يُتوقع أن يصل النمو في السعودية إلى 2.5 في المئة هذه السنة، مقارنةً بمعدل 3.6 في المئة عام 2014، نتيجة تراجع قطاع النفط إذ يرجّح أن ينخفض إنتاج المملكة إلى 9.6 مليون برميل يومياً، أي 1.4 في المئة على أساس سنوي هذه السنة، ما سيؤثر أيضاً في إنتاج الغاز الذي سيتراجع 0.6 في المئة.
وأشار تقرير أعدته «جدوى للاستثمار» إلى أن «قطاع تكرير البترول سينمو 10 في المئة، ما يجعله أسرع القطاعات نمواً هذه السنة، إذ يُتوقع أن يستفيد القطاع من بدء تشغيل مصفاة ياسريف، التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 400 ألف برميل يومياً، إضافة إلى إنتاج مصفاة الجبيل التي تبلغ طاقتها 400 ألف برميل يومياً».
واعتبر أن «استعداد الحكومة السعودية وقدرتها على دعم النمو أمر مهم جداً، إذ إن الاقتصاد السعودي سيبقى معتمداً بدرجة كبيرة على سياسة التوسع المالي، ويُتوقع أن يعادل إجمالي الإنفاق الحكومي نحو 36.3 في المئة من الناتج المحلي مقارنة بمتوسط بلغ 31.9 في المئة خلال السنين الـ 10 الماضية».
وأكد أن «خفض الإنفاق الرأس مالي من قبل الحكومة، الذي قدر بـ 35 في المئة إلى 185 بليون ريال (49.2 بليون دولار) هذه السنة، يؤثر نفسياً في أداء القطاع الخاص، في ظل التركيز على دفع عجلة النمو».
وتوقع التقرير «نمو الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص غير النفطي 5.3 في المئة مقارنة بـ 7.2 في المئة كمتوسط للسنوات الخمس الماضية»، مشيراً إلى أن «نشاط البناء بدأ يعود إلى وضعه الطبيعي في أعقاب التقلبات الكبيرة التي نجمت عن التغييرات الأخيرة في سوق العمل، بينما أظهرت بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) أن القروض المصرفية ارتفعت بقوة العام الماضي، إذ بلغ صافي القروض المصدّرة منذ بداية عام 2014 وحتى تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي 137.5 بليون ريال، بزيادة 13 بليون ريال مقارنة بالعام السابق».
وتوقع «تباطؤ نمو قطاع الصناعة غير النفطية هذه السنة، إلا أنه سيبقى قوياً، خصوصاً في أعقاب نموه 6.3 و6.5 في المئة عامي 2013 و2014 على التوالي. وعلى رغم احتمالات أن يأتي النمو أقل من التقديرات نتيجة للانتعاش التدريجي في الاقتصاد العالمي، رأى التقرير أن «حدوث نشاط قوي في المشاريع وزيادة الطلب المحلي هذه السنة سيدعمان تحقيق نمو قوي في هذا القطاع، إذ يُتوقع دخول عدد من المشاريع الصناعية مرحلة التشغيل، على رأسها مجمّع صدارة للبتروكيماويات الذي تبلغ كلفته 20 بليون دولار».
ويُنتظر أن يواصل قطاع الكهرباء والغاز والمياه تسجيل معدلات نمو قوية هذه السنة، إذ توقع التقرير دخول مشاريع كهرباء ومياه تصل قيمتها إلى 31.6 بليون دولار مرحلة التشغيل، في ظل إجمالي طلب قد يصل إلى 343000 غيغاوات ساعة عام 2023، بزيادة 30 في المئة مقارنة بحجمه اليوم، وفق «مركز الأبحاث الهندسية» التابع لـ «الهيئة السعودية لتنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج«
سوق العمل وتراجع البطالة
ورأى التقرير أن «فتح قطاع التشييد أمام الشركات الأجنبية هذه السنة سيخفف الضغط على المقاولين المحليين، خصوصاً أن عدداً كبيراً من المشاريع ستتم ترسيته خلال العامين المقبلين». وبسبب طبيعة القطاع، إذ إنه من القطاعات التي تتطلب يداً عاملة كثيفة، ظهر تأثير الإصلاحات الأخيرة في سوق العمل على أدائه عام 2014، إذ أصبح قادراً على التكيف مع هذه التغييرات الجديدة، حاله حال قطاع تجارة الجملة والتجزئة الذي يعتمد بشدة على اليد العاملة، إذ تباطأ نموه قليلاً إلى ستة في المئة عام 2014 من 6.6 في المئة عام 2013.
ونوّه التقرير بجهود وزارة العمل لتنفيذ إصلاحات في سوق العمل بهدف تحقيق إستراتيجيتها الأشمل وهي سعودة الوظائف، إذ تراجع معدل البطالة من 12 في المئة خلال النصف الأول عام 2013 إلى 11.8 في المئة خلال الفترة ذاتها العام الماضي، فيما استقر معدل البطالة بين الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 20 و29 سنة، عند 27.8 في المئة. وارتفع معدل «السعودة في القطاع الخاص» من 10.9 إلى 15.2 في المــئة بين عامَي 2011 و2013، بينما بلغ متوسط نمو التوظيف السعوديين في القطاع الخاص 26.7 في المئة.
الموازنة والاحتياط
وبقي التقرير متحفظاً على أرقام الموازنة الحالية، بناءً على المعطيات الأساس لأسعار النفط والأنماط التاريخية لتجاوز الإنفاق الفعلي للمستويات المقررة في الموازنة، إذا أقرته المملكة ولا يشكل تمويل هذا العجز مشكلة في ظل احتياط الموجودات الأجنبية التي تراكمت خلال السنوات الماضية، ما يعني قدرة المملكة على المضي قدماً في تنفيذ مشاريعها الإستراتيجية.
ولفت إلى أن «العجز سيؤدي إلى إبطاء معظم المؤشرات النقدية، كما سيلعب تأثيره النفسي وتقييد الإنفاق دوراً في التباطؤ المتوقع». وإضافة إلى التطورات المالية، يُتوقع رفع أسعار الفائدة هذه السنة في أعقاب إنهاء سياسة التيسير الكمي التي اعتمدها مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي، إذ إن الحاجة في المملكة تقتضي عكس تلك التغيرات في السياسة النقدية الأميركية، ولذلك سيتحتم على «ساما» رفع أسعار الفائدة لديها خلال النصف الثاني من السنة.
وفي ما خص التضخم، اعتبر التقرير أنه يأتي نتيجة ضعف انتعاش الاقتصاد العالمي وتراجــع تكاليف الاســتيراد بســـبب قوة الدولار، فمن المؤكد أن احتمالات حدوث تضخم مــستورد في المملكة ضعيفة جداً، بل ربما يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة المرتقب إلى الضغط على الأسعار تجاه الأسفل، مبقياً على مستوى التضخم في المملكة عند 2.6 في المئة هذه السنة.