يستعد المغرب لإطلاق عروض دوليــة لاختيار شركات عالمية بغية بنــاء مينـــاء للغاز الطبيعي في منطقة الجرف الأصفر الصناعية جنوب الدار البيضاء، يربط في وقت لاحق بأنبوب وطني يمتد 400 كيلومتر لشحـــن الغاز المستورد من الخارج نحــو محطة طنجة (تهدارت)، التي يمــر فيها حالياً أنبوب غاز المغرب العـــربي إلى أوروبا، والمرشح أن يشهد بعض التعديلات مطلع العقد المـــقبل ، في حال عدم تجديد العقد بيــن شركة «سوناتراك» الجزائرية و«المكتـــب المغربي للماء والكهرباء» في أفق عام 2021 لأسباب سياسية.
ويرتبط المغرب والجزائر باتفاق لنقل 20 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً منذ عام 1993، من منطقة عين بني مطهر على الحدود بين البلدين المتخاصمين، إلى جبل طارق ثم إسبانيا على مسافة 600 كلم. ويستعمل المغرب جزءاً من هذا الغاز لأغراض محلية في مقابل حقوق المرور.
وأوضح وزير الطاقة والمعادن المغربي عبدالقادر عمارة أن كلفة المشروع تقدر بـ 4.6 بليون دولار من استثمارات محلية ودولية، لزيادة استخدام الغاز الطبيعي في إنتاج الكهرباء من 10 في المئة حالياً إلى 30 عام 2025، وتحسين شروط نقله واستعماله في أغراض الصناعة والسياحة والتجمعات السكنية حيث ينمو الطلب على الكهرباء 6 في المئة سنوياً. وينتج المغرب نحو 7 جيغاوات كهرباء باستخدام مواد أحفورية غالبيتها من الفحم الحجري.
وتعمل الرباط على مضاعفة إنتاجها من الكهرباء إلى 14 جيغاوات بحلول العقد المقبل، من خلال اعتماد الطاقات المتجددة الشمسية والريحية، التي ستوفر نحو 42 في المئة من حاجة المغرب إلى الكهرباء.
المغرب تورّد الغاز
وكشفت مصادر لـ »الحياة» أن المغرب سيتولى توريد الغاز الطبيعي المسيل بحراً عبر الميناء الجديد، ثم إعادة معالجته ليصير صالحاً للاستخدام كمصدر للطاقة ، ثم ضخه في أنبوب سيربط بين عدد من المحطات في كل من المحمدية والقنيطرة وظهر الدوم على الشريط الأطلسي، وصولاً إلى طنجة على البحر الأبيض المتوسط. ويعتمد المغرب على الشبكتين الجزائرية والإسبانية في فترات الصيف والشتاء بنسبة تصل إلى 12 في المئة. وبإمكان شبكة الغاز المغربية تزويد مختلف مناطق البلاد تباعاً والتخلي عن غاز الجيران في حال الخلاف.
وتعتمد الحكومة المغربية صيغة مشاركة بين القطاعين العام والخاص لإنتاج الطاقة ، وتتولى «شركة الجرف الأصفر» الحرارية التابعة لمجموعة «طاقة» الإماراتية، إنتاج ثلث الكهرباء المغربية في جنوب الدار البيضاء، بينما يجري بناء محطة كبرى للكهرباء في مدينة أسفى على الأطلسي تعمل بالفحم الحجري، هي الأكبر من نوعها في شمال أفريقيا بكلفة بناء تصل إلى 2.6 بليون دولار بشراكة مغربية – فرنسية – يابانية وتكنولوجية كورية («داييو» ستبني المحطة).
ويقدر إجمالي استثمارات المغرب في قطاع الطاقات الأحفورية والمتجددة والنظيفة لإنتاج الكهرباء بنحو 20 بليون دولار على مدى ست سنوات تشمل محطات لإنتاج الطاقة الشمسية في وارزازات، وأخرى تعمل بطاقة الرياح في طرفاية جنوباً وملوسة شمالاً، ومحطات تعمل بطاقة المياه في جبال الأطل. وقرر المغرب إرجاء الحسم في خيار الطاقة النووية إلى العقد المقبل، وتأجيل مشروع استخراج النفط الصخري من منطقة تمحضيض لأسباب بيئية وتقنية وتجارية. وتراهن المملكة على وجود مخزون مهم من الغاز والنفط في جنوب المحيط الأطلسي، لن تعلن عنه قبل سنوات لأسباب مختلفة.
ويعتقد محللون أن استعداد المغرب للتخلي في السنوات المقبلة عن الغاز الجزائري، قد يقلص فرص الاندماج المغاربي، وكانت الجزائر لمحت إلى أنها لن تجدد اتفاقها السابق مع المغرب الذي تم في عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد الذي كان على علاقة جيدة مع الملك الراحل الحسن الثاني، أيام اتحاد المغرب العربي الذي رأى النور في مراكش عام 1989. لكن قطاره توقف بعد سنوات قليلة من التعاون.