كشف فهد الرشيد، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمدينة الملك عبد الله الاقتصادية، عن توقيع عقود مع أكثر من 80 من شركات الصناعية الوطنية والعالمية في الوادي الصناعي في المدينة الاقتصادية، بقيمة إجمالية تزيد على 11 مليار ريال.
وأوضح في حوار مع “الاقتصادية” ، أن ميناء مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، منذ بدء تشغيله مطلع هذا العام، نقل أكثر من نصف مليون حاوية مع استمرار أعمال التوسع، متوقعا أن يكون أحد أكبر عشرة موانئ في العالم بقدرة استيعابية تصل إلى 20 مليون حاوية سنويا.
ولفت إلى أن هناك ثماني شركات عالمية باشرت إنتاجها في المدينة الاقتصادية، بينها شركة مارس العالمية لصناعة الشوكولاتة التي دشنت مصنعها مطلع الشهر الجاري، فيما أنهت “سانوفي” الفرنسية عملاق صناعة المنتجات الصيدلانية بناء مصنعها، وسيتم افتتاحه بعد غد الأربعاء، فيما ستطلق “فايزر” كبرى شركات صناعة المنتجات الصيدلانية مصنعا لها بعد أن شارفت عمليات بنائه على الانتهاء.
وبمناسبة انعقاد منتدى سيتي كويست في المدينة الاقتصادية اليوم، أكد الرشيد مشاركة أكثر من 200 متحدث ومشارك و20 مدينة جديدة من أكثر من 35 دولة، لتقديم أهم مشاريعهم بالتعاون مع شركائهم، في مسعى لتوضيح الرؤية المستقبلية لعددٍ من مشاريع المدن الجديدة حول العالم.
فإلى تفاصيل الحوار:
بداية؛ أرجو إطلاعنا على نشاط الشركات العالمية في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، وخصوصا في الوادي الصناعي؟
تمكنت مدينة الملك عبد الله الاقتصادية من توقيع عقود مع أكثر من 80 من الشركات الصناعية الوطنية والعالمية في الوادي الصناعي بقيمة إجمالية تزيد على 11 مليار ريال، ومن هذه الشركات على سبيل المثال شركة مارس العالمية لصناعة الشوكولاتة، التي بدأت الإنتاج، وتم افتتاح مصنعها رسميا مطلع هذا الشهر، وشركة توتال الفرنسية لصناعة زيوت التشحيم التي تم افتتاح مصنعها العام الماضي، والتي وصل إنتاجها للأسواق المجاورة، وأيضا شركة بترا لصناعة أنظمة وأجهزة التبريد، وتعمل منذ أكثر من عام، ومنتجاتها تجاوزت الأسواق المحلية، ويمكن أن ترى منتجاتها في كل جنبات المدينة الاقتصادية، كما أن شركة سانوفي الفرنسية عملاق صناعة المنتجات الصيدلانية قد أنهت بناء مصنعها، وسيتم افتتاحه في العاشر من شهر كانون الأول (ديسمبر) الجاري، إضافة إلى مصنع فايزر كبرى شركات صناعة المنتجات الصيدلانية الذي شارف على الانتهاء من بنائه، ولا يفوتني أن أذكر أيضا شركات فولفو ورينو لصناعة المركبات وشركة دانون.
كيف استطاعت المدينة إقناع هؤلاء المستثمرين، إذا ما أخذنا في الحسبان أن المدينة لا تزال ناشئة، مع وجود مدن أخرى أكثر جاهزية في المنطقة؟
صحيح أن المدينة الاقتصادية في طور البدايات، لكنها تمضي قدما وبخطوات ثابتة في ظل الدعم الذي تلقاه من حكومة خادم الحرمين الشريفين، ممثلا في هيئة المدن الاقتصادية التي توفر الأنظمة والتشريعات المحفزة للاستثمار والمستثمرين، وكذلك ربط المدينة الاقتصادية بقطار الحرمين السريع، والجسر البري، وشبكة الطرق السريعة، أسهم في تسريع وتيرة التطوير، ولا أنسى أن أنوه إلى أهمية ميناء الملك عبد الله المرتبط مباشرة بالوادي الصناعي، الذي بدأ تشغيله مطلع هذا العام، حيث إنه سيكون أحد أكبر عشرة موانئ في العالم بقدرة استيعابية تصل إلى 20 مليون حاوية في العام، وذلك عند اكتمال بنائه، وأيضا البنية التحتية للوادي الصناعي، وخيارات التملك أو الإيجار التي يوفرها من الحلول الأخرى التي يبحث عنها أي مستثمر في ظل توافر خدمات السكن والخدمات والمرافق العامة.
ماذا عن مستوى التنافسية بين مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، والمدن الاقتصادية في المملكة؟
العلاقة تكاملية بين مدينة الملك عبد الله الاقتصادية والمدن الاقتصادية في المملكة، ولا يوجد هناك تنافس في حقيقة الأمر، فمدينة الملك عبد الله الاقتصادية تختلف عن باقي المدن بوجود الميناء التجاري، وكذلك المنطقة الصناعية الحيوية الموجودة في موقع بعيد تماما عن باقي المناطق، والتنمية لا بد أن تكون بشكل متوازن في عدة مناطق في المملكة.
ما صحة ما يتردد عن انسحاب بعض المستثمرين من المدينة؟
لا يوجد انسحاب لمستثمرين في مشاريع المدينة الاقتصادية، بل على العكس، المستثمرون في إقبال مستمر، ونعمل على تطوير 22 مليون متر مربع لتلبية الطلب المتزايد على الأراضي الصناعية، في المدينة الاقتصادية.
السكن، أحد أهم أكبر التحديات التي تواجه المدن الرئيسة، هل هو مبني على الطلب؟ وأين أنتم منه؟
بطبيعة الحال، إن أحد أهم عوامل نجاح المشاريع العمرانية هو توافر الحلول السكنية، وهذا ما تنبهنا له منذ البداية، فالمدينة الاقتصادية توفر حلولا سكنية مختلفة وملائمة لجميع مستويات الدخل، بدءا من سكن العمال مثل مشروع “القرية” الذي يستوعب خمسة آلاف عامل داخل الوادي الصناعي، مرورا بأحياء الشروق للدخل المنخفض، وحي الواحة للدخل المتوسط، وحي التالة جاردنز لذوي الدخل المتوسط إلى المرتفع، وانتهاءً بأحياء “البيلسان” و”الجولف” و”الشاطئ” في خيارات متنوعة لذوي الدخول المرتفعة، وهناك أيضا “بوابة الحجاز” الحي المجاور لمحطة قطار الحرمين الذي سيكون- بمشيئة الله- نقطة لجذب ملايين الزوار سنويا، ووجهة جديدة لتنظيم المؤتمرات والمعارض، إضافة إلى مراكز التسوق والمتاجر ومقار الشركات والكليات والتدريب والتدريس، والمراكز الطبية المتخصصة التي ستشغل هذه المنطقة الاستراتيجية، وللعلم فإننا الآن نطور أكثر من خمسة آلاف وحدة سكنية، سيتم الانتهاء منها خلال عامين بمشيئة الله.
وماذا عن مشروع قطار الحرمين السريع، وكم يبلغ طوله، والعدد المستهدف خدمته؟
مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، تحتضن واحدة من محطات قطار الحرمين السريع الأربع، إذ يبلغ طوله 450 كيلو مترا، وسيسهم في خفض زمن السفر بين هذه المدن بشكلٍ كبير، وسيخدم نحو 8.5 مليون نسمة يعيشون فيها وحولها، ويمكن لساكني المدينة الاقتصادية الوصول إلى مدينة جدة، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، كالتالي 24 دقيقة عن محطة مطار الملك عبد العزيز في جدة، 37 دقيقة عن محطة وسط جدة، 54 دقيقة عن محطة مكة المكرمة، 54 دقيقة عن محطة المدينة المنورة.
وبخصوص مشروع ميناء الملك عبد الله، والخطط الاستراتيجية للطاقات الاستيعابية للميناء؟
تطمح مدينة الملك عبد الله الاقتصادية ليكون ميناء الملك عبد الله أحد أكبر عشرة موانئ في العالم، حيث استطاع منذ بدء تشغيله مطلع هذا العام نقل أكثر من نصف مليون حاوية، مع استمرار أعمال التوسع التي تستهدف الوصول إلى طاقة استيعابية تصل إلى أربعة ملايين حاوية بنهاية عام 2016م، ويتضمن الميناء مقرات إدارة حرس الحدود وإدارة الجمارك، وهيئة الغذاء والدواء، بما في ذلك المختبرات ومرافق تفتيش العينات، وغيرها من الجهات الحكومية ذات العلاقة، وهو بوابة لأسواق العالم العربي، ونقطة وصول لكبريات أسواق المنطقة وهي السعودية.
ويمتد الميناء على مساحة 14 مليون متر مربع، ويعد جزءا أساسيا من منظومة النقل المتعددة والمتكاملة التي تتمتع بها المدينة، وتشمل الجسر البري السعودي، وقطار الحرمين السريع، والطرق السريعة، المخطط العام للميناء سيتضمن أكثر من 30 مسارا مائيا عميقا، بعضها بعمق 18 مترا، بطاقة استيعابية تبلغ 20 مليون حاوية سنويا عند انتهاء تطويره، ويمتلك الميناء أضخم وأفضل الرافعات في العالم، ومبنى متعدد الاستخدام يوفر خدمة بضائع الدَّحرجة، وبضائع السائبة (صلبة وسوائل)، والبضائع العامة، ولضمان أعلى مستويات التشغيل، طور الميناء نظام مجتمع الميناء الذي يخفض المعاملات الورقية، ويوفر الوقت، والمعلومات المباشرة في كل مراحل الإجراءات، ما يضمن الشفافية، والتخليص السريع في وقتٍ وجيز.
بمناسبة انعقاد منتدى سيتي كويست في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، ما أهدافه المرجوة؟
يعد منتدى “مدينة الملك عبد الله الاقتصادية – سيتي كويست” الحدث الأهم والأكبر على مستوى قادة المدن الحديثة حول العالم، الذي يسهم في تعزيز الدور الريادي للسعودية في صياغة الحوار الدولي والفكري والاقتصادي الحديث، ونحن نحرص على أن يشمل المنتدى التمثيل الوطني المشرف للمملكة من خلال مشاركة أهم المدن السعودية الحديثة التي أطلقها خادم الحرمين، مثل مدينة المعرفة الاقتصادية، ومدينة جازان الاقتصادية، ومدينتي رأس الخير ووعد الشمال، إضافة إلى مدينة الملك عبد الله الاقتصادية منظِّم ومستضيف هذا المحفل العالمي.
ومنذ أن أعلنا موعد إقامة المنتدى بعنوان “ربط المدن الجديدة”، ونحن نتواصل مع الكثير من قادة المدن الذين أبدوا رغبة كبيرة في المشاركة، وها نحن اليوم نحظى بمشاركة أكثر من 200 متحدث ومشارك و20 مدينة جديدة، من أكثر من 35 دولة لتقديم أهم مشاريعهم بالتعاون مع شركائهم، في مسعى لتوضيح الرؤية المستقبلية لعددٍ من مشاريع المدن الجديدة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات حول العالم.
ولماذا أقيم في المدينة تحديدا ؟
تنظم مدينة الملك عبد الله الاقتصادية المنتدى بالتعاون مع مؤسسة المدن الحديثة، لما تمثله المدينة الاقتصادية من أهمية كبيرة كوجهة عالمية جديدة للاستثمار ومحفز وطني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ونحن الآن أمام مدينة سعودية بدأت في استقطاب اهتمام العالم، ومدينة بمواصفات عالمية من أجل الوطن.
ما أبرز المدن الحديثة المشاركة، وأهم المتحدثين؟
يشارك في المنتدى ممثلون لعديد من المدن الجديدة في العالم، من أهمها: مدينة غوجارات تك سيتي المالية العالمية في الهند، مدينة لافاسا في الهند، ياتشاي مدينة المعرفة في الإكوادور، هافن سيتي هامبورج في ألمانيا، مدينة إسكندر في ماليزيا، مدينة كابول الجديدة في أفغانستان، مدينة محمد السادس الخضراء في المغرب، مدينة ماغزان في المغرب، مدينة تاينجن الاقتصادية في الصين، مدينة كلارك جرين في الفلبين، مدينة ميناء كولومبو في سيريلانكا، مدينة روابي في فلسطين.
ومن السعودية، كل من مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، مدينة المعرفة الاقتصادية في المدينة المنورة، مدينة جازان الاقتصادية، مدينة حائل الاقتصادية، ورأس الخير ووعد الشمال ومدينة المملكة.
وماذا عن لائحة متحدثي المنتدى؟
لائحة المتحدثين تعتبر طويلة، أذكر منها- على سبيل المثال لا الحصر- الدكتور جبارة الصريصري وزير النقل، الدكتور شويش الضويحي وزير الإسكان، المهندس عبد اللطيف العثمان محافظ الهيئة العامة للاستثمار ورئيس مجلس إدارة هيئة المدن الاقتصادية، محمد العبار رئيس مجلس إدارة شركة إعمار، لوتز بيرتلينغ الرئيس والرئيس التنفيذي لشركة بومبارديير للنقل، دانييل ليبيسكند المؤسس والشريك في شركة Studio Daniel Libeskind، بول رومر بروفيسور علم الاقتصاد ومدير مشروع التطوير الحضري في كلية Stern لإدارة الأعمال في جامعة نيويورك، تشارلز مونتوغومري، مؤلف كتاب Happy City “المدينة السعيدة”، ويم إيلفرينك نائب الرئيس التنفيذي لحلول المصانع ومدير عمليات العولمة في شركة سيسكو، وأندي سيرور مدير التحرير السابق في مجلة فورتشن “Fortune”.
ما الذي تنتظرونه من هذا المنتدى؟
سيكون منتدى هذا العام فرصة للمشاركين من أجل الوصول إلى أحدث ما توصلت إليه التجارب العالمية، وخصوصا في مجال ربط الأسواق والشركات والمجتمعات بالنطاق الداخلي والعالم الخارجي على حد سواء من النقل والخدمات اللوجستية للمدن الجديدة حول العالم. ولعمل ذلك، فإن المنتدى سيطلق عددا من المبادرات المهمة، تتمثل في مبادرة “مجموعة العمل الاستراتيجي” التي تجمع المفكرين ورواد الأعمال والممثلين الرسميين لمجموعة من المدن الجديدة العالمية، وسيعمل أعضاؤها على زيارة عدة مدن اعتمدت في نموها الاقتصادي على الموانئ والخدمات اللوجستية، وبالتالي عقد اجتماعات ولقاءات للحصول على فهمٍ أفضل لتلك المشاريع وتقييمها والاستفادة من الحلول التي تقدمها، وتهدف “مجموعة العمل الاستراتيجي” بشكل رئيس إلى حشد المعرفة والتعرف عل أفضل الممارسات التي تعتمدها المشاريع العمرانية الكبرى، أما المبادرة الثانية فتتمثل في مشاركة الخريجين الثلاثة لبرنامج المدينة الاقتصادية الدولي لتمكين الخريجين (Impact) الذين تم اختيارهم، كجزء من فعاليات منتدى “سيتي كويست”، الذي يقدم فرصا مميزة لأفضل الخريجين الدوليين للحصول على الخبرة والمعرفة على أرض الواقع بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية، إضافة إلى البرنامج التدريبي للخريجين السعوديين والسعوديات الذي ضم أكثر من 30 خريجا.