تشكّل مصادر الطاقة المتجددة بما فيها الطاقة الكهرمائية، أكثر من 30 في المئة من القدرات العالمية لتوليد الكهرباء حالياً، استناداً إلى تقرير أصدره «مجلس الطاقة العالمي» أمس. وشهدت السنوات العشر الماضية، «نمواً لافتاً لتوليد الكهرباء بالاعتماد على الرياح والألواح الكهرضوئية بمعدّل 23 و50 في المئة على التوالي، على رغم أن مساهمة هذين المصدرين في الكهرباء المولّدة عالمياً لا تزال مقتصرة على 4 في المئة حالياً».
وباتت الطاقة المتجددة قطاعاً ضخماً، إذ سُجل توظيف استثمارات غير مسبوقة في هذا المجال، بلغت قيمتها 286 بليون دولار عام 2015، لتعزيز قدرات توليد الكهرباء من المصادر المتجددة حول العالم بمقدار 154 غيغاواط (76 في المئة من الرياح والألواح الكهرضوئية)، في حين اقتصرت الاستثمارات في منهجيات التوليد التقليدية على إضافة 97 غيغاواط. واعتمد التقرير بعنوان «إدماج مختلف مصادر الطاقة المتجددة في أنظمة توليد الكهرباء»، على دراسات حالات في 32 دولة، بما يغطي نحو 90 في المئة من قدرات توليد الكهرباء بالرياح والطاقة الشمسية حول العالم.
وقال الأمين العام لمجلس الطاقة العالمي كريستوف فراي، إن «النجاح في تطوير مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة وإدماجها بكفاءة في أنظمة توليد الكهرباء، يعتمدان في شكل أساس على وضع التصاميم السوقية الصحيحة والأطر التنظيمية المناسبة، إلى جانب التعاون على إعداد خطط إقليمية مدروسة، بهدف تجنّب أي نوع من الاختناقات أو الضغوط».
وأشار إلى أن العالم «يمضي اليوم في طريقه نحو تحوّل جذري من حيث منهجيات توليد الطاقة، متجاوزاً نقطة اللاعودة على هذا الصعيد منذ زمن طويل». لذا رأى أن «من شأن اعتماد سياسات صحيحة اقتصادياً وتقنياً مدعوماً بمعايير واضحة بخصوص أسعار الكربون، أن يجعل هذا التحوّل أكثر سلاسة مع دعمنا في تحقيق الأهداف المناخية التي اتُّفق عليها في الدورة الـ21 لمؤتمر الأطراف في اتفاق الأمم المتحدة الإطارية في شأن المناخ».
التطوّر التكنولوجي
ويساهم التطوّر التكنولوجي وانخفاض التكاليف في الحد من النفقات الرأسمالية ومصاريف الصيانة والتشغيل لمختلف أشكال مصادر الطاقة المتجددة. إذ توضح أحدث البيانات، أن «أقل سعر لطاقة الرياح في المزادات بلغ 28 دولاراً عن الكيلوواط/ ساعة الواحد في المغرب، بينما بلغ 30 دولاراً عن الكيلوواط/ ساعة الواحد لمنشأة لتوليد الكهرباء باستخدام الألواح الكهرضوئية بقدرة 800 ميغاواط في دبي».
وفي حين تعكس هذه الأرقام المنخفضة منحى هابطاً على العموم، غير أنّه لا يمكن إسقاطها على دول أخرى تختلف تماماً لجهة ظروف حركة الرياح والتعرّض لأشعة الشمس والتكاليف المحلّية، مثل دول القارّة الأوروبية التي تنخفض فيها عوامل الرياح وأشعّة الشمس بما يصل إلى 50 في المئة مع ارتفاع التكاليف المحلية في شكل كبير.
وسلّط التقرير الضوء على الدروس التي استُخلصت، مشيراً إلى أهم عوامل النجاح وتفاصيل الإجراءات المطلوب اتخاذها، للإدماج الفاعل لمصادر الطاقة المتجددة في منظومات توليد الكهرباء. وأوصى الحكومات وصناع السياسات، بـ«تحديد قواعد واضحة للسوق بهدف ضمان وجود نظام طاقة أكثر استدامة ينسجم مع الأهداف ذات الصلة بحلّ «المعضلة الثلاثية للطاقة»، بما يشمل وضع لوائح تنظيمية واضحة بخصوص الانبعاثات الكربونية، إضافة الى تطوير منهجيات التنبؤ بالطقس والتعامل بسرعة أكبر، مع متغيرات حركة الرياح ومدى التعرض لأشعة الشمس». وحضّ التقرير صناع السياسات على «الحرص على التعامل في الشكل السليم مع المشاكل والمعوقات الحالية، لضمان نمو قطاع مصادر الطاقة المتجددة العالمي الذي يزداد أهمية وحيوية يوماً بعد آخر».