تتسم البنوك الاسلامية في الكويت بالأداء المتميز والإقبال الشديد عليها، مما جعلها تتفوق بجدارة على البنوك التقليدية إلى الحد الذي جعل هذه الأخيرة تنشىء فروعا خاصة بالمعاملات الإسلامية لاستقطاب العملاء، ومن المعروف أن عمل البنوك الاسلامية يقوم على المبادىء المستمدة من الشريعة الإسلامية بخاصة مبدأ المضاربة وهو المشاركة في الربح والخسارة بين البنك والعميل، وليس على تعظيم الفرق بين أسعار الفائدة الدائنة والمدينة كما هو الحال في البنوك التقليدية.
وقد اتضح خلال الأزمة المالية العالمية مدى قوة البنوك أو المصارف الإسلامية كحل بديل للأزمة التي أدت إلى إفلاس العديد من البنوك التقليدية والشركات في أمريكا وغيرها من دول العالم، في حين تجاوزت البنوك والمصارف الاسلامية الأزمة لأنها تؤدي إلى إنتاج حقيقي وليس نموا نقديا فقط، وقد كانت ولا زالت البنوك الإسلامية في الكويت مثالا رائعا يحتذى به كصرح اقتصادي إسلامي شامخ وناجح يقتدي بالشريعة الإسلامية، ويفيد المجتمع الكويتي والعربي والإسلامي بتوفير قاعدة رأسمالية ضخمة ومتنوعة في عالم الصيرفة، بما فيها من مشروعات وصيغ استثمار إسلامية مثل المضاربة والمرابحة والسلم وغيرها، واستطاعت البنوك الإسلامية في الكويت بصفة خاصة أن تمتص وتحد من آثار الأزمة المالية العالمية بل وتقدم بديلا حقيقيا متميزا.
وحظيت الكويت بدور الريادة والقيادة في مجال الصيرفة الإسلامية، وذلك بإنشاء ثاني بنك إسلامي يعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية في منطقة الخليج العربي والأول من نوعه في الكويت وهو بيت التمويل الكويتي في العام 1977 ، كما تعد تجربة شركة «المزيني» للصيرفة التي تأسست في العام 1942 كأول شركة في الكويت للقيام بأعمال الصيرفة, أحد أبرز التجارب الناجحة.
ويبلغ عدد البنوك الإسلامية العاملة في الكويت خمسة بنوك تزاول نشاطها وفق أحكام الشريعة الإسلامية, وذلك في مقابل خمسة بنوك لا تزال تندرج تحت قطاع البنوك التقليدية. وقد تم الإعلان مؤخرا عن قرار الجمعية العمومية للبنك التجاري الكويتي بالتحول للنظام المصرفي الإسلامي, ليصبح بذلك سادس بنك إسلامي في الكويت عند إنتهاء عملية التحول.
وأكدت مجموعة « أوكسفورد بيزنس جروب « البريطانية للإعلام والنشر أن الكويت إذ ظلت فترة طويلة من الزمن الحضن الدافيء لعمليات التمويل الإسلامي، فإن لها أن تفاخر بحق بريادتها وقيادتها للعمليات المصرفية وعمليات التأمين والإستثمار التي تتماشى وأحكام الشريعة الإسلامية.
دراسات بيت التمويل الكويتي
وأشار تقرير لشركة بيتك للأبحاث والدراسات التابعة لبيت التمويل الكويتي «بيتك» إلى أنه فيما يتعلق بقطاع المصارف الإسلامية فإن الكويت أصبحت تفضل الخدمات المالية الإسلامية، وبين الفترة 2004 و 2009 شهد حجم الأصول المصرفية الإسلامية في الكويت نموا بمعدل سنوي مركب قدره 22 % حتى نهاية النصف الأول من عام 2010. كما توسع نطاق الأصول المصرفية الإسلامية في الكويت بزيادة بنسبة بلغت 6.7 % لتصل قيمتها إلى 14.3 مليار دينار من 13.4 مليار دينار كانت سجلت حتى نهاية عام 2009، وتمثل 35.4 % من إجمالي الأصول في النظام المصرفي ككل.
وقد كشف تقرير لشركة بيتك للأبحاث أن صناعة الصيرفة الإسلامية تمثل 35 % من إجمالي الأصول المصرفية الكويتية، فيما تشكل نحو 17 % من إجمالي أصول النظام المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي كما في نهاية مارس 2010.
وتوقع التقرير أن تواصل الصناعة نموها بمعدل سنوي يتراوح بين 15 و 20 %، إذا ما استمرت أربعة عوامل رئيسية منها الإطار التنظيمي، وارتفاع الناتج المحلي، وتوسيع مجالات العمل، وخطط التطوير الحكومية التي تدفع قدما بمعدلات النمو، وتضيف زخما قويا ممثلا في زيادة الطلب.
وجاء في التقرير كذلك أن الكويت تأتي في المرتبة الأولى بين دول مجلس التعاون من حيث نسبة أصول البنوك الإسلامية إلى إجمالي الأصول المصرفية.
وتلقى البنوك الإسلامية دعما قويا من اتجاهين، الأول يتمثل في زيادة الوعي بأهميتها واقبال العملاء عليها، والثاني نمو المؤسسات المالية الاسلامية وصناديق الاستثمار المطابقة للشريعة الاسلامية التي تدعم البنوك الإسلامية بكل طاقاتها.
من جهته أوضح إبراهيم عويس أحد أبرز خبراء الاقتصاد السياسي أن أحد أهم أسباب نجاح الصيرفة الإسلامية وخروجها من الأزمة المالية العالمية كونها لا تتعامل في المشتقات أي أنها لا تستخدم المال كتجارة وهذه مبادئ أساسية بالنسبة للاقتصاد الإسلامي، مشيرا إلى أن هذا من أهم أسباب سر تحول الكثير من البنوك العالمية إلى افتتاح نوافذ تتعامل بالتعاملات الإسلامية حتى في الولايات المتحدة.
وكشف الخبير عن أن اليابان كحكومة طلبت من الكويت أن تقوم بدراسة عن موضوع الاستثمار الإسلامي للأموال, واليابان دولة بعيدة عن العالم العربي والإسلامي جدا وحتى طريقة الحياة مختلفة تماما فيها عن العالم الإسلامي والعربي، ولكن اهتمامهم بالموضوع يأتي أساسا من كون البنوك الإسلامية قد تمكنت من الخروج سالمة معافاة من الأزمة المالية العالمية، وهذا ما جعلهم يتساءلون لأنهم يريدون أن ينفذوا بعض المخططات التي تقوم بها الدراسات في هذا الموضوع، ليس فقط في اليابان ولكن في أوروبا أيضا.
وبين عويس أن نمو الاقتصاد الإسلامي وزيادة حجمه سيكون بطريقة تراكمية وأنه يمكن للاقتصاد الإسلامي أن يغير معادلة الاقتصاد التقليدي في العالم القائم على المتاجرة بالأموال، مشيرا إلى أن هذا سيصبح إسهاما جديدا في شكل الاقتصاد الجديد، وكشف عن أنه قدم ورقة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي من الممكن أن ينظروا فيها وفحوى هذه الورقة أن يأخذ الإصلاح المالي العالمي من القواعد الإسلامية ويكون قائما عليها.
يرجع ازدهار وتفوق البنوك الإسلامية بالكويت بشكل رئيسي إلى ما تتمتع به البنوك الإسلامية بالكويت من إطار تشريعي قوي واضح ومدعم لعملها، وبيئة مجتمعية تشجع عمل البنوك الإسلامية وتقبل عليها.
ويعد قانون البنوك الإسلامية هو القانون رقم 30 لسنة 2003، من خلال إضافة قسم خاص بالبنوك الإسلامية إلى الباب الثالث من القانون رقم 23 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية.