يسعى العراق الذي يملك إحتياطياً نفطياً هائلاً يقدّر بأكثر من 143 مليار برميل إلى زيادة إنتاجه من النفط الخام في السنوات القادمة لكي يصبح إحدى أكبر الدول المنتجة والمصدرة للبترول في المنطقة.
وينوي العراق تنفيذ خطط عملية لزيادة الإنتاج الذي يبلغ حاليا 3.25 مليون برميل يومياً، بعد أن كان أقل من مليون برميل بعد الحرب التي قادتها الولايات الامريكية ضد العراق في عام 2003 .حيث بدأ يفكر بكيفية استعادة موقعه العالمي بإنتاج النفط، من خلال وضع الخطط الإستراتيجية واستثمار الإمكانيات البشرية والطاقات الفنية، فضلاً عن الاستعانة بخبرات الشركات العالمية المتخصصة بتطوير الحقول النفطية في مختلف الأراضي العراقية.
وكان العراق ينتج في نهاية سبعينات القرن الماضي أكثر من (3,7) ملايين برميل يومياً، ولكن بسبب الحروب والظروف الوخيمة التي عصفت بالبلد في فترة الثمانينات والتسعينات حتى عام 2003 ، تراجع الإنتاج النفطي حتى وصل الى اقل من (500) ألف برميل يومياً. وبعد تغيير نظام الحكم في العراق عام 2003 تصاعد الإنتاج النفطي وبشكل تدريجي لاسيما بعد الاعلان عن جولات التراخيص الاولى والثانية عام 2009 الخاصة بتطوير الحقول النفطية العملاقة في العراق.
ووقع العراق خلال العام 2010 عقودا عدة مع شركات عالمية لتطوير بعض حقوله النفطية ضمن جولتي التراخيص الأولى والثانية للتوصل إلى إنتاج ما لا يقل عن 11 مليون برميل يومياً في غضون ستة سنوات منذ إبرام العقد، و12 مليون برميل يومياً، بعد إضافة الكميات المنتجة من الحقول الأخرى بالجهد الوطني. وبدأت الزيادة الفعلية بالإنتاج عام 2010-2011 حيث وصل معدل الإنتاج اليومي الى (2,6) مليون برميل يومياً، بينما في عام 2012 تجاوز (3) ملايين برميل لأول مرة ليصبح ثاني اكبر منتجي النفط في أوبك بعد السعودية متجاوزاً إيران.
المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط عاصم جهاد أكد: ان خطة وزارة النفط الحالية تهدف لزيادة الانتاج النفطي من خلال إبرام العقود مع كبريات الشركات العالمية ضمن جولات التراخيص الاولى والثانية، مبيناً ان كل شركة بالتعاون مع الملاكات الوطنية وضعت خطط لتطوير الحقول التي تعمل بها، وتتكون خططها من ثلاثة مراحل (قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى). وقال جهاد: هناك شرط في العقد المبرم مع الشركات بان كل شركة ملزمة بتحقيق زيادة في الانتاج بنسبة (10%) خلال ثلاث سنوات، مؤكداً ان بعض الشركات اختزلت المدة بأقل من ثلاث سنوات وحققت الزيادة المؤكدة في نهاية عام 2012 والذي تجاوز الانتاج (3,2) ملايين برميل/يوم، وتجاوز الصادرات (2,6) مليون برميل/يوم. وأضاف: ان خطة وزارة النفط لعام 2013 تكمن بإضافة (300) الف برميل للصادرات بحيث يكون معدل الانتاج (3,7) ملايين برميل يومياً، ومعدل الصادرات تبلغ (2,9) مليون برميل يومياً. وأوضح: ان هناك زيادة تدريجية في معدل الانتاج خلال السنوات الخمس القادمة وفق دراسة تفصيلية وضعتها الوزارة لواقع الأسواق العالمية واحتياجاتها من النفط ليتمكن العراق من الوصول الى معدلات عالية ومقبولة من الانتاج، كي يكون الانتاج ملائماً لحاجة العالم من النفط. وأشار الى: ان الزيادة ستكون بإضافة (200- 300) الف برميل كمعدل يومياً في السنة الواحدة، حتى يصبح معدل الانتاج يتراوح بين (6- 7) ملايين برميل نفط يومياً في عام 2017 ، وهذا هو الهدف المخطط له من قبل الوزارة.
وذكر جهاد: ان عملية الزيادة في الانتاج لا تتركز على حقل معين دون آخر وإنما جميع الحقول النفطية التي عرضت ضمن جولات التراخيص هي حقول كبيرة ومعول عليها، كحقل مجنون والرميلة وغرب القرنة في البصرة فضلاً عن الحقول الأخرى الموجودة في ميسان والناصرية. وبين: ان عملية رفع مستوى الطاقتين الإنتاجية والتصديرية للنفط الخام لابد ان ترافقه مجموعة من العمليات لتحقيقها كإعادة تأهيل البنى التحتية الخاصة بالقطاع النفطي، حيث اتخذت وزارة النفط عدة خطوات بهذا المجال منها زيادة الطاقة التصديرية والخزنية في المرافئ الجنوبية والتي شملت مخططها إنشاء أكثر من (18) خزان بسعات كبيرة تزيد عن (300) الف برميل يومياً.وتابع: بالإضافة الى افتتاح أربع خزانات جديدة والميناء العائم الثاني بسعة تحميل تصل (800) الف برميل يومياً، بالتالي هذه أعطت مرونة عالية بعملية الصادرات النفطية لأنها تستوعب تصدير أكثر من (6) ملايين برميل يومياً، فضلاً عن إنشاء أنابيب جديدة تربط الحقول النفطية بمحطاتها الضخمة ومنها الى الموانئ التصديرية.
وأردف: كذلك تم الاتفاق مع الجانب الأردني لمد أنابيب نفطية الى ميناء العقبة لتجهيز المملكة الأردنية بالنفط وتصدير المتبقي منه الى موانئ البحر الأبيض المتوسط، وهذا ما سيعزز المنافذ التصديرية للنفط. وقد اتفق العراق مع الأردن على مد أنبوب نفطي يمتد من حقول البصرة الى ميناء العقبة بعد زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى المملكة الهاشمية نهاية العام الماضي، وأكد المالكي على تزويد المملكة بأكثر من مليون برميل نفط يومياً بعد انجاز الأنبوب. وأعلنت السفارة العراقية في الأردن الشهر الماضي، ان الاتفاقية بين العراق والأردن لمد أنبوب للنفط دخلت حيز التنفيذ، مرجحة ان تكون مدة الانجاز تتراوح ما بين 24 ـ 36 شهراً.
وتوقع مدير التصاميم في شركة المشاريع النفطية العراقية جمال فالح: انجاز الدراسات الفنية والتصاميم الخاصة بأنبوب النفط العراقي «البصرة- العقبة» الذي تقوم بها إحدى الشركات الكندية خلال ثلاثة اشهر مقبلة الا انه لم يعط موعدا محددا لطرح العطاء. وأوضح فالح: ان الجزء الثاني من الأنبوب سيحمل حوالي مليون برميل نفط يوميا سيتم تصديرها عبر ميناء العقبة، لافتا» الى ان العراق سيقوم بإنشاء محطات لتخزين النفط تتزامن مع المرحلة الاولى من المشروع، خاصة ان التوقعات تشير الى ان إنتاج العراق من النفط قد يصل الى حوالي 9 ملايين برميل في اليوم بحلول عام 2017. وتابع ان الجزء الاول من الأنبوب الممتد من البصرة حتى مدينة حديثة سينقل حوالي 2,25 مليون برميل نفط يوميا بقطر 56 أنش فيما سيتم إنشاء مستودع لتخزين النفط بسعة 16 مليون برميل من خلال إقامة عشرات الخزانات العملاقة، فيما سيقام أخر في حديثة بسعة 12 مليون برميل من النفط.
يذكر أن العراق يصدر نفطه من ميناءي البصرة وخور العمية في البصرة، الذي تقدر الكميات المصدرة عبره بحدود مليونين برميل/يوم، ومن ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، تقدر صادراته (600) الف برميل/يوم، وبالشاحنات الحوضية إلى الأردن، التي تصل بحدود (30) الف برميل، وتبلغ نسبة الصادرات العراقية من نفط البصرة نحو 85%، في حين تصدر النسبة المتبقية من نفط كركوك، وينتج العراق حاليا نحو أكثر من (3) ملايين يوميا، ويصدر منها (2,6) مليون برميل يوميا، إلى قرابة الـ25 شركة عالمية. وقال تقرير وكالة الطاقة الدولية، ان العراق يملك 143 مليار برميل من احتياطات النفط المؤكدة كما تم تحديد 200 مليار برميل غيرها من الممكن استخراجها. وبناءً على خطط تطوير النفط الحالية، سيتصدر العراق قوى النفط العظمى القادرة على التأثير على الأسواق العالمية مشيرا الى ان ثلثي احتياطات النفط والغاز موجود في الجنوب و الثلث الأخر في الشمال.