قالت شركة كامكو للاستثمار إن السعودية لديها الحيز المالي الكافي، الذي يتيح لها تدبر شؤونها، فضلا عن حرصها على تقييم الخيارات المتاحة أمامها لتحقيق أهدافها، المتمثلة في تنويع مصادر دخلها، وعدم الاعتماد على النفط، باعتباره المصدر الوحيد لإيراداتها.
وتقدر شركة ماكنزي العالمية للاستشارات أن تتجاوز الأصول المالية وغير المالية للسعودية تريليون دولار، باستثناء الاحتياطيات النفطية، مما يجعلها من وجهة نظر «كامكو» مصدرا جيدا للتمويل، يؤدي إلى إنعاش الاقتصاد غير النفطي. إضافة إلى ذلك، تشير التقارير الى أن البلاد تعمل على تقييم خيارات التخارج من المؤسسات المملوكة للدولة مثل شركة أرامكو، بهدف سد الفجوة في الإنفاق المالي.
ومن جهة الإيرادات المالية، أعادت السعودية النظر في مبادرات أخرى تتعلق بالضرائب والرسوم، حيث تدرس المملكة تطبيق نظام ضريبة القيمة المضافة. ومن بين المبادرات التي طبقتها السعودية بالفعل رفع أسعار منتجات البترول بنسبة 50 في المئة، والسعي إلى رفع أسعار المرافق الخدماتية، مثل الكهرباء، والمياه، والصرف الصحي، وغيرها. ومن ناحية قطاع العقار، أقر مجلس الشورى في نوفمبر 2015 قانونا بفرض ضريبة سنوية بنسبة 2.5 في المئة على الأراضي غير المطورة داخل المناطق الحضرية.
وتوقع التقرير أن تحذو بقية دول الخليج حذو المملكة العربية السعودية، بالمبادرة في ترشيد الإنفاق الرأسمالي، وإعطاء الأولوية لمشاريع البنية الأساسية، والتعجيل بتنفيذ المبادرات الرامية إلى تنويع اقتصاداتها.
تقرير صندوق النقد الدولي
وتناولت «كامكو» تقرير صندوق النقد الدولي تقديراته للنمو الاقتصادي العالمي في تقريره الأخير حول آفاق الاقتصاد العالمي، الصادر في يناير 2016، بعد خفضها ثلاث مرات في عام 2015. وقد خفض الصندوق توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي، وإن كان بمعدل هامشي بلغ 20 نقطة أساس لعامي 2016 و2017، كما قدر معدل النمو الحالي بنحو 3.4 في المئة لعام 2016، و3.6 في المئة لعام 2017.
وبقي معدل نمو إجمالي الناتج المحلي العالمي ضئيلا في عام 2015، حيث بلغ 3.1 في المئة، وعزى التقرير النمو المنخفض في عام 2015 بصفة أساسية إلى انخفاض معدل النمو المسجل في الاقتصادات الصاعدة والنامية، حيث انخفضت تقديرات النمو للعام الخامس على التوالي. وتراجعت معدلات النمو في الأسواق الصاعدة والنامية، التي تشكل أكثر من ثلثي حجم النمو العالمي، بواقع 60 نقطة أساس بالمقارنة بمستواها في العام السابق، لتصل إلى نسبة 4.0 في المئة في عام 2015. ويرجح صندوق النقد الدولي أن يشكل تباطؤ النشاط الاقتصادي في الصين واستعادته للتوازن، وانخفاض أسعار السلع الأولية ومنتجات الطاقة الموضوعات الأساسية، التي ستؤثر على توقعات النمو لعامي 2016 و2017.
وأضافت «كامكو» أن صندوق النقد خفض توقعات النمو الاقتصادي في السعودية لعامي 2016 و2017، بمقدار 100 نقطة أساس، حيث قدر الصندوق أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي في المملكة العربية السعودية 2.5 في المئة في عام 2015. كما توقع أن ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عامي 2016 و2017 بنسب 1.2 في المئة و1.9 بالمئة على التوالي، ثم عدل توقعاته لكل منهما بانخفاض مقداره 100 نقطة أساس، مقارنة بتوقعات أكتوبر 2015، حيث أرجع السبب في ذلك إلى انخفاض الإيرادات النفطية التي يتوقع أن تتأثر بها الدول المصدرة للنفط.
وتعتقد «كامكو» أن الفرصة مازالت سانحة أمام السعودية، لكي تنفذ خطط التنويع الاقتصادي على المدى المتوسط، وتنويع مصادر إيراداتها من دون الاعتماد على النفط على المدى البعيد. ويوجد العديد من الطرق لتمويل هذه المشاريع، ومن وجهة نظرها إذا تم دمج هذه الطرق جيدا فإنها ستصلح من النموذج الحالي المعتمد بشكل كبير على الإيرادات النفطية والإنفاق الحكومي.
ومن بين الخيارات التي تدرسها السعودية بتمعن: الاستغلال الأمثل للاحتياطيات النفطية، والإنفاق الحكومي، وخيارات التخارج من المؤسسات المملوكة للبلاد، وخفض الدعم المقدم للمرافق الخدماتية وتحقيق المزيد من الإيرادات، عن طريق فرض الضرائب سواء كانت ضريبة القيمة المضافة أو ضرائب على سلع معينة، أو فرض رسوم على الأراضي الفضاء.
كما خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو إجمالي الناتج الإجمالي الحقيقي للسعودية، بواقع 100 نقطة أساس في 2016 و2017، كما توقع أن تنخفض أسعار النفط بنحو 17.6 دولارا للبرميل في عام 2016 من المتوسط المسجل في عام 2015، عند 50.9 دولارا للبرميل. إضافة إلى ذلك، يتوقع الصندوق أن تتعافى أسعار النفط جزئيا لترتفع بواقع 14.9 دولاراً للبرميل في عام 2017، كما ذكر التقرير أن المخاوف من انخفاض أسعار النفط والمخاطر الجيوسياسية مازالت تحيط بآفاق النمو في منطقة الشرق الأوسط.