تتتمع الشركات الآسيويّة بوزن كبير في سلّة دورة التأهيل لقطاع النفط. 24 شركة من 12 بلداً، بينها لبنان، قدّمت أوراقها أملاً بالبقاء للمرحلة المقبلة. مرحلة لن تكون نزهة لتلك الشركات وللبلد المضيف على حدّ سواء
تتنوّع التقديرات حول حجم ثروة لبنان الكامنة في مياهه الإقليمية، لكنها كلّها تُجمع على وفرتها. أحد المؤشرات هو أنّه في مكمن واحد هناك تقديرات بوجود ضعف الغاز الذي اكتشفته إسرائيل في حقل «تامار» وبدأت ضخّه مطلع نيسان 2013. يُمكن القول إنّه بالحدّ الأدنى، يُتوقّع أن تُنتج البلاد 90 ألف برميل نفط يومياً لفترة 20 عاماً. كذلك من المتوقّع أن تقارب ثورته من الغاز الطبيعي 25 تريليون قدم مكعب.
هذه البيانات تُغري الشركات العالميّة من دون أدنى شك، بدليل توافدها إلى دورة التأهيل تحضيراً للعمل الجدي في المرحلة اللاحقة . بيد أنّ المراحل الصعبة لم تبدأ بعد. فبعد الإعلان عن أسماء الشركات المؤهّلة الخميس المقبل وتحضير دفتر الشروط، تبدأ تلك الشركات بدراسة المعطيات المختلفة، من التحالفات وصولاً إلى وضع لبنان على مختلف الأصعدة، لكي تتوصّل المجموعات المشكّلة إلى تقديم عرض في مناقصة تُمهدّ لتوقيع عقد قبل حلول ربيع 2014.
لكن لكي يحصل هذا الأمر يجب أن تكون هناك حكومة فاعلة لتُصدر المراسيم المناسبة وتُطلق شرارة العمل الفعلي بالتنقيب في عام 2015 لبدء الاستخراج.
على أي حال، من بين الشركات الـ52 التي تقدّمت لجولة التأهيل، هناك 14 شركة مشغّلة فقط. هي التي تتمتع بالخبرة الطويلة في مجال التنقيب والاستخراج ولكن الأهمّ تتمع بالتكنولوجيا اللازمة للوصول إلى الموارد في بيئات مختلفة.
تُفيد التوقّعات حالياً بأنّ عدد الشركات التي ستتأهّل لن يتجاوز 20 أو 25 شركة على الأرجح. بينها معظم المشغلين الذين سيُضطرون إلى إنشاء تحالفات مع الشركات الأصغر لتشكيل كونسورتيوم. وقد بدأت تلك التحالفات تظهر فعلاً. فشركة «ExxonMobil» الأميركية حدّدت على ما يبدو الخطوط العريضة لتحالف مع إحدى الشركات الروسية الكبرى المتقدّمة. كذلك أعلنت شركة «Fidai» للاستشارات القانونية في عالم المال والأعمال، أنّ الشركتين الفرنسيّتين «Total» و«GDF Suez» أعربتا لإيران ــ وتحديداً شركتها الوطنية لاستخراج النفط (National Iranian Drilling Company) والتي تقدّمت إلى دورة التأهيل ــ عن استعدادهما للعمل معها في التنقيب عن النفط والغاز في لبنان.
وفي الواقع، تقوم الشركات المشغّلة (Operators) بحسابات كثيرة لدى تشكيل الكونسورتيوم، لكي تأخذ تحت جناحها شركات أخرى صغيرة. إليكم مقاربة سريعة: المكافآت التي يحصل الرؤساء التنفيذيّون للشركات الكبرى التي تقدمت للعمل في لبنان ترتبط بسعر سهم شركتهم في البورصات، يشرح المتخصّص في شؤون النفط والغاز، عبّود زهر. فأي مشكلة في الإنتاج أو في تركيبة الشراكات تُعرّض السهم إلى مخاطر جمّة؛ ويُمكننا هنا استذكار ما حصل مع شركة «BP» في قضية التسرّب النفطي في خليج المكسيك.
«ستعمد لجان تقويم المخاطر في تلك الشركات إلى مقارنة الأرباح الصافية المتوقّع تحقيقها مع المخاطر المحتملة» يُعلّق زهر الذي عمل في القطاع في الخليج العربي لفترة طويلة. يُمكن أن تكون المخاطر أمنية سياسية أو حتّى إدارية (معدلات الفساد مثلاً) ولكن يُمكن أن تكون أيضاً تعثّر الشركات غير المشغّلة التي تدخل في الكونسورتيوم. لذا، برأي هذا الاختصاصي، تكمن الصعوبة حالياً في تأهيل الشركات غير المشغّلة التي ستكون شريكة في المال وفي المخاطر في إطار الكونسورتيوم الذي تشارك فيه.
وبعدما استعرضنا خلال الحلقتين السابقتين الشركات القادمة من القارّة الأميركية ومن أوروبا وروسيا، تبقى الشركات الآسيوية التي يبلغ عددها 24 شركة من 12 بلداً..
لعلّ الإشارة الأبرز في هذا المجال هي للشركة اللبنانية «CC Energy» وهي تابعة لشركة «CCC» (شركة المقاولين المتحدين) التي أسسها في منتصف القرن الماضي ثلاثة رجال أعمال هم كامل عبد الرحمن، حسيب صبّاغ وسعيد خوري لتُصبح إحدى أولى الشركات في قطاع البناء على مستوى العالم العربي. اليوم تتألّف الشركة من أكثر من ثمانين جنسية وتعمل في عدد كبير من البلدان من آسيا الوسطى إلى أفريقيا.
عربياً أيضاً من اللافت حضور ست شركات من الإمارات العربية المتّحدة، هذا البلد التي يتمتع بثاني أكبر اقتصاد عربي ولديه خبرة عريقة في قطاع النفط. تلك الشركات هي: «Crescent/Apex Gas» و«Crescent Petroleum» و«Dana Gas» و«Dragon Oil» و«MOISS» إضافة إلى شركة «مبادلة» التي يُمكن الاطلاع على تفاصيلها في الأسفل.
كذلك يُرصد عربياً حضور شركة «KUFPEC» الكويتية».
ولكي نستعرض الشركات الباقية سنبتعد قليلاً عن الشرق الأوسط، وعن القارّة القارّة الآسيوية كلياً لنصل إلى أستراليا التي تحضر منها شركة «Santos» التي تُعدّ رائدة قطاع الطاقة في القارة منذ منتصف القرن الماضي. تزود هذه الشركة الأسواق الأسترالية والآسيوية وقد طوّرت العديد من مشاريع النفط والغاز في بلادها وتنشط في الإقليم الشمالي من البلاد.
وليس بعيداً من أستراليا، وتحديداً من كوريا الجنوبية، تقدّمت شركتان: الأولى هي «KNOC» أما الشركة الثانية فهي «KOGAS»، التي أسستها الحكومة عام 1983، ومنذ تأسيسها كبرت لتُصبح أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم. يعمل فيها 3062 شخصاً، وتبلغ أصولها الإجمالية 28.2 مليار دولار. في عام 2011، حقّقت إيرادات تشغيلية بلغت 25.2 مليار دولار، وربحت 154.6 مليون دولار.
من اليابان تقدّمت أربع شركات. أوّلاً، شركة «Inpex» وهي شركة عالميّة في مجال الاستكشاف والإنتاج. تُشغّل أكثر من 70 مشروعاً في 27 بلداً. هي من بين أكبر 50 شركة طاقة عالميّة بحسب معيار القيمة السوقية.
ثانياً، «Mitsui» التي تُعدّ أحد أكبر التكتلات في اليابان. تأسست عام 1883. تصل موجوداتها إلى 90 مليار دولار وفي عام 2012 بلغت إيراداتها 52.5 مليار دولار.
ثالثاً، «JX Nippon»، التي تُعدّ حديثة الولادة حيث تأسست عام 2010. لديها عمليات في ماليزيا، المملكة المتّحدة، فييتنام والشرق الأوسط. تُنتج 120 ألف برميل يومياً، وتُعدّ المورّد الأول للمنتجات البترولية في بلادها.
رابعاً، «Japex». التي تُنقّب عن النفط والغاز الطبيعي في اليابان ــ وتحديداً هوكايدو، اكيتا، ياماغاتا ونيغاتا – في والخارج تنشط الشركة في
كندا وإندونيسيا والعراق ومناطق أخرى.
ومن امبراطورية الشمس إلى بلاد أتاتورك، حيث تقدّمت شركة النفط الوطنية التركية، «TPAO» التي تأسست عام 1954، وتعد واحدة من الشركات الصناعية الأكثر أهمية في تركيا.
عودةً إلى الشرق، وتحديداً إلى شركة «Petronas» الماليزية التي تشارك في الأنشطة التجارية للغاز الطبيعي المسال والطاقة في بلادها وفي أوروبا عموماً. حالياً تحظى الشركة بحصّة كبيرة من سوق الغاز الطبيعي المسال في الشرق الأقصى. وخلال السنوات حافظت على مكانتها السوقية بصفتها مورّد جدير بالثقة للغاز المسال. ومن إنشاء أول محطة للغاز الطبيعي المسال عالمياً عام 1983، تولّت هذه الشركة أكثر من 7 آلاف شحنة.
إلى الهند التي تقدّمت منها شركة «ONGC» التي تُعدّ فريدة من نوعها في العالم لناحية تقنيات تشغيل المنشآت البحرية والبرية والمصافي المثبتة بشهادات معترف بها عالميا.
وإضافة إلى هذه الشركات هناك: «CNOOCIG» من الصين؛ «CAIRN» من الهند؛ «PTTEP» التايلاندية.