أكد صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد المغربي دخل في دورة نمو متصاعد متجاوزاً تداعيات المرحلة السابقة، لافتاً إلى أن الظروف أصبحت مواتية لتحقيق نمو سنوي يتجاوز خمسة في المئة خلال السنوات الثلاث المقبلة. وأشار في تقرير أصدره نهاية الأسبوع في واشنطن في إطار متابعات الربع الرابع من العام الماضي، إلى أن «الوقت حان لمزيد من التطلع نحو الأعلى في الاقتصاد المغربي، لبناء مستقبل أفضل، مستفيداً من ظروف جيدة تمتاز بالثقة والاستثمار والاستقرار».
وأثنى على إصلاحات تقليص الدعم عن الأسعار خاصة المحروقات، مؤكداً أنها أتاحت خفض عجز الموازنة وميزان المدفوعات وزيادة احتياط النقد الأجنبي، على رغم ارتفاع المديونية التي قال إنها «ليست ثقيلة طالما أن الاقتصاد يحقق نمواً متزايداً، وقد يتراجع عبئ المديونية على الاقتصاد المغربي عام 2019».
وكانت كلفة دعم الأسعار الأساس تراجعت من 6.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2012 إلى 3.6 في المئة العام الماضي وصولاً إلى 2.3 في المئة خلال العام الحالي.
وكشف الصندوق أن الحكومة تدرس إمكان رفع الدعم عن الغاز المنزلي والسكر والقمح، وتحرير أسعار المحروقات الأخرى وتحويل كلفتها إلى الفئات الفقيرة لتحسين جودة التعليم الرسمي والخدمات الصحية للطبقات الفقيرة.
واعتبر أن الفوارق الاجتماعية ونسب البطالة المرتفعة لدى الشباب المتعلم، والتي تتجاوز 20 في المئة في المتوسط، تمثل عنصر ضعف في الاقتصاد، الذي يجب تطوير هياكله الإنتاجية وتحسين مناخ الأعمال وتبسيط الإجراءات الإدارية لجلب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.
تحرير سوق العمل
وحض الصندوق الحكومة المغربية على تحرير سوق العمل ومعاودة النظر في القوانين المنظمة لعلاقة العمل، من أجل خفض معدلات البطالة إلى ثمانية في المئة مع نهاية عام 2016. وأضاف أنه يدعم أي حوار بين الفرقاء الاجتماعيين لمعاودة النظر في «مدونة الشغل» بهدف تحرير سوق الوظائف في القطاع الخاص. وتعارض النقابات العمالية بشدة هذه التوصيات وتعتبرها «ضربة لحقوق العاملين في المغرب، وهدية للشركات الكبرى ورجال الأعمال التي قد تعمد إلى التسريح عوض التوظيف».
ويعتقد الصندوق أن كلفة التوظيف والتسريح تبقى مرتفعة في المغرب مقارنة بدول منافسة في جلب الاستثمارات، خصوصاً في شرق آسيا. وترد النقابات على ذلك بأن التنافسية يجب أن توفرها الحكومة في مجال تبسيط الإجراءات وتطوير الكفاءات وليس على حساب العمال والأجراء. وينسحب الأمر ذاته على «الصندوق المغربي للتقاعد» الذي ينصح صندوق النقد بإصلاحه عبر رفع سن التقاعد وخفض قيمة المعاش وزيادة نسبة الاشتراكات، لتفادي إفلاسه منتصف العقد المقبل.
وكان صندوق النقد ربط بين تنفيذ تلك الإصلاحات ومواصلة دعمه للحكومة، التي حصلت على خطوط تمويلات بـ11.2 بليون دولار على مرحلتين تنتهي صيف العام المقبل. ورأى محللون أن انخفاض أسعار الطاقة في السوق الدولية وعودة موسم الأمطار ساعد الحكومة في تفعيل الجزء الأول من مسلسل الإصلاحات التي مست دعم الأسعار، بيد أن الشطر الثاني من الإصلاحات قد يكون مكلفاً اجتماعياً وربما صعب التنفيذ، على اعتبار أنه يتعلق بحقوق تعاقدية مكتسبة، وليس امتيازاً لخفض التضخم كما هو الحال بالنسبة لصندوق المقاصة.
ويعتقد صندوق النقد أن مواصلة الإصلاحات شرط ضروري لزيادة النمو في المغرب ومعالجة الخلل المالي بهدف التنافسية وإيجاد فرص عمل وتقليص البطالة، وهي ملفات معقدة وموضع خلاف بين الفرقاء، وتحديداً بين الحكومة والنقابات.