رست دورة التأهيل المسبق للشركات النفطية الراغبة في العمل في لبنان، على 46 شركة، أي بمعدّل نجاح يبلغ 89%. العين اليوم على تاريخ 30 نيسان، حين تُعلن التفاصيل التقنية التي ستستند إليها الشركات الناجحة لتقديم عروضها
بعد مضي ثلاثة أعوام تقريباً على إقرار قانون الموارد البترولية رقم 132، خطا لبنان أمس خطوة إضافية باتجاه الاستفادة من موارده النفطية التي أظهر مسح 60% من المياه الإقليمية وجودها بوفرة على شكل غاز ونفط خام أيضاً. فقد أعلنت هيئة إدارة قطاع النفط مع وزير الطاقة والمياه جبران باسيل أسماء الشركات التي تأهّلت لدورة التراخيص الأولى، بعدما كانت 52 شركة من 25 بلداً قد أعربت عن رغبتها في المشاركة.
النتيجة كانت رسوب ست شركات لأسباب تتعلّق بالشروط التي حدّدتها الدولة اللبنانية، ونجاح 46 شركة، بينها 12 شركة مؤهّلة للحصول على حقّ التشغيل، و34 شركة كصاحبة حقّ غير مشغّل. الفرق بين الفئتين هو أنّ الشركات المشغّلة تكون مسؤولة عن التخطيط وتنفيذ الأعمال من التنقيب إلى الاستخراج. ولاحتواء الميول الاحتكارية ينصّ القانون على ضرورة أن تؤلّف الشركة المشغّلة كونسورتيوم يضمّ شركتين أخريين بالحدّ الأدنى، تكونان مسؤولتين مالياً وقانونياً في المجموعة الكبرى.
جاءت التصفيات بعد دراسة 52 ملفاً، كلّ منها بحجم صندوق كامل. لم تكن عملية إعداد لوائح الشروط ودراسة الملفات هينة. بعض الشركات الصغيرة التي كانت قد تقدّمت ضغطت على الهيئة على اعتبار أنّ الشركات الكبرى لن تكون مهتمّة بلبنان، وبالتالي انتقدت المعايير الصعبة الموضوعة. وحتّى القيمون على العملية فوجئوا بهذا الكم الهائل من الشركات المتحمّسة.
تفصيلياً تأهّلت أربع شركات أميركيّة، بينها «Chevron» و«ExxonMobil»، خمس شركات بريطانيّة، ثلاث شركات روسيّة وخرجت الشركة الصينية من المعادلة. واللافت هو نجاح سبع شركات عربيّة، واحدة منها اللبنانية «CC Energy»، واحدة من الكويت والباقي من الإمارات العربية المتّحدة.
بعد هذا الإعلان من المرتقب أن يُفرج المعنيون، أي الهيئة والوزارة، في 30 نيسان الجاري، عن تفاصيل نموذج العقود التي سيجري اعتمادها لجذب الشركات لتقديم عروضها للمناقصة، وعن تفاصيل البلوكات البحرية العشرة التي جرى تقسيمها في المنطقة الاقتصادية الخالصة (22 ألف كليومتر مربع) إضافة إلى آليات العمل الحالية في ظلّ غياب الحكومة، وبالتالي المراسيم والتفاصيل حول المرحلة المقبلة. تحتاج الشركات إلى تلك المعلومات مع انطلاق دورة التراخيص في الثاني من أيار المقبل، لكي تُهيئ عروضها.
اليوم ليست هناك أي مشكلة أمام استكمال العمل في غياب حكومة تُصدر المراسيم. برأي الوزير لا يزال الوقت متاحاً ومريحاً حتّى الرابع من تشرين الثاني المقبل، لإنشاء حكومة، إذ إن إصدار المراسيم حينها سيكون ضرورياً من أجل توقيع العقود مع المجموعات المهتمّة.
بالنسبة إلى نموذج العقد (Model Contract) الذي سيُطرح، يستمرّ أعضاء الهيئة في دراسة تفاصيله وشروطه «ليؤمّن أفضل المعايير للدولة اللبنانية» كما يؤكّد أحد الأعضاء. من المفترض أن تقسَّم الإيرادات بين الشركات والدولة اللبنانية وفقاً للمعايير المعتمدة عالمياً. إذا كان البلد صاحب الثروة قد كرّس نفسه في القطاع بإنتاج واحتياطات موثوق بها تصل إيراداته إلى 80% من إجمالي عائدات القطاع، أمّا في الحالة المعاكسة، فيُمكن أن تتراجع حصّته إلى 30%. «في لبنان ستُراوح حصّة الدولة بين هذين الحدّين ولا يُمكن حسمها منذ الآن» يُعلّق أحد الخبراء المطّلعين.
غير أنّ التركيز بدأ منذ الآن على فوائد القطاع في المرحلة المقبلة. «حتّى لو لم نجد البترول، وهي فرضيّة خيالية في ظلّ المسوحات الحالية، ستستفيد قوّة العمل اللبنانية من متخصصين وغير متخصصين خلال أعمال التنقيب» يُتابع الخبير نفسه.
وبالفعل، فإنّ معدّل تشغيل اليد العاملة يراوح بين ألفين وأربعة آلاف عامل للمنصة النفطية الواحدة، وفقاً للسائد عالمياً. ووفقاً للبحث الذي يجري حالياً، يُمكن أن يفرض نموذج العقد شرطاً بحجز 85% من إجمالي العمال في القطاع مستقبلاً للعمال اللبنانيين. وذلك في إطار سلّة شروط تفرض توظيف لبنانيين إلا إذا تبين عدم أهليتهم للقيام بالمهمات الفنيّة المكلفين بها. «خلال مرحلة التنقيب وحدها يُمكن أن يُطلب أكثر من ألفي مهندس لدراسة البيانات المختلفة»، يُتابع الخبير نفسه.
من هذا المنطلق يُفترض أن يبدأ تركيز البلاد على تلك الاختصاصات التي ستتوافر لها فرص عمل وفيرة بدءاً من نهاية عام 2014. ففي شباط من ذلك العام يُفترض أن يكون العقد الأوّل قد وُقّع مع كونسورتيوم لبدء التنقيب في عام 2015، وصولاً إلى الاستخراج في العام اللاحق.
اقتصاد
العدد ١٩٨٤ الجمعة ١٩ نيسان ٢٠١٣