قال خبير الاستثمار وادارة المخاطر الدكتور سامر الرجوب ان الاقتصاد الأردني نجح جزئيا بعملية التحول الإقتصادي التي انتهجها خلال السنوات الماضية من خلال اجراء اصلاحات اوصلته الى بر الامان لكنه اغفل اجراءات اساسية في عملية التحول تلك.
واشار الى ان التحول الإقتصادي هو عملية تحول من اقتصاد مركزي التخطيط الى اقتصاد السوق وتخضع فيه جميع العمليات الى آلية الطلب والعرض وحرية التسعير ورفع يد الحكومات عن الملكيات والتدخل في الاسواق.
وبين الرجوب ان التحول الاقتصادي لاي بلد يتطلب تحقيق ستة شروط أساسية وضرورية لاكتمال عملية التحول وضمان نجاحها اولها التحرر الإقتصادي من خلال تحرير الأسعار، والتخلص النهائي أو الجزئي من الدعم الحكومي للسلع والخدمات، وازالة او تقليل قيود التجارة الخارجية على الصادرات والمستوردات، وحرية انتقال رؤوس الاموال وعناصر الانتاج، ومنع الاحتكار ، وتوفير سياسة استقرار نقدي قوية توفر الحماية للعملة المحلية.
ولفت الى ان المحافظة على إستقرار المؤشرات الكلية للاقتصاد ياتي ضمن هذه المتطلبات ولكن من خلال المقدرة على التحكم في معدلات التضخم وضبط الانفاق والذي يتطلب جنبا الى جنب ضبط عجز الموازنة وتفادي تراكمه بالتزامن مع وجود سياسة نقدية قادرة ومؤثرة، وهيكلة الإقتصاد، وخصخصة ملكيات الحكومة في المؤسسات والتي تتطلب وجود قطاع مالي رصين وقطاع انتاج حقيقي قادر على التصدير بعد تحويل الملكيات العامة الى خاصة، واعادة هيكلة المؤسسات الحكومية المخصخصة وصياغة القوانين الجديدة بما يضمن الإنتقال السلس للملكيات وتطوير قانون عصري لسوق تنافسي يوفر جو عام من الثقة والالتزام بحيث يشمل قوانين الملكية، والعقود، والافلاس، ومنع الاحتكار، واسواق الاسهم، وحماية الملكية وقانون العمل، وتوفير «شبكة الأمان» والتي تتعلق بنظام التقاعد وتعويضات البطالة وتعويضات العمالة والصحة والتعليم.
المنهج السريع والمنهج المتدرج
واشار الرجوب الى وجود منهجين للبدء بعملية التحول المنهج السريع والمنهج المتدرج .الاول وهو ما يطلق عليه « الإنفجار العظيم « الذي يكون فيه التحول سريعا للغاية ( وهذا ما يجعله خطيرا احياناً ) وقد يرافقه انهيار وقتي في الاقتصاد وتضخم غير مسبوق ( مثل هنغاريا و سلوفينيا و سلوفاكيا و التشيك ) ويتطلب هذا المنهج ان يتم تحقيق شروط التحول بسرعة، وأما المنهج الآخر في التحول المتدرج فيتم تنفيذه بخطى بطيئة ويراعى فيه حاجة المؤسسات الجديدة للوقت اللازم لكي تتكيف وتتغير بطريقة صحيحة وناجحة.
وقال في الأردن تم بدايةً تبني المنهج المتدرج في آخر عشر سنوات من القرن الماضي عندما بدأت الحكومة بيع حصص من شركاتها وعندما تم رفع بعض الدعم الحكومي عن بعض السلع ، ثم انتقل الإقتصاد بعد ذلك ومع بداية سنوات الألفية الثانية نحو التحول السريع مع توسيع قاعدة رفع الدعم والخصخصة وتطوير بعض القوانين وتحرير التجارة الخارجية.
واكد ان عملية التسلسل في الاصلاحات هي عمود التحول الاقتصادي بشقيه والتدرج فيها وهذا يعني مثلا في اي قطاع نبدأ ، ومتى تتحرر الاسعار ، وهل نحررها جميعا ام بعضها ، وهل يجب ان تتطور الأسواق المالية بالتزامن مع خصخصة الشركات، وكيفية توفير راس المال، بالإضافة الى تحديد شبكة الأمان، مضيفا ان توفر جميع هذه العناصر مع ضمان حسن التنفيذ يتم التحول الاقتصادي وتبدا الدول بتحقيق معدلات نمو مستقرة وتحقيق الرفاه للافراد.
وبين ان التحول الإقتصادي الأردني لم يبدأ من الصفر وانما اتجه الاردن نحوه منذ فترة طويلة الا إنه لم يكتمل حتى هذه اللحظة ، وأن بعض الشروط المطلوبة لذلك لم تتحقق بعد .
وقال الرجوب «اننا في المقابل لم ننجح حتى هذه اللحظة بضبط عجز الموازنة، ولا ان نخطط لادارة الدين العام على المدى الطويل ، ولم نستطع التحكم بالتضخم بشكل جيد ، وكما ان السياسة النقدية حادت عن بعض أهدافها منذ اكثر من 13 سنة ، لم ننجح ايضاً في إيجاد قطاع إنتاج حقيقي قادر على التصدير بكفائة والذي يعد من اهم عناصر نجاح التحول، وما زالت القوانين تحتاج الى تطوير لدعم التنافس المحمود بين الشركات وللحد من الاحتكار وتنظيم سوق العمل وتطوير قانون السوق المالي وتطوير قانون للافلاس، ناهيك انه لم تتحقق بعض اسرار نجاح التحول التي تتطلب تزامن بعض الشروط كما هي الحالة في مشروع الخصخصة وتحرير الاسعار».
وبين ان عدم اكتمال التحول أو تنفيذه بشكل خاطئ او سريع سيؤدي الى تعطيله واحداث اختلالات وتشوهات هيكلية في الاقتصاد ويمكن ان يؤدي الى فشله او عدم القدرة على ادارة الشكل الهجين بكفاءة اقتصادية عالية .
الاقتصاد المحلي
وبالنسبة للاقتصاد المحلي، اكد الرجوب ان التحول لم يكتمل لأن بعض متطلبات التحول لم تتحقق مثل عدم تحقيق الاستقرار في عجز الموازنة وعدم القدرة على توفير الانتاج الصناعي والسلعي التصديري ولقد علقنا ضمن هذه السياسة الإقتصادية ولم نحقق ما صبونا اليه ، لذا لا بد من حزم الأمر والاستمرار في تلك السياسة ومعالجة الاختلالات وسد النواقص ، فالامر ليس قرارا يمكن ان تتراجع عنه فنحن تبنينا نظاما اقتصاديا رأسماليا وقطعنا خطوات كثيرة في ذلك الاتجاه .
ودعا الى ضرورة تقييم ما تم انجازه وحل المشاكل التي تواجهنا وتحقيق شروط التحول كاملة والإستمرار فيه بالطريقة الصحيحة فنحن نرى الكثير من الدول توجهت نحو التحول وآخرها المملكة العربية السعودية سعيا لتدعيم الإقتصاد وبناء قواعد قوية .