أنفق المغرب خلال السنوات العشر الأخيرة نحو 30 بليون درهم (3.1 بليون دولار) في إطار برامج «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية» التي أطلقها الملك محمد السادس في هذا الوقت من السنة عام 2005 للقضاء على الفقر والهتهميش والإقصاء الإجتماعي، استفاد منها نحو تسعة ملايين شخص من سكان الأرياف والقرى النائية والأحياء الهامشية.
واحتضنت المكتبة الوطنية في الرباط أول من أمس فعاليــــات ملتـــــقى التنمية البشرية لتقويم نتائج عقد مـــن الزمـــن في مجال تحسين أوضاع الفئات الأقل حظاً فـــي المجتمع، خصوصاً الأيتام والأطفال المتخلى عنهم وأطـــفال الشوارع، والنساء اللواتي يعانين هشاشة اجتماعية، والمسنين من دون موارد، والمشردين والأشخاص المعوزين، والمصابين بمرض فقدان المناعة (إيدز) والمدمنين ومن هم من دون مأوى.
وأوضحت المنسقة الوطنية للتنمية البشرية نديرة كرماعي، أن المبادرة تمت على مرحلتين بين 2005 و2015 وشهدت تنفيذ مئات المشاريع ذات الطبيعة الإجتماعية والإنسانية والإقتصادية والثقافية والرياضية والطبية، ركزت أساساً على مجالات تعليم الفتيات القرويات وسكان الأرياف والجبال، وتحسين الصحة الإنجابية للمرأة غير المتعلمة، وتطوير المهن والكفاءات ومد الشباب والنساء بالوسائل والتمويلات الضرورية لإنجاز مشاريع مدرة للدخل، وشراء مئات الحافلات لنقل أطفال القرى نحو مدارسهم البعيدة.
وساهمت «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية» في بناء 1214 مدرسة وثانوية جديدة و1215 دار إقامة للطالبات من وسط فقير لتمكينهم من متابعة تعليمهم الثانوي، كما بُنيت 1124 حضانة للرضع والأطفال، و104 دور للأمومة لتحسين ولادة النساء القرويات. كما بنت المبادرة 1410 ملاعب رياضية لشباب الأحياء و920 مركزاً للتدريب التكنولوجي و225 مكتبة و277 قاعة للتجهيزات الرياضية. كما تم ربط عشرات القرى النائية بالشبكة الكهربائية ومياه الشفة والطرق والمسالك، بخاصة تلك الواقعة فوق قمم جبال الأطلس حيث تنخفض الحرارة دون الصفر في فصل الشتاء، وهي الفئة السكانية الأكثر استهدافاً من برامج المبادرة التي قلصت الفقر في المغرب إلى دون 8 في المئة من مجموع السكان وفقاً لتعريف البنك الدولي (دولارين ونصف الدولار) في اليوم.
برنامج تحدي الألفية
وكان المغرب انخرط في «برنامج تحدي الألفية» الذي أعلنت عنه الأمم المتحدة في عام 2000 لتقليص معدلات الفقر في العالم إلى النصف بحلول عام 2015، والعمل على تحسين شروط تعليم الفتاة القروية وتحويلها من جالبة ماء وراعية غنم إلى فاعلة في المجتمع عبر تعليمها وتكوينها وفتح المجال أمام كفاءات شباب العالم القروي.
واعتبر المشاركون في ندوة «10 سنوات من التنمية البشرية» أن الإنفتاح على مشاكل الشباب والسعي نحو معالجتها، من المفاتيح المهمة للتغلب على الإقصاء وربما الإنحراف أو التطرف، لوجود علاقة بين الفقر والإنغلاق والمعاناة النفسية التي تتصيدها المجموعات المتطرفة في المنطقة العربية.
ووفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة فإن أكثر من بليون شخص ما زالوا يعانون الفقر والتهميش وسوء التغذية وضعف الخدمات الإجتماعية، وندرة المياه العذبة وغياب وسائل التعليم والرعاية الصحية، ويُتوقع أن يزداد فقراء العالم بتزايد الصراعات والنزاعات والحروب خصوصاً في دول الجنوب، حيث يرتفع يومياً عدد النازحين والمهاجرين غير الشرعيين الذين يفرون من الفقر والحرب، أكثر من سعيهم نحو الانتقال إلى الضفة الشمالية للبحر المتوسط.