في ظلّ الأزمات السياسية والإقتصادية المتعاقبة التي يمرّ بها لبنان والمنطقة في السنوات الأخيرة، ومع تقلّص حجم العديد من القطاعات الإنتاجية التي شكّلت، تقليدياً، ملاذاً آمناً للإستثمار، برز في السنوات القليلة الماضية توجّه متزايد نحو الإستثمار في القطاع الرقمي، وذهب بعض المراقبين الإقتصاديين إلى وصف القطاع بأنّه أحد أكبر الآمال التي يمكن لها أن تغيّر من واقع البطالة وفرص العمل في لبنان، بل وتحويل بيروت إلى عاصمة للصناعات الرقمية في المنطقة العربية.
إنطلاقاً من هذا الواقع الواعد، تنعقد برعاية ومشاركة معالي وزير الإتّصالات، بطرس حرب، صباح يوم الخميس المقبل في 26 آذار فعاليّات مؤتمر ومعرض الألعاب والتطبيقات الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (The Middle East & North Africa’s Online, Mobile & Console Games Conference & Exhibition)، الذي تنظّمه الشركة الدولية للمعارض (IFP Group) في محطّة مار مخايل التاريخية للسكك الحديدية في العاصمة اللبنانية بيروت، برعاية شركة ألفا بإدارة أوراسكوم للإتّصالات.
فقطاع التكنولوجيا والمعلومات في لبنان يعدّ من بين الأسرع نمواً في العالم، وهو يساهم بما نسبته 9% من إجمالي الناتج المحلي، وقد وصل عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة فيه إلى حوالي 800 شركة توظّف حوالي 5000 من اليد العاملة العالية التخصص، فيما تجاوزت قيمته السوقية النصف مليار دولار.
كما أنّ هذا القطاع يكاد يكون الوحيد في لبنان الذي يحظى بشبه إجماع على حيوّيته وربحيّته. وليس أدلّ على ذلك من المبادرات العديدة التي أطلقها القطاعين العام والخاص خلال السنوات القليلة الماضية لتوفير مختلف أشكال الدعم للقطاع والعاملين فيه. ففي أحدث خطواتها لدعم القطاع، أبرمت وزارة الإتّصالات إتّفاقاً بقيمة 12,8 مليون دولار مع البنك الدولي لتمويل مشروع "النظام البيئي للانترنت النقال" "Mobile Internet Ecosystem Project"، بهدف بناء نظام بيئي حاضن للصناعات الرقمية. أمّا وزارة الإقتصاد، فقد أطلقت في شهر كانون الثاني الماضي "إستراتيجية لبنان للشركات الصغيرة والمتوسطة – خارطة طريق" للعام 2020". وكان قد سبق لمصرف لبنان أن أصدر تعميمه الوسيط رقم 331 الذي وفّر للشركات الصغيرة والمتوسطة الناشطة في قطاع الإتصالات والقطاع الرقمي 400 مليون دولار على هيئة قروض دعم.
القطاع الخاص
أمّا على صعيد القطاع الخاص، فيبرز إعلان العديد من الشركات عن إنشاء صناديق استثمارية لرأس المال المبادر، مثل شركة Berytech التي أطلقت مشروعاً بقيمة ثلاثين مليون دولار أمريكي، و شركة Beirut Digital District، التي تقدم للإقتصاد اللبناني مشروعاً متكاملاً لإحتضان الشركات الرقمية، في مساحة جغرافية على أطراف وسط بيروت تتكامل فيها الخدمات والمميزات لخلق بيئة داعمة وحاضنة لهذا القطاع. ولا يبقى والحال هذه سوى إطلاق مشاريع إنتاجية محلّية جديدة، وإستقطاب الشركات الكبيرة من أوروبا والشرق الأقصى لتصبح بيروت محوراً للإبداع الرقمي في المنطقة ، وحاصنةً للمطورين والمبدعين في المجال الرقمي، وهو تحديداً ما يسعى مؤتمر ومعرض الألعاب والتطبيقات الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى تحقيقه.
إذ بحسب المنظّمين، سيجمع الحدث ممثّلين عن أكثر من 400 شركة محلّية ودولية من كبرى الشركات الرائدة في مجال الألعاب والتطبيقات الإلكترونية والجوّالة. إلى جانب أكثر من 50 متحدّثاً من نخبة المستثمرين ومديري وأَصحاب الشركات الدولية الرائدة في المجال من دول مختلفة، أهمّها أميركا، وألمانيا، والسويد، وبريطانيا، وكندا، والصين، وتركيا، وغيرها. وتشكّل مشاركة هذه المجموعة من المستثمرين وممثّلي حاضنات الأعمال المتخصّصين في تبنّي ودعم المشاريع الناشئة في المضمار الرقمي تحديداً، فرصة فريدة لرواد الأعمال اللبنانيين والإقليميين الموهوبين ذوي الأفكار اللامعة لتقديم أفكارهم في مراحلها الأولى، كما سيتيح للشركات الناشئة التي ما زالت في بداياتها الفرصة لنيل الدعم الذي يمكنها من الإنتقال إلى مستوى محترف، في ظل مشاركة أسماء قادرة على حمل أعمالهم إلى العالمية مثل الإتّحاد الدولي لمطوّري الألعاب (igda)، وأكثر من إتّحاد إقليمي للمطوّرين من الإمارات العربية المتّحدة، والبحرين، والمغرب، وتونس، ومصر، وغيرها.
عون
ويشير رئيس مجلس إدارة الشركة الدولية للمعارض ومديرها العام، ألبير عون، في هذا الإطار إلى أنّ "فكرة المؤتمر لقيت حماسة شديدة من الشركات الدولية التي تمّت دعوتها للمشاركة، إذ تبحث معظم شركات تطوير الألعاب والمحتوى الإلكتروني العالمية عن طرق مناسبة لدخول أسواق المنطقة العربية، وتسعى إلى تطوير محتواها العربي بالتعاون مع الكفاءات والمواهب المحلية، لذا شكّلت بيروت بالنسبة لهم خياراً ممتازاً كنقطة إنطلاق إلى أسواق المنطقة بالنظر إلى الميزات التنافسية التي تؤهّلها لتكون عاصمة الصناعات الإلكترونية على الصعيد الإقليمي."
ويؤكّد عون أنّ " الشباب اللبناني والعربي أثبت أن لديه القدرة والأفكار الجديدة ليكون في المراتب الأولى في العالم في هذا المجال، وشركاؤنا الدوليين في المؤتمر يؤمنون بالطاقة الكامنة في لبنان على صعيد الإبداع والتطور محلياً وعالمياً"، داعياً جميع "مطوّري ومنتجي وناشري المحتوى والألعاب والتطبيقات، ومطوّري المنصّات والشبكات، وشركات الخدمات المالية الجوّالة، وشركات الإعلانات الجوّالة، ومزوّدي الخدمات الإلكترونية المختلفة اللبنانيين والعرب إلى حضور المؤتمر للإستفادة من الكم الهائل من الخبرات والإمكانات التي سيجمعها الحدث ويضعها في خدمة تطلّعاتهم وطموحاتهم."
لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع الإلكتروني www.menagames.com