منح النمو الاقتصادي في الصين وأفريقيا مئات الملايين من المواطنين دخلا متاحا للانفاق، يستخدمه البعض لقضاء العطلات في دبي. فهل يمكن للمدينة أن تتعامل مع القادمين الجدد؟
من المعروف أن دبي تأخذ مفهوم الضيافة لمستوى الافراط والاسراف: أطول فندق في العالم وغرف تكلف 24 ألف دولار في الليلة وبناء نسخ طبق الأصل من القصور العربية والروسية، ولكن المطورين في الامارة يحولون اهتمامهم تجاه المسافرين من أصحاب الميزانيات الأكثر تواضعا في محاولة لجذب الطبقات المتوسطة المتنامية في الصين وأفريقيا للتسوق والتجارة وقضاء العطلات.
يقول علي راشد لوتاه رئيس مجلس ادارة شركة نخيل، وهي شركة عقارات مملوكة للدولة، «نحن نتوقع زيادة في هذه السوق والحاجة الى مزيد من الفنادق والمنتجعات ذات الثلاث والأربع نجوم. تركيزنا الآن ينصب على فئات بأسعار معقولة».
وكانت شركته فتحت في فبراير الماضي أول فندق ضمن 10 فنادق ومنتجعات مخطط لها، وهو فندق ايبيس بثلاث نجوم مرتبط بسوق التنين، مركز تجارة الجملة والتسوق الذي يعتبر أكبر مركز تجاري صيني خارج الصين. وقد حقق سوق التنين شعبية كبيرة بحيث تم توسيعه العام الماضي الى أكثر من ضعف مساحته، ويخطط لوتاه لإنشاء فندق آخر هناك.
ويزور سوق التنين العديد من الجنسيات، ولكن التوسع تم جزئيا على أمل حدوث زيادة حادة في أعداد الزوار الصينيين، حيث مر 450 ألف صيني عبر دبي في عام 2015. وشكّل ذلك زيادة بنسبة %29 عن العام السابق، ولكنه أقل بكثير من ما يزيد على مليون شخص زاروا دبي من الهند والمملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة، وفقا لاحصاءات الحكومة. وكما يقول لوتاه «نحن نتوقع استمرار قدوم الأوروبيين والروس ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي، ولكننا نتوقع قدوم الكثير من الصينيين والأفارقة في المستقبل».
وهناك توقعات طموحة بشأن صعود الطبقة المتوسطة في الصين: إذ يشير تقرير صادر عن «بوسطن كونسالتينغ غروب» العام الماضي إلى أن الطبقة الصاعدة المتوسطة والطبقة المتوسطة في الصين ستنمو بنسبة %5 سنوياً بين عامي 2015 و2020، في حين أن الشريحة العليا من الطبقة المتوسطة والطبقات «الغنية» ستزيد بنسبة %17 سنويا خلال الفترة نفسها. وفي الوقت نفسه، يقول بنك غولدمان ساكس إن %3 فقط من الشعب الصيني لديه جوازات سفر.
ويمكن الآن وصف 4.1 ملايين نيجيري، أي %11 من السكان، بأنهم من الطبقة المتوسطة، وفقا لستاندرد بنك، وهو مصرف جنوب أفريقي، على الرغم من أن الانكماش الاقتصادي في البلاد يلقي بظلال من الشك على تقرير يتوقع أن يصبح 11.7 مليون شخص ضمن الطبقة المتوسطة بحلول عام 2030.
وتستفيد خطط شركة نخيل من استراتيجية الحكومة الأوسع نطاقا والمتمثلة بزيادة توافر الفنادق المتوسطة للمساعدة في تعزيز اجمالي عدد الزوار الى 20 مليون زائر سنويا بحلول عام 2020. ومنذ عامين عرضت دبي سلسلة من الحوافز لشركات تطوير فنادق الثلاث والأربع نجوم، مثل التنازل عن رسوم البلدية للاقامة في الفندق لفترة محددة وتخصيص الأراضي الحكومية للمشاريع.
كما أنها تتماشى مع محاولات الدولة لاقامة روابط أوثق مع الصين وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وتسيير وزيادة الرحلات الجوية لطيران الامارات الى تلك المنطقة. وكان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي زار بكين في أواخر عام 2015، في حين زار عدد من رؤساء الدول الأفريقية، بما في ذلك قادة جنوب أفريقيا ونيجيريا، الإمارة هذا العام.
ومع ذلك، فان الدفع باتجاه السياحة الجديدة يأتي في الوقت الذي يفوق فيه النمو في المعروض من الفنادق الطلب عليها. فعلى الرغم من زيادة بنسبة %7.8 على أساس سنوي في عدد الزوار في عام 2015، فان نسبة الإشغال تراجعت بنسبة %1.4 الى متوسط بلغ %77.5، وفقا لشركة ديلويت. وانخفضت عائدات كل غرفة متاحة، المقياس المعتاد، بنسبة %8.7.
وتقول شركة الخدمات المهنية إن 31 فندقا آخر من المقرر الانتهاء منها هذا العام، ما يعني أن الفجوة بين العرض والطلب ستتسع في عامي 2016 و2017. لكنها تتوقع أن تعود أعداد الزوار للزيادة مرة أخرى في الفترة التي تسبق استضافة دبي لمعرض اكسبو 2020.
دبي، التي تستغرق الرحلة اليها من بكين ولاغوس ما بين سبع الى ثماني ساعات تعمل على زيادة الوعي في الأسواق المستهدفة. اذ قام مكتب السياحة التابع لها هذا العام بحملة ترويجية في ثلاث مدن نيجيرية، سعيا لرفع مكانتها في أكبر مصدر أفريقي للعملاء.وقد ركزت فنادق على التكيف مع السوق الصينية على وجه الخصوص. اذ طرحت مجموعة فنادق انتركونتيننتال آي اتش جي العام الماضي وضع تشاينا ريدي، وهو شهادة تعطيها لفنادقها التي تلبي المعايير بما في ذلك وجود موظفين يتحدثون اللغة الصينية وقبول البطاقات المصرفية الصينية وتقديم الشاي الصيني للضيوف. وتملك ستة من فنادق دبي هذا الوضع. ويقول فندق آي اتش جي إن الزوار الصينيين شغلوا ليالي في فنادق دبي في 2016 بنسبة %70 أكثر مما كان عليه الوضع في الفترة نفسها من العام الماضي، لكن يبدو أن «الضيوف من أفريقيا خفضوا حجوزاتهم بشكل هامشي».
ويقول أندرو سانغستر، محرر نشرة هوتيل أناليست: «إن دبي تحدت حتى الآن مخاوف من أنها قد تعاني من زيادة المعروض من الفنادق، ويعود ذلك جزئيا الى السياح الذي يسافرون الى هناك بدلا من السفر الى وجهات مثل مصر وتونس، حيث يخشون حدوث المزيد من الهجمات الارهابية. لكنه يخشى من أن الاستعدادات لمعرض اكسبو 2020 يمكن أن تؤدي الى أن حصول مشاريع غير قادرة على الاستمرار على الضوء الأخضر». ويضيف «يظهر التاريخ أنه عندما يكون لديك حدث لمرة واحدة مثل دورة الألعاب الأولمبية، يخدع الناس باحتمالات الزيادات قصيرة الأجل. ويحصل افراط في الاستعدادات».
ويقول سانغستر: «إن دبي تواجه أيضا تحدي التوازن الدقيق في جذب الضيوف من الطبقة المتوسطة الى جانب التيار السائد حاليا من الزوار الأثرياء الذين يحبون شعور الحصرية والتفرد في المدينة».
ويهون لوتاه من المخاوف بأن سوق الفنادق يمكن أن تجد نفسها أمام زيادة في المعروض. ويقول إنه حتى لو تم اقناع جزء اضافي صغير من أولئك الذين يمرون عبر دبي في طريقهم الى مكان آخر، بقضاء بعض الوقت في الامارة، فان ذلك من شأنه أن يدعم النمو في أعداد الزائرين.
في العام الماضي، مر عبر مطار دبي الدولي 78 مليون مسافر، وهو أعلى رقم في العالم للعام الثاني على التوالي.
وكما يقول لوتاه فانه حتى بعد انتهاء المعرض، سيكون هناك المزيد من الزوار. ما سيرفع من مكانة دبي ويزيد من معرفة الناس بالامارة. ويضيف «النمو في دبي سيستمر، وسيظل لدينا نقص في عدد الغرف الفندقية».