مع قراءة هذه السطور تُباع المعلومات الخاصة بقطاع النفط والغاز اللبناني إلى الشركات المهتمّة في عاصمة النفط الأميركية ــ وإحدى أهمّ العواصم العالمية في هذا القطاع ــ هيوستن. وهي المدينة الأكبر في ولاية تكساس النفطية.
فبحسب مصادر من شركة «Spectrum» التي أنجزت أخيراً مسح نصف المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة للبنان، «تتهافت الشركات على طلب البيانات الخاصّة بلبنان بعدما بيّنت المسوحات المتقدّمة أخيراً أنّ الغاز موجود بكثرة».
إذ نتيجة المسوحات السيزمية، ثنائية وثلاثية الأبعاد التي أُنجز جزء كبير منها أخيراً «تبدو الأمور رائعة جداً بالنسبة للبنان» يُعلّق المصدر نفسه. «الشركات الآن تنتظر إطلاق جولة التراخيص الأولى لانطلاق العمل وبدء الحفر، ونأمل ألا يتأخّر إطلاق الجولة أكثر بسبب بعض التقيدات الموجودة».
فماذا يُمكن توقّعه من الثروة النفطية (ومعظمها من الغاز) انطلاقاً من البيانات التي تم التوصل إليها حتّى الآن؟
بعد مسح حوالي 50% من المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تبلغ مساحتها الإجمالية 22700 كيلومتر مربّع ــ أي أكثر من ضعف مساحة لبنان البريّة ــ تبيّن أنّ مساحة تبلغ 3 آلاف كيلو متر مربّع تحوي 12 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
وقياساً بسعر الغاز الطبيعي السائد حالياً، تكون قيمة تلك الكمية 41 مليار دولار ــ على اعتبار أنّ سعر الألف متر مكعب في السوق العالميّة هو 3.43 دولارات. وبحساب بسيط، مع افتراض أن نصف المساحة الآخر الذي لم يُمسح بعد يحوي الكمية نفسها المكتشفة جنوباً، فإنّ ثروة الغاز اللبنانية تُقدّر بضعف المبلغ المذكور أي 82 مليار دولار.
طبعاً، تبقى جميع الحسابات الآن تقريبيّة (حتّى تلك التي تُجرى في أكثر الأروقة احترافية) نظراً لتعقيدات تقدير كميات النفط والغاز قبل الحفر وخصوصاً في البحر. ولكن هذا الرقم يقترب كثيراً من الذي تحدّث عنه أمين سرّ بعثة لبنان إلى مجلس الطاقة العالمية، رودي بارودي أخيراً. فقد أشار إلى أنّ قيمة الثرورة النفطية اللبنانية تُقدّر بـ100 مليار دولار.
ومن الحسابات التقديرية الأخرى ما يُفيد بالتالي: إذا اعتمدنا قسمة العدل في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط فإنّ حصّة لبنان تكون ثلث الكميات الإجمالية المقدّرة وهي 122 تريليون قدم مكعب (والباقي موزّع بالتساوي بين إسرائيل وقبرص)، أي ما قيمته 141 مليار دولار تقريباً من إجمالي 424 مليار دولار. لكن ليس كل شيء برداً وسلاماً وآفاقاً مبهرة، فتلك الكميات موجودة على عمق 2150 متراً ما يعني أنّ عملية استخراج الغاز ستكون «صعبة ومعقّدة وتتطلّب بعض الوقت» وفقاً لما أكّده وزير الطاقة والمياه، جبران باسيل، خلال الكشف عن نتائج المسوحات التي أجرتها «Spectrum».
تبقى إشارة وحيدة، وهي أنّ الكميات التي تم اكتشافها بالمسوحات أخيراً هي في مياه خارج المنطقة المتنازع عليها كلياً مع الدولة العبرية.