يساهم قطاع البناء في منطقة مجلس التعاون الخليجي في تغييرات جذرية على المستوى العالمي ويعود ذلك بشكل أساسي إلى تزايد الاستثمارات في هذا القطاع. وقد أتت الندوة التي نظمتها في دبي كل من ديلويت الشرق الأوسط وشركة Freshfields Bruckhaus Deringer LLC تحت عنوان "تطورات قطاع البناء" لتسلط الضوء على هذه المسألة، حيث اجتمع الخبراء من أهم مالكي المشاريع والمقاولين الدوليين في المنطقة لتقديم وجهات نظرهم في هذا السياق، بالإضافة إلى توصيات تقدم بها المشاركون بهدف مواكبة وتطوير هذا القطاع.
وقال رضوان شاه، المدير التنفيذي لخدمات الاستشارة للمشاريع الكبرى في ديلويت الشرق الأوسط "إن الاعتماد العالمي المتواصل على الطاقة، والحاجة البارزة لبنية تحتية وقطاع بناء وفق مستويات جودة عالمية، سيؤدي إلى عملية إنفاق شاسعة ومتوقّعة عى أعمال البناء مما سيزيد الطلب على خدمات أصحاب المشاريع والمقاولين خلال السنوات الخمس المقبلة".
كذلك، من المتوقّع، وفقاً لما أشار إليه خبراء ديلويت خلال هذه الندوة، أن تزداد مشاريع الهندسة وعمليات شراء المواد، والبناء في منطقة مجلس التعاون الخليجي من حيث الحجم والاهمية، في وقت يعمل أصحاب المشاريع على تعزيز قدراتهم الخاصّة لإدارة محافظهم القيّمة والمتنامية باضطراد بطريقة فاعلة من الناحية الماليةً.
كذلك، يبحث المقاولون بدورهم عن الطرق الفضلى لتنمية أعمالهم مع الحفاظ على مصالحهم التقنية والتجارية والقانونية، منذ إنطلاق المشاريع حتى انتهائها.
وسيساهم تطبيق كل من هذه الأبعاد الثلاثة في خلق فرص جديدة للمقاولين المؤتمنين على تسليم هذه المشاريع الكبرى.
ويضيف شاه "مع خطط إنفاق في المنطقة تصل إلى 100مليار دولار لكل من أسواق المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، يشهد قطاع الهندسة وعمليات شراء المواد، والبناء تحوّلاً ملحوظاً.
وهو الوقت المناسب ليفهم أصحاب المشاريع والمقاولين ما يمكن تحقيقه على صعيد قدراتهم الحالية،إذ نتوجه قدماً ً نحو ثقافة مترسخّة لناحية الفاعلية الرأسمالية والشفافية والمساءلة والتقدم المتواصل".
أصحاب المشاريع يبحثون في إصلاح عملية إدارة المشاريع الحالية
وقد أبرز خبراء ديلويت خلال الندوة تداعيات التحديات التي يشهدها قطاع الهندسة وعمليات شراء المواد، والبناء في المنطقة، مشيرين إلى أنّ العديد من المشاريع الرأسمالية الكبرى تتخطّى ميزانيتها وتتجاوز المهل المحددة لها. نتيجة لذلك، يسعى أصحاب المشاريع إلى "تعديل وإصلاح"إدارتهم الحالية للمشاريع وهيكليات تسليم هذه المشاريع. الأمر الذي قد يؤثر على:
· كيفية اختيار المشاريع وإقرارها، بما فيها تحضير دراسة جدوى تأخذ بعين الاعتبار كافة متطلبات المشروع، بدءاً من ابتكاره وتصميمه وصولاً إلى التكليف والتشغيل.
· وضع خطط ناجحة للمشاريع تعتمد على توفير منصات متكاملة بالتعاون مع المقاولين بهدف مراجعة البيانات الإلكترونية وتحليلها وانتقالها من نموذج تشغيل تفاعلي إلى نموذج أكثر استباقية.
· توفير الموارد المطلوبة لرصد عدد المشاريع المتزايد والتي تحتاج إلى الدقة والفاعلية من حيث استراتيجيات التسليم والعقود المتنوعة.
· اختيار استراتيجيات للتعاقد تتناسب وتفاصيل المشروع المتوفرة ، وهيكلة المخاطر والمواصفات المطلوبة، وتزويد المقاولين بالحوافز المناسبة لتقديم الأداء المطلوب.
· الاستثمار في أنظمة تساعد في في عمليات مراقبة وإدارة المشاريع وخطط الأداء الأساسية طيلة فترة المشروع.
وقد اختتمت إيرين ميلير رانكين، مديرة قسم البناء في Freshfields Bruckhaus Deringer لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قائلة "نشهد اليوم اعتماد توجهات جديدة في صياغة العقود للمشاريع الضخمة من الناحية القانونية. وتعزى هذه التوجهات الى المفاعيل الدولية المتواصلة المتأتية من الأزمة الاقتصادية العالمية.
ولكن الاسس الرقابية السائدة عالمياً بالاضافة إلى قواعد الشفافية الدولية لا تنطبق بشكل واسع على الفرص الكامنة في الشرق الأوسط. وبالتالي،يتمّ إيلاء المزيد من الاهتمام إلى المخاطر التعاقدية، ووضع المزيد من البنود التعاقدية المفصّلة والمتطورة في هذه العقود. كذلك، يتزايد الاهتمام بمراقبة المخاطر وعواقبها طوال مدة المشروع ".
مستقبل مقاولي الهندسة وعمليات شراء المواد، والبناء
ويشير خبراء ديلويت في قطاع البناء أيضاً إلى أنّ المقاولين يبحثون بدورهم عن طرق لتنمية شركاتهم مع الحفاظ على مصالحهم التقنية والتجارية والقانونية. وقد تتضمّن هذه الاعتبارات:
· الشفافية في ما يتعلّق بهوامش الربح للمقاول، والتي تساعد أصحاب المشاريع على التنبه لبعض المقاولين الهادفين لزيادة أعمالهم مقابل خفض هوامش ربحهم على حساب القدرة على التنفيذ بالمستويات المطلوبة.
· تحديث الأنظمة وطرق العمل المستخدمة لاحتساب كلفات المشاريع، لتأمين المستويات المطلوبة من الشفافية وللعمل في بيئة تعتمد أساس التكلفة المضافة وهي العقود المحدد سعرها بإضافة هامش ربح معين للتكلفة.
وقد يكون لهذا الأمر تأثيراً أساسياً على كيفية تسجيل الأكلاف غير المباشرة (المتقاسمة عبر مشاريع متعدّدة)، ويؤدّي إلى الانتقال من تحديد تكلفة العمليات إلى تكلفة المشروع.
· الاستثمار الإضافي في عمليات تدريب وتطوير قدرات الموارد البشرية ومهاراتها، للحرص على توفر المهارات المطلوبة والمتينة لكافة المشاريع.
ومع تغيّر قطاع الهندسة وعمليات شراء المواد، والبناء في منطقة مجلس التعاون الخليجي، يشير خبراء ديلويت إلى أن أصحاب المشاريع والمقاولين يعملون على تحسين إدارة مشاريعهم وقدرات الأداء لديهم وسيتوجهون نحو ثقافة مترسخّة لناحية الفاعلية الرأسمالية والشفافية والمساءلة.