تستقبل مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان شمالي العراق، لوحدها الاف الزوار والسائحين أسبوعياً، بعضهم جاء من دول أجنبية وأخرى إقليمية، والجزء الأكبر يتوافد عليها يومياً من بقية أنحاء البلاد وتحديداً من محافظات الوسط والجنوب.
ويقول سكان المدينة إنها لم تعد للأربيليين كما كانت في السابق، وإنما باتت «موطنا» لمختلف الجنسيات ولأكراد المنطقة، فضلاً عن عرب بلاد الرافدين الذين استقر الكثير منهم بصورة نهائية في «عروس» الشمال العراقي.
السواد الأعظم من الوافدين لـ«هوليّر» الاسم الكوردي لأربيل سبق لهم زيارتها في مناسبات ومواسم سياحية ماضية، في حين قلّة هم من يزورونها للمرة الأولى، وهؤلاء هم الأجانب الباحثون عن فرص للعمل والاستثمار في المدينة الواعدة التي تتطور بسرعة هائلة.
وعن هذا التواجد الأجنبي اللافت للنظر، يقول شّمال محمد، مدير مجموعة فنادق «أشبيلية» في حديث مع (الراي) «عندما تتجول في اربيل ستشاهد وتصادف أُناسا من جنسيات مختلفة بينهم الأوروبي والأفريقي والآسيوي والخليجي، ناهيك عن اخوتنا من الجزء العربي للعراق».
وأكد المدير الشاب عضو مؤسس في «رابطة الفندقة في كوردستان» أنه هناك سواح خليجيون وتحديداً من قطر والبحرين زاروا الإقليم في الموسم السياحي الذي سينتهي مع نهاية عطلة العيد الكبير.
وأشار إلى أن «شركات سياحة خليجية وعدت المجموعة بتسيير رحلات سياحية لمواطنين خليجيين في موسم الصيف المقبل، مضيفاً أن مندوبي هذه الشركات طلبوا منه بناء خيم فندقية نموذجية على سفوح الجبال وفي مناطق السياحة والاصطياف وهو ما يتم حاليا»، مشيرا إلى أنهم «ابلغونا في اجتماع عقد معهم أخيراً في أربيل، بأنهم يريدون تغيير وجهة السياح الخليجيين نحو كوردستان العراق، بدلاً من سورية ولبنان ومصر وبقية البلدان العربية التي تشهد اضطرابات.
الحضور الخليجي له معالم واضحة على ارض كوردستان، فالاستثمارات الكويتية تتصدر المشهد، وفضلاً عن مشاركة شركات كويتية في مشاريع البناء في الإقليم هناك استثمارات في مجالات النفط وغيرها، وآخر إحصائية للاستثمارات الكويتية تقول انها فاقت حدود ملياري دولار.
وطبقاً لمعلومات صاحب مجموعة فنادق اشبيلية، فإن مجمع سيتي سنتر التجاري الذي يعتبر أكبر مركز للتسوق في الإقليم تعود ملكيته لرجل أعمال كويتي، وهذا المول التسويقي له 3 فروع واحد في مدينة زاخو الحدودية مع تركيا، واثنان آخران في اربيل المحاذية لإيران.
المحاولات المحمومة من قبل السلطات الكوردية لجذب المستثمرين والسواح من منطقة الخليج تحديداً، والدول العربية والأجنبية أيضاً، تمثلت في قيام حكومة الإقليم بتقديم تسهيلات وحوافز كبيرة لأي شخص يرغب في شراء عقار في مدن كوردستان الثلاث، من بينها سرعة الحصول على فيزا الدخول وتصاريح الإقامة.
وما يشجع على الإقامة في كوردستان، توافر المنشآت الحيوية التي تُشيد على قدم وساق، وتعتبر من الشروط الأساسية للباحثين عن الاستقرار، إضافة إلى الوضع الأمني المستتب في هذا الجزء من العراق المعذب أمنياً.
غالبية الوافدين لغرض السياحة في «كوردستان الجنوبية» وهي التسمية التي تطلق على المنطقة الكوردية في العراق – يستقرون في اربيل لعدة أيام قبل الانطلاق في رحلاتهم التي يجولون فيها على مختلف قصبات المنطقة التي تتمتع بحكم فيديرالي، والساحرة بجمالها الطبيعي ومصايفها ومنتجعاتها المنتشرة على طول الإقليم وعرضه.
وأكدت رابطة الفندقة في كوردستان، أن «قطاع السياحة في الإقليم يزدهر بصورة ملحوظة خصوصاً خلال السنوات القليلة الماضية»، وهذا ما يقوله أيضا المسؤولون الحكوميون المعنيون بهذا القطاع.
ويزّيد عليهم مدير مجموعة فنادق اشبيلية، بالقول «السياحة في تطور دائم، إذ تم تخصيص مبالغ ضخمة من قبل حكومة الإقليم ستصرف على المرافق السياحية، لتتناسب واختيار اربيل عاصمة السياحة العربية العام المقبل».
وتفيد الإحصائية الرسمية المسجلة لدى الرابطة الفندقية، أن عدد الموتيلات والفنادق في كوردستان يبلغ حالياً 570 من بينها فنادق ذات ماركات عالمية، وسيصل عددها نهاية العام الحالي إلى 600 في إطار الاستعدادات لـ«الأحدث الأهم» وهو اختيار اربيل عاصمة للسياحة العربية، إضافة إلى 45 قرية سياحية مبنية على الطراز الغربي موزعة على مختلف مناطق الإقليم.
وفي إطار التحضيرات لهذا الحدث الأكبر، فان السلطات المحلية في هذا الجزء الآمن من العراق، تواظب على إقامة وتنظيم المعارض الدولية والفعاليات الفلكلورية التي تُعرف بثقافة الأكراد وخصوصيتهم القومية، إضافة إلى المهرجانات الغنائية والموسيقية.
ومع هذه المعلومات والأجواء المشجعة على الاصطياف في كوردستان الواعدة التي مازالت مجهولة للكثير من سواح المنطقة والعالم، هناك شكاوى من الغلاء وعدم مراقبة السلطات المحلية لظاهرة ارتفاع الأسعار «الجنونية»، ومثل هذه الشكاوى المتكررة وردت على لسان سكان الإقليم والسائحين على حد سواء، داعين حكومة كوردستان إلى متابعة الأمر، ووضع حد لهذه الظاهرة التي جعلت بعض السائحين العراقيين يفكرون بتغيير وجهاتهم السياحية نحو إيران وتركيا، ما لم يطرأ تحسين على موضوع الأسعار.
وتبقى الإشارة إلى أن أصحاب الجنسيتين التركية واللبنانية أكثر من تصادفهم أثناء تجوالك على مرافق الإقليم الفيديرالي السائر على ذات الطريق العمراني والاستثماري الذي انتهجته دبي في بداية مشوارها، بيد أن أكراد دول المنطقة الهاربين من جحيم الحرب والقمع والتضييق في بلدانهم، نحو نسيم الأمان والحرية المتوافر في الإقليم المترامي الأطراف، لهم حضورهم اللافت أيضا في اربيل وبقية مدن كوردستان.