30 % ارتفاعاً في أسعار العقارات والأراضي عن العام الماضي
السماح بالارتفاعات في المباني يخفف الطلب على الوحدات السكنية والتجارية
ضرورة فتح مناطق جديدة للمستثمرين وتوزيع أراض جديدة لتلبية الطلب المتزايد
أكد خبراء عقاريون ورجال أعمال انتعاش السوق العقارية القطرية خلال الفترة الماضية، حيث شهدت أسعار العقارات والأراضي نشاطاً ملحوظاً منذ مطلع العام الجاري يضاف إلى رصيد هذا السوق من الازدهار والنمو خلال السنوات الماضية، مشيرين في استطلاع رأي لـ الراية الاقتصادية إلى توقعات بأن تشهد السوق نمواً مضاعفاً خلال السنوات القليلة المقبلة أكثر من 30% عما كانت عليه العام الماضي، فضلاً عن ارتفاع القيمة السعرية للعقارات بجميع أشكالها، وذلك مع الانتهاء من مشاريع البنية التحتية ومع انطلاق المشروعات الوطنية الضخمة التي تتماشى مع رؤية قطر الوطنية الشاملة 2030، خاصة وأن قطر بحسب ما يراه الخبراء العقاريون تمتلك نظاماً اقتصادياً يعد الأسرع نمواً في العالم، بالإضافة إلى أسرع معدلات النمو السكاني، وجميعها عوامل تسهم في ازدهار قطاع العقارات المحلي بمختلف صنوفه، سواء العقارات السكنية أو التجارية أو عقارات التجزئة أو الأراضي.
وأكد الخبراء العقاريون ورجال الأعمال أن هذا النمو في القطاع العقاري لم يشهد تأثراً كبيراً بموسم الإجازات الصيفية، بل كان مستقراً، وشكل فرصة مهمة للشراء مع توقعات بارتفاع أسعار العقارات مع عودة الأعمال في شهري سبتمبر وأكتوبر المقبلين.
وأضافوا بأن خطط التوسع العمراني المستمرة في الدولة مع قوانين داعمة ومحفزة للاستثمار في القطاع العقاري تجذب المزيد من الشركات المحلية والاستثمارات الأجنبية لضخ مزيد من الأموال في تنمية هذا القطاع والمساهمة في نموه وازدهاره لضمان أن العائد على هذه الأموال مجزياً في السوق العقارية المحلية، إلا أن الخبراء والمقاولون العقاريون أبدوا تخوفهم من زيادة حجم التضخم العقاري الذي تشهده السوق المحلية نتيجة الطلب المتزايد على العقارات، وتنامي طفرة جديدة من الإنشاءات والعقارات التي ستشهدها الدولة خلال السنوات القليلة المقبلة، مشيرين في هذا الصدد إلى ضرورة تدخل الدولة من خلال طرح أراض جديدة يتم استصلاحها وبنائها، مع توزيع مخططات سكنية جديدة تتضمن كل ما يلزم من بنى تحتية، فضلاً عن السماح بالبناء الشاقولي للأبنية الحالية في كثير من المناطق التي باتت تزخر بالسكان وتحوي بنية تحتية متطورة قادرة على تحمل المزيد من الوحدات السكنية والعقارية بنظام عامودي يخفف من الضغط على المناطق الجديدة، ويقلل من تكلفة البنية التحتية لكونها موجودة أصلاً في هذه المناطق.
السماح بالارتفاع الشاقولي
وفي هذا الصدد أكد الخبير العقاري خليفة المسلماني بأن أسعار العقارات ما تزال تشهد ارتفاعاً مطرداً، وهناك انتعاش ملحوظ في السوق العقارية المحلية وحركة البيع والشراء للعقارات والأراضي وإيجار العقارات السكنية والتجارية جيدة، لافتاً إلى عدم تأثير موسم الأعياد والإجازات السنوية، بل يؤكد أن أن حركة البيع والشراء وإيجار العقارات السكنية أو التجارية سارت بشكل مستقر يعكس قوة القطاع العقاري المحلي ودوره المهم في الاقتصاد الوطني في المرحلة الحالية والمقبلة.
وأشاد المسلماني بالإجراءات التي اتخذتها وزارة العدل وإدارة السجل العقاري وجميع الجهات الحكومية المعنية بالقطاع العقاري لتسهيل أعمال البيع والشراء والإيجارات في هذا المجال، موضحاً أن العمل سار في فترة الأعياد وموسم الإجازة المعتاد بشكل سلس.
وأضاف بأنه من غير الممكن التوقع لما ستؤول إليه السوق العقارية ما بعد موسم الإجازات السنوية إلا أن أسعار العقارات ترتفع من عام إلى آخر مشيرا إلى ارتفاع الأسعار بأكثر من 30% عما كانت عليه العام الماضي، وذلك فيما يخص الشقق السكنية وإيجارات الوحدات السكنية والتجارية، وما بين 40 إلى 50% فيما يخص الأراضي، وهذا ما حقق أرباحا للكثيرين ممن اشتروا سابقاً لان ما تشتريه اليوم يزيد سعره غدا في ظل الازدهار الكبير الذي تشهده الدولة في كافة المجالات وبخاصة في قطاع العقارات والإنشاءات والمشروعات الضخمة التي تبنيها الدولة والتي تنعكس بالإيجاب على الواقع العقاري المحيط بها، لافتاً إلى أن تجارة العقارات مثلها مثل اي تجارة تعتمد على العرض والطلب وكلما زاد الطلب على العقار وقل المعروض منه زاد من أسعاره.
وحول الخوف من تضخم عقاري في المستقبل أكد المسلماني أن القطاع العقاري القطري قوي وبإمكانه الثبات لفترات طويلة لكن ورغم ذلك لابد من تدخل الحكومة بإفساح المجال لأراض جديدة سكنية وخدمية تخدم على المشروعات الضخمة المزمع إنشاؤها سواء، وبالتالي تسمح بمزيد من الاستثمارات وتخفف من قوة التضخم، كذلك من الممكن لحل ارتفاع الأسعار بالسماح بالارتفاعات في المناطق السكنية الحالية والتي تسمح بالبناء بشكل شاقولي يوفر على المستثمرين والمواطنين في التكلفة وفي استغلال مساحات جديدة من الأراضي، وفي البنية التحتية التي هي متوفرة أساسا في هذه المناطق، لافتا في هذا السياق إلى وجود مناطق في الدوحة على سبيل المثال منطقة ابن عمران والمرقاب والمطار القديم تتضمن خدمات متكاملة من بنية تحتية وتواجد مؤسسات حكومية وخاصة كبيرة ومهمة وبالتالي تحتاج هذه المؤسسات لخدمات سكنية لعمالها وبالتالي فإن السماح بالبناء الشاقولي "العمودي" يوفر وحدات سكنية تلبي الحاجة وتوفر كثيرا على الدولة كما تساهم في التخفيف من زحام السير لتوافر السكن حينها بجانب عمل الناس.
توزيع أراض جديدة
ومن جانبه قال رجل الأعمال والخبير العقاري راشد العتيق بأن حركة البيع والشراء خلال الفترة الأخيرة كانت مستقرة وهادئة، وأشاد بمستوى التعاون الذي قدمه العاملون في إدارة السجل العقاري ومختلف الجهات المعنية بالسوق العقارية مع المواطنين والمستثمرين، لافتاً إلى إمكانية افتتاح فروع جديدة لإدارة السجل العقاري في بعض المناطق التي تشهده حركة عقارية كبيرة، كما طالب بتوفير مواقف للسيارات في محيط وزارة العدل وإدارة التسجيل العقاري تسهيلاً للمراجعين والمواطنين وبما يتناسب مع حجم الإقبال على هذه الجهات الرسمية.
واعتبر العتيق موسم الإجازات السنوية فرصة مناسبة لمن يرغب بالشراء، خاصة وأن العرض يكون غالبا أكثر من الطلب، وذلك للاستفادة من توقعات أخرى بزيادة الأسعار مع عودة الناس من الإجازة وانطلاق بعض المشروعات في الأشهر الثلاثة الأخيرة من هذا العام.
كما أشار في الوقت نفسه إلى أن معدلات أسعار العقارات والأراضي في السوق العقارية المحلية وصل معدلات كبيرة، فما تزال الأسعار مرتفعة، بل زادت عن الأعوام الماضية بنسب مختلفة تبعاً لمساحة العقار أو الأرض والمنطقة المتواجدة فيها، وبالتالي تحتاج هذه الأسعار إلى وقفة لضبطها خوفا من طفرة عقارية كبيرة توصلنا إلى مرحلة تضخم عقاري، لافتاً إلى أن ارتفاع أسعار العقارات أمر قد تبرره الظروف الراهنة للنشاط العمراني الكبير الذي تشهده الدولة، لكن مع ضرورة أن يتم فتح مناطق جديدة للمستثمرين، وتوزيع أراض جديدة لتلبية الطلب المتزايد على العمران والبناء، مع توسعة البنية التحتية لتشمل مناطق خارج لعاصمة الدوحة.
وأضاف العتيق بإمكانية أن تشارك الشركات العقارية الكبيرة من مثل ازدان وبروة من خلال طرح وحدات سكنية مما تقوم بإنشائه على الجمهور بأسعار مدعومة مما يلبي حاجة الناس والمحتاجين للسكن، وفي الوقت نفسه يحد من الارتفاع الكبير في أسعار العقارات، لافتاً في هذا السياق إلى مبادرة إحدى الشركات مؤخرا ببيع فلل عائلية بأسعار مناسبة حركت السوق العقارية وأثرت عليه بشكل إيجابي.
وأضاف بأنه مع تطور الخدمات في المدن والمناطق المحيطة بالدوحة كالوكرة والوكير ودخان والخور وغيرها واهتمام الحكومة بتنمية هذه المدن فرصة كبيرة ومهمة للشركات العقارية الكبيرة للاستفادة من هذه الطفرة العمرانية والعقارية التي تشهدها الدولة ولكن بشكل إيجابي يركز على الربح وخدمة البلد في آن واحد، بحيث يتم التوجه العقاري لهذه المدن بالتنمية والإنشاء والتعمير والمساهمة في التنمية الاقتصادية وأيضا تحقيق أرباح جيدة من خلال توفير وحدات سكنية تلبي حاجة الطلب الكبير الذي تشهده الدولة نتيجة زيادة عدد السكان والنمو الاقتصادي لمختلف مجالات الحياة ومتطلبات نشاط الاقتصاد الوطني.
حلول سريعة
ومن جهته أكد رجل الأعمال جابر راشد المري مدير عام مؤسسة الدانة للتجارة والمقاولات أن ما تحقق في قطر خلال السنوات العشر الماضية يعتبر قفزة عقارية تحتاج الدول لعشرات السنين لتحقيقها، لكن رافق هذه الطفرة العقارية الحميدة قفزة مماثلة في أسعار العقارات زادت عن مثيلاتها في الدول المجاورة، وهذا الأمر يستوجب الوقوف عنده والبحث عن حلول تتناسب مع هذا التطور العمراني الكبير الذي تشهده الدولة من دون التأثير على الاقتصاد الوطني خلال السنوات المقبلة.
وأوضح المري بأن أسعار العقارات السكنية والتجارية وكذلك الأراضي لم تتأثر سلباً خلال موسم الإجازات السنوية والصيفية، حيث تشهد حركة البيع والشراء هدوءاً واستقراراً في الأسعار وليس ركوداً، بل هناك حركة لكنها لم تؤثر على الأسعار بانخفاضها بل لا تزال الأسعار مرتفعة، مشيراً في هذا السياق بأهمية الإجراءات الإلكترونية التي اتبعتها إدارة التسجيل العقاري وبعض الجهات المعنية بالعقارات كوزارة العدل في معاملة التسجيل العقاري وما يتطلبه من إجراءات سهلت على المواطنين والمراجعين كثيراً، إلا أنه لفت الانتباه إلى أهمية مراجعة الأسعار المرتفعة في ظل النمو الاقتصادي، ووضع حلول عملية لعدم تضاعف هذه الارتفاعات ما يكون سبباً لتضخم عقاري.
وأكد المري بأنه واثق من قدرة الحكومة على التحكم بهذه الأسعار من خلال وضعها حلولاً تلبي متطلبات المرحلة الحالية والمقبلة، مشيراً إلى أن الاقتصاد الوطني قوي جداً ويحقق باستمرار معدلات نمو عالية تجعله قادراً على تحمل هذه الطفرة العمرانية الكبيرة التي تشهدها البلد، لكن مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الحلول السريعة من مثل فتح مناطق جديدة وخارج حدود العاصمة لتكون قبلة الاستثمار الجديد، فضلاً عن توزيع أراض جديدة، والعمل على أن يسير التطوير العقاري والنهوض العمراني للبلد مع الخطة العمرانية الشاملة التي أطلقتها الحكومة، ولذلك لابد من وجود كنترول من قبل الحكومة على هذه العملية، وتنظيمها بآليات تتناسب بمحدداتها مع الخطة العمرانية الشاملة وفي الوقت نفسه تساهم في دعم وتحفيز هذا القطاع على المدى الطويل، مشيراً أيضاً إلى ضرورة مساهمة القطاع الخاص في التوسع بمنظور التطوير العقاري باتجاه أفقي خارج منطقة الدوحة، وفتح المجال أمامه لتنمية الأراضي الجديدة وتطويرها بالشكل الأفضل، وعدم التركيز على منطقة الدوحة بل التوجه إلى مناطق جديدة كالوكير والخريطيات ومناطق الشمال وغيرها من مناطق ومدن الدولة.