يخطط المغرب لاستثمار 220 بليون درهم (23 بليون دولار) خلال السنوات الـ15 المقبلة لزيادة مصادره الطبيعية من المياه العذبة، والاستجابة إلى الحاجات المتنامية للسكان، ومواجهة متطلبات التوسع الزراعي والصناعي والعمراني والسياحي في وقت سيقترب عدد السكان من 40 مليوناً.
وتشمل المشاريع المائية المغربية بناء 38 سداً جديداً في مناطق مختلفة من البلد وإقامة محطات لتحلية مياه البحر في المناطق الجنوبية الواقعة على سواحل المحيط الأطلسي، والاستعانة بموارد إضافية من مياه الجبال والأودية والثلوج والمياه المستعملة المعالجة، لتغطية حاجات تقدّر بنحو 17 بليون متر مكعب بحلول عام 2030 في مقابل موارد متاحة حالياً تقدّر بنحو 14 بليون متر مكعب.
وكغيره من دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط، سيشهد المغرب عجزاً في مصادر المياه العذبة في العقد المقبل تقدر بنحو 5 بلايين متر مكعب تجري الإستعدادات لمواجهتها في إطار خطة إستباقية، في بلد يعتمد اقتصاده في شكل شبه كلي على الماء الذي يؤمن نحو 33 في المئة من الناتج الإجمالي.
وقالت وزيرة الماء والبيئة شراف افيلال «الإستثمارات التي سيحتاجها قطاع المياه ستموّل عبر شراكة بين القطاعين العام والخاص وتمويل خارجي، مع إمكان زيادة تعرفة أسعار الماء الصالح للشرب بالنسبة للعائلات الأكثر استهلاكاً لها».
ويثير هذا الموضوع جدلاً كبيراً بسبب كلفة فاتورة الماء على الأسر والاقتصاد، لكن الحكومة تعتقد أن حجم الإستثمار الضخم في الماء يحتاج إلى مشاركة كل الأطراف لأنه يضمن مستقبل الأجيال المقبلة.
وكان صندوق النقد الدولي نصح الحكومة المغربية برفع أسعار الماء الصالح للشرب لتغطية جزء من تكاليف الإستثمار الباهظ، على غرار رفع الدعم عن المحروقات للمساهمة في مشاريع الطاقة.
وأشارت الوزيرة إلى أن العلاقة قوية بين الماء والطاقة لأن الرباط تخطط لزيادة إنتاج الطاقة الكهرمائية من 1730 إلى 2800 ميغاواط للتغلب على العجز ومضاعفة إنتاج الكهرباء. وتعتقد الحكومة أن إشراك السكان في مشاريع المياه سيقوي ثقافة حماية البيئة والحفاظ على مصادر المياه، المحدودة أصلاً، والتي تتأثر سلباً بالتحولات المناخية.
مؤتمر عالمي
ويستعد المغرب لاحتضان مؤتمر عالمي حول التغير المناخي عام 2016 بعد مؤتمر باريس في نهاية العام الجاري، لحض الدول المتقدمة على مواصلة برامج خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري المسؤول عن تقلب المناخ وضعف التساقطات المطرية في دول جنوب الكرة الأرضية.
وشهد العام الماضي أمطاراً وفيضانات في جنوب المغرب خلفت قتلى وخسائر في الأرواح والممتلكات لم تشهدها تلك المناطق الجافة من قبل، في إشارة إلى حدوث تغير حقيقي في أوقات سقوط المطر وأماكنه وفصوله.
ويضع المغرب منذ عقود قضية المياه في صلب اهتماماته الإقتصادية والإستراتيجية، حيث قامت المملكة ببناء 140 سداً من أحجام مختلفة منذ عام 1967، وأنفقت عشرات بلايين الدولارات لري ملايين الأمتار من الأراضي الزراعية وتعميم مياه الشرب على سكان الأرياف، وإقامة حواجز اسمنتية وقناطر ضد فيضان بعض الأنهر والأودية خصوصاً في مناطق سبو واللكوس وأم الربيع، وهي انهار يفوق تدفقها 10 بلايين متر مكعب سنوياً، وتعتبر اكبر الوديان في شمال أفريقيا تنبع من جبال أطلس وتصب في المحيط الأطلسي.
وتراجع نصيب الفرد من المياه العذبة إلى ثلث ما كانت عليه حصة الآباء والأجداد قبل عقود، وتقدر الكمية حالياً بنحو 800 متر مكعب للفرد في مقابل ثلاثة آلاف عام 1960، لكن المغرب يظل اقل الدول المغاربية تضرراً من نقص المياه، وهو الرابع في المصادر عربياً بعد العراق وسورية ولبنان ويتقدم على مصر. لكن المغرب له أفضلية لأنه لا يملك موارد مياه مشتركة مثل بعض الدول العربية الأخرى في الشرق الأوسط وحوض النيل.