى أكثر من 90% حيث أعلنت الحكومة العراقية عن موازنة عام 2013 وبموازنة بلغت 138 ترليون دينار، اعتمدت من خلالها صادرات بنسبة 2.9 مليون برميل وبمعدل 90 دولارا للبرميل الواحد.
© AlMada Press 2013