الانتصارات الأخيرة في الرمادي واندحار الإرهاب في الانبار بعد ان ثبت قدماه فيها واستحكم استعداده القتالي ومنع الأهالي من الخروج تحت عقوبة القتل يعدّ مفتاح دخول العراق لعام 2016م الى المنطقة كلاعب إقليمي قوي يؤثر على التوازنات الدولية، ويعدّ انتصاره رسائل ذات مضامين سياسية يبعث على الامل ان نهاية عام 2016م سيكون العراق قادراً على عبور مراحل الخطر نحو دولة إقليمية نافذة وسوف يستقبل العراقيون عاماً جديداً ينتظر ان يحمل لنا الكثير المتغيرات في شتى الجوانب فعلى الرغم من ان الكثير من المراقبين يشيرون الى ان العام المقبل سيكون صعباً على بلدنا نظراً للظروف المالية الصعبة واستمرار انخفاض اسعار النفط التي انخفضت الى معدلات قياسية وهذا ما سيؤثر على اوضاع البلد الاقتصادية والذي يعتمد بنحو كبير على تصدير النفط.
الا ان ما يدعونا للتفاؤل هو ما حصل خلال الاشهر والايام القليلة الماضية والتي شهدت تقدماً وانتصاراً وتحريراً للكثير من المدن العراقية وفي مقدمتها مدينة الرمادي مركز محافظة الانبار وهذا ما سيعجل في عودة النازحين الى مدنهم وقراهم وبيوتهم واستئناف حياتهم الطبيعية بعيدا عن جرائم الارهاب الذي سببته عناصر داعش فهذه العودة بلا شك ستخفف عن كاهل الحكومة وستقلص مصاريفها وتخصيصاتها لهذا الملف لبدء صفحة اعمار واعادة تأهيل لما دمرته الحرب وغيرها من الجوانب التي ستعمق الامن والاستقرار لسكان المدن المحررة بعد ان ذاقوا مرارة النزوح الى المحافظات الاخرى بعيداً عن بيوتهم ليشاركوا من جديد في دعم الاقتصاد الوطني اذا ما تم تشغيل المصانع الموجودة وزراعة الأراضي وتشغيل محطات الطاقة والكهرباء وتحويل حركة البناء والعقارات والمشاريع البنيوية وغيرها من أوجه الاقتصاد في تلك المدن.
وكذلك عودة النشاط الاقتصادي والتجاري هناك إضافة الى ان تقليص حجم الاكلاف العسكري لحرب طويلة ومكلفة سينخفض تدريجياً ليحول العراق ميزانية الحرب الى ميزانية اعمار ومن جهة أخرى فان تحرير المناطق وتخليصها من الارهاب سيقوي من الدور العراقي اقليمياً ودولياً في غضون المرحلة المقبلة، لا سيما وان العراق يتمركز في قلب ميزان القوى في منطقة الخليج، من خلال تشاركها لخطوط طويلة من الحدود مع سوريا وإيران والسعودية فمع توافر الاستقرار السياسي الداخلي في العراق الذي نتمنى ان يتوافر في عام 2016 بنحو اكبر سيكون بمنزلة طريق لإعادة البلد الى مركزه الاقليمي الاستراتيجي، سياسيًا واقتصادياً كونه سيؤدي الى اعادة البلد لمكانته الطبيعية اقليمياً ودولياً فإمكانية عودة العراق لاعبًا رئيساً على المستوى الاقليمي والدولي واردة جدا خلال المرحلة المقبلة مع قدرته على ان يؤدي دوراً وسيطاً في اغلب الملفات التي مازالت ساخنة في المنطقة ومنها الملف السوري واليمني حيث يتمتع العراق بمقبولية من قبل اطراف النزاع هناك اذا ما استثنينا المجاميع الارهابية التي هدفها تمزيق وحدة الشعوب والعبث باستقرارهم وأمنهم كما يحظى بعلاقات واسعة وطيبة مع الدول العظمى التي تدخلت عسكرياً لحماية مصالحها.
وهذا سيزيد من قوة وثبات الدور العراقي فتلك الدول يمكنها ان تستفيد من التجربة العراقية في ان الارهابيين هدفهم الرئيسي هو نشر الدمار والقتل وان افضل الحلول لانهاء الخلافات هو الجلوس على طاولة الحوارات.
الا ان هذا الدور العراقي المرتقب لابد ان يرافقه عمل ونشاط فعال وحركة دبلوماسية من قبل وزارة الخارجية العراقية ووضع الخطط المطلوبة قبل تقديمها لاي مبادرة او مقترح لمعالجة الازمات اقليميا او دولياً لضمان نجاحها لان العديد من الدول هي بحاجة العراق ومن مصلحتها ان يكون لها علاقات طيبة في الخارج معه كونها تعلم بالتهديد التي تطلقها التنظيمات الارهابية اتجاه كل منهم لذا تجد تلك الدول ضرورة التعاون مع العراق الذي بدأ يتخلص من الارهاب فعناصر داعش تتسابق هربا امام قوة و اصرار ابناء القوات الامنية والحشد الشعبي والعشائر المنتفضة لتبحث عن ملاذات جديدة في دول مجاورة للعراق كي تحرقها بنار الارهاب وتنشر القتل والدمار فيها.