حقق الاقتصاد الكلي لسلطنة عمان أداء نوعيا في العام 2012 بدليل تحويل العجز المتوقع في الموازنة العامة لفائض ضخم، فضلا عن تسجيل نمو لافت في الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى تحسن أداء سوق مسقط للأوراق المالية.
بداية، أكدت إحصاءات رسمية تم نشرها حديثا على تحويل العجز المتوقع في موازنة السنة المالية من 3.1 مليار دولار إلى فائض قدره 8.4 مليار دولار مع نهاية السنة المالية 2012. في المقابل، تم تسجيل عجز فعلي في حدود 295 مليون دولار في موازنة 2011.
يعد رقم الفائض مميزا كونه يشكل قرابة 12 في المائة قياسا للناتج المحلي الإجمالي للعام 2011. وقد تم التوصل لهذه النسبة بعد تقسيم الفائض على الرقم 71 مليار دولار كقيمة للناتج المحلي الإجمالي.
ولكن يتوقع انخفاض الأهمية النسبية لفائض الموازنة بعد نشر الأرقام النهائية للناتج المحلي الإجمالي للعام 2012 في ظل ظاهرة تعزيز النمو الاقتصادي. حديثا فقط أشارت تقارير صحفية إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8.3 في المائة في 2012، طبعا بعد طرح عامل التضخم. تؤكد نسبة النمو هذه شبه غياب شبح التضخم في الاقتصاد العماني تماما كما هو الحال مع اقتصادات بقية دول مجلس التعاون الخليجي.
لا شك استفادت الخزانة العامة من موضوع تعزيز الإنتاج النفطي بنحو 4 في المائة من قرابة 885 ألف برميل في العام 2011 إلى 918 ألفا في 2012. بل يبدو أن الأمور مرشحة لحصول زيادة إضافية في الطاقة الإنتاجية عبر توجه شركة (تنمية نقط عمان) لاستثمار 11 مليار دولار في الفترة ما بين 2013 حتى 2016 على مختلف أوجه القطاع النفطي.
المعروف أن الحكومة العمانية تمتلك غالبية أسهم شركة تنمية نفط عمان لكن مع شراكة مع مؤسسات غربية، خصوصا شركة (شيل) النفطية العملاقة. تستحوذ شركة تنمية نفط عمان على 90 في المائة من الإنتاج النفطي في السلطنة.
عموما، يأتي توجه شركة تنمية نفط عمان الرائدة في القطاع النفطي المحلي في الوقت المناسب، أي في أعقاب الانتهاء من عملية توسعة إنتاج أحد الحقول النفطية.
وكان تحالف بقيادة شركة أوكسيدنتال الأمريكية والذي يضم شركاء آخرين، بينهم مبادلة الإماراتية قد فاز في 2005 بعقد لتعزيز إنتاج حقل مخزينة من 10 آلاف برميل يوميا إلى 150 ألف برميل يوميا عبر استثمار مبلغ قدره ملياري دولار.
بالعودة للوراء، بلغ متوسط الإنتاج النفطي قرابة 710 آلاف برميل في 2007. بيد أنه حدث تعزيز مستمر لمستوى الإنتاج النفطي على خلفية تطوير حقل مخزينة كانعكاس مباشر لسياسة الانفتاح الاقتصادي في السلطنة وهي سياسة صائبة.
بل توجد أدلة إقليمية على صواب سياسة الانفتاح الاقتصادي، خصوصا بالنسبة لقطاع حيوي بحاجة للخبرات الدولية. وليس أدل على ذلك من استقطاب قطر للشركات النفطية الدولية للدخول معها في شراكة إستراتيجية لتطوير القطاع النفطي، خصوصا الغاز. وقد وصل الحال بتربع قطر عرش إنتاج الغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم بلا منازع.
عودة للنقطة الأولى في المقال، يعكس تسجيل فائض نوعي في موازنة 2012 امتدادا لتبني سلطنة عمان لسياسة مالية عامة محافظة كخيار إستراتيجي. وقد أعدت السلطات الموازنة العامة بافتراض متوسط سعر قدره 75 دولارا للبرميل.
صحيح يزيد هذا الرقم على مستوى 58 دولارا للبرميل بالنسبة لموازنة 2011 لكنه في كل الأحوال يقل عن الأرقام السائدة في الأسواق الدولية. المشهور احتفاظ الأسعار في الأسواق بمتوسط يفوق 100 دولار للبرميل.
يلعب القطاع النفطي بشقيه النفط والغاز دورا محوريا في الاقتصاد المحلي عبر مساهمته بنحو ثلاثة أرباع دخل الخزانة العامة. تتوزع النسبة ما بين 62 في المائة للنفط و13 في المائة للغاز.
© Al Sharq 2013