أكد تقرير شركة «المزايا» القابضة أن تراجع عوائد النفط من شأنها تحفيز عوامل التنويع الاقتصادي وتنمية القطاعات الإنتاجية، وفي مقدمتها القطاع الصناعي الذي يعد أحد الموارد المهمة للدخل، وبخاصة الصناعات التصديرية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المناخ الاستثماري العام لدى دول مجلس التعاون الخليجي لا يزال قوياً، ويشجع الاستثمارات الصناعية المباشرة، ويأتي ذلك في ظل توفر مؤشرات استقطاب استثماري جيدة، لتصل حصة دول المجلس من الاستثمار الأجنبي المباشر إلى ما يقارب 30 مليار دولار في نهاية العام 2014
بات جلياً خلال السنوات القليلة الماضية تشجيع دول المجلس للاستثمار الأجنبي لما لذلك من تأثيرات إيجابية على قدرة اقتصادات دول المجلس من الصمود أمام العواصف والتقلبات الاقتصادية المتلاحقة، وبات لزاماً على تلك الدول القيام بتحديد سياسات واضحة لتطوير الخطط التنموية القائمة على جهود متكاملة من المقومات المالية والاقتصادية لجذب الاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى وضع استراتيجيات طموحة طويلة الأجل لتطوير القطاع الصناعي والنهوض به، وبشكل خاص إقرار التشريعات والقوانين ذات العلاقة، وتقديم تسهيلات وحوافز للمستثمر الأجنبي وجذب كل ما له علاقة بتحسين مستوى التنافسية للصناعات الخليجية.
وعلى الرغم من الإنجازات المحققة على هذا الصعيد، إلا أن دول المجلس عليها بذل المزيد من الجهود من أجل تشجيع الاستثمار الأجنبي على القطاعات الحيوية.
نجاحات الإمارات
ولا يمكن الحديث عن التنوع وفرص تنوع مصادر الدخل، دون الحديث عن النجاحات التي حققتها إمارة دبي والإمارات في هذا الإطار، حيث يشكل التنوع الاقتصادي الأساس الذي قامت عليه نهضة الإمارة، فيما تعتبر دولة الإمارات من بين أكثر الدول أمناً واستقراراً، فيما يأتي ترتيب الدولة في مقدمة دول مجلس التعاون الخليجي على مستوى التنوع الاقتصادي، إذا ما تم النظر إليها من زاوية مساهمة قطاع النفط في إجمالي الناتج المحلي وحصته من إجمالي الصادرات والإيرادات الحكومية. وتستهدف وزارة الاقتصاد الإماراتية رفع مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي للدولة ليصل إلى 25% بحلول العام 2021، حيث تقوم الحكومة بتنفيذ استراتيجية طموحة لتعزيز دور قطاع الصناعة في منظومة العمل الاقتصادي ككل وتنوع مصادر الدخل، حيث يعتبر القطاع الصناعي ثاني أكبر مساهم في الناتج المحلي القومي بعد قطاع النفط والغاز.
وقد انخفضت مساهمة قطاع النفط والغاز من إجمالي الناتج المحلي لتصل إلى 2% في نهاية العام 2014، الأمر الذي يعكس نتائج سياسة التنويع الاقتصادي مع الإشارة هنا إلى أن تأثيرات انخفاض عوائد النفط على الأنشطة الاقتصادية مؤثرة، ولكنها أقل من تأثيراتها على اقتصادات دول المجلس المجاورة.
القطاع الصناعي
وأشار تقرير «المزايا» إلى أن القطاع الصناعي يقع ضمن أولويات التنمية لدى السعودية، ويقع على عاتقه مساعدة المملكة في تنويع اقتصادها، ومن ثم تنويع مصادر الدخل لديها، وفي الإطار فإن خطط المملكة آخذة بالتوسع في مجال اكتشاف المعادن، وبشكل خاص النحاس، والذي يمكن أن يشكل العمود الاقتصادي الثالث لها بعد البترول والبتروكيماويات. ويشار إلى أن الاكتشافات الجديدة لدى المملكة تأتي ضمن خطط الحكومة في تنويع اقتصادها وتوسيع الأنشطة الإنتاجية، وتوفير فرص استثمارية جيدة لرأس المال المحلي والأجنبي.
ويأتي ذلك في ظل توفر إمكانات ضخمة من المعادن في جميع أنحاء المملكة، فيما لاتزال الجهود متواصلة لإضافة المزيد من الاكتشافات، وبناء على ما تتعرض له أسواق النفط من تذبذبات عنيفة وتراجع على الأسعار خلال العام الماضي والجاري، والذي على إثره تراجعت إيرادات وعوائد المملكة بشكل كبير، فقد بات لزاماً تنويع مصادر الدخل في الاقتصاد السعودي، وإيجاد بوصلة تحدد على أساسها السياسة الاقتصادية للمملكة، والتحول من الاعتماد الكامل على النفط إلى الموارد المتنوعة. ويذكر هنا أن الصادرات غير النفطية قد ارتفعت بنسبة 8.6%، لتتجاوز 186 مليار ريال، فيما ارتفعت صادرات المملكة من البتروكيماويات بنسبة 9.2% لتتجاوز حاجز 143 مليار ريال.
موازنات دول المجلس
وتطرق التقرير إلى موازنات دول المجلس للعام 2016، والتي على ما يبدو ذاهبة باتجاه تعزيز عوامل دعم التنويع الاقتصادي، مع التأكيد على وجود تباين على مستوى الخطط والاستهدافات والتوقيت، ذلك أن هناك عدداً من دول المجلس بدأت مبكراً في تنويع مصادر دخلها، يأتي في مقدمتها الإمارات وقطر، فيما تسعى السعودية والكويت إلى تطوير قدرات التنويع لديها من خلال عدد من الخطط والاستراتيجيات قصيرة ومتوسطة الأجل.
يشار هنا إلى أن الموازنة التي اعتمدتها السعودية تستهدف تقليل العجز الاستثنائي وغير المسبوق على الموازنة العامة، من خلال تقليل الإنفاق وإدخال إصلاحات جوهرية على آليات دعم الطاقة.
القطاع السياحي
اعتبر تقرير «المزايا» أن التركيز الاستثماري على القطاع السياحي لدى دول المجلس كان ولايزال يشكل عامل نجاح في تعظيم العوائد وجذب الاستثمارات وتعزيز إنتاجية القطاعات غير النفطية، وتتواصل خطط واستراتيجيات دول المنطقة بهذا الإطار، ولكل دولة ما يميزها للاستحواذ على حصص متزايدة من قطاع السياحة العالمي. والجدير ذكره هنا أن الإمارات جاءت في المرتبة الثانية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مساهمة قطاع السياحة والسفر المباشرة بالناتج المحلي الإجمالي، والتي تقدر بـ 61 مليار درهم، وبنسبة نمو بلغت 4.9%.
يأتي ذلك في ظل ارتفاع القيمة الإجمالية للاستثمارات في قطاع السياحة والسفر بنسبة 13.5%، وفي إطار تعزيز عوائد دول المجلس غير النفطية استطاع قطاع السياحة القطري المساهمة بالناتج المحلي الإجمالي بقيمة 13.6مليار ريال، وهو ما يشكل 4% من الاقتصاد غير النفطي.
خطط تطوير
لفت التقرير إلى أن خطط تطوير القطاع الصناعي جديرة بالاهتمام، على الرغم من أنها تستغرق فترة زمنية طويلة لتحسين مساهمتها بالناتج المحلي لدول المجلس. ويؤكد أن النجاحات المحققة ومعدلات المساهمة الحالية والمستهدفة جميعها تصب في مصلحة تنويع مصادر الدخل، مع التأكيد هنا على أن هذه الخطط تتطلب مزيداً من التطوير والتعديل والتقييم بشكل دائم، لضمان الحصول على النتائج المرجوة. ويذكر هنا أن الإمارات تستهدف رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي بنسبة 25% بحلول العام 2021.
وبهذا الصدد، وصلت الاستثمارات السعودية في مجال التنمية إلى 156 مليار ريال، مستهدفة رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي بنسبة تصل إلى 20%. ويرى التقرير أنه في حال تحققت هذه الخطط، فإن تأثيرات ذلك على مستوى التنويع الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل ستكون كبيرة، وأن قدرات الدول على مواجهة التقلبات السوقية والاتجاه نحو المنافسة والتواجد في الأسواق الخارجية ستكون مؤكدة.