أبرمت مصر خلال المؤتمر الاقتصادي الذي عُقد في شرم الشيخ الشهر الماضي، بعنوان «مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري»، عقوداً واتفاقات تعاون، إلى جانب الدعم الخليجي ومشروع العاصمة الجديدة، بما قيمته 185 بليون دولار.
وأشارت المجموعة المالية «هيرميس»، في مذكرة بحثية أصدرتها، الى أن كلاً من الإمارات والسعودية والكويت قدّم منحاً ومساعدات قيمتها أربعة بلايين دولار، إضافة إلى 500 مليون دولار من عُمان، ليصل الإجمالي إلى 12.5 بليون دولار. وتنقسم هذه المساعدات بين ودائع نقدية قيمتها ستة بلايين دولار، و6.25 بليون دولار استثمارات، ودعم مباشر للموازنة العامة بـ250 مليون دولار. وستؤدي هذه المساعدات دوراً محورياً في دعم خطط البنك المركزي لسد عجز الموازنة، بالتزامن مع القضاء على سوق الصرف الموازية.
وأضافت المذكرة أن المنح والمساعدات المعلنة تتجاوز الأهداف والتطلعات السابقة، التي كانت تراوح بين ستة وثمانية بلايين دولار، ومن شأنها تمكين الحكومة المصرية من تمويل عجز الموازنة لمدة تراوح بين 12 و18 شهراً، بفضل ضخّ ودائع نقدية قيمتها ستة بلايين دولار، في مقابل العجز البالغ ستة بلايين دولار أيضاً في موازنة السنة المالية 2015 – 2016.
ولفتت إلى أن ضخّ هذه السيولة النقدية سيؤمن للحكومة مساحة لاتخاذ التدابير الوقائية اللازمة، إلى حين استئناف دورة الاستثمار الأجنبي المباشر. وأضافت أن هناك عدداً من التحديات تواجه نتائج المؤتمر، أبرزها «التنفيذ ووفرة اليد العاملة الأجنبية ومواصلة النهج الإصلاحي». وفي ما خصّ التنفيذ، أكدت المذكرة أن «الحكومة اتخذت خطوات حاسمة نحو تنفيذ إصلاحات تشريعية ملموسة خلال الأشهر التسعة الماضية، ولكن ما زال أمامها الكثير لتنجزه، إذ عليها الإسراع في إصدار تعرفة تغذية محطات الكهرباء بالفحم، باعتبارها خطوة رئيسة نحو تنمية الاستثمارات خلال الفترة المقبلة، وتعجيل نشر اللائحة التنفيذية لقانون الكهرباء الجديد بعد نحو ستة أشهر من إعلانه في الجريدة الرسمية.
وأكدت مذكرة «هيرميس» أن وفرة العملة الأجنبية وإرساء قواعد الاستقرار الطبيعي في ميزان المدفوعات، من أبرز التحديات القصيرة الأجل التي يواجهها الاقتصاد الوطني، إذ إن نمو الواردات بمعدل سنوي 10 في المئة يتطلب توفير سيولة مقدارها ستة بلايين دولار لمواكبة تقديرات النمو. ولفتت إلى أن القطاع السياحي يُظهر تدريجاً مؤشرات التعافي، كما باتت الحكومة مضطرة إلى مواصلة خفض قيمة الجنيه لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وإنعاش التدفقات الاستثمارية، ويُتوقع أن تلجأ إلى الاقتراض الخارجي لتمويل عجز الموازنة وتأمين العملة الصعبة.
النهج الإصلاحي
وشددت مذكرة «هيرميس» على ضرورة مواصلة النهج الإصلاحي، خصوصاً مع ارتفاع العجز ومستوى الدَين العام، ما يستلزم الدفع بحزمة إصلاحات مالية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي من منظور كلي، مشيرة إلى الالتزامات الدستورية التي تلزم الحكومة بزيادة حجم الإنفاق العام بنحو 21 بليون دولار، خلال ثلاث سنوات قبل عام 2017، في قطاعات التعليم والصحة والبحث العلمي. ولفتت الى أن مصر مطالبة بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية الجارية بسرعة، واتخاذ تدابير مالية ضخمة لترسيخ المقومات الكلية الداعمة للاقتصاد، بينها مواصلة العمل على خفض فاتورة دعم الطاقة وفرض ضريبة القيمة المضافة وتنمية قاعدة الممولين، من خلال الارتقاء بمنظومة التحصيل الضريبي. وأضافت أنه من المبكر تحديد جدية إجراءات التنفيذ، في ظل عوامل تشتيت خلال الفترة المقبلة، أبرزها تحديد موعد الانتخابات البرلمانية عقب حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر.
وسيركز كثر من مطوري مشاريع البنية الأساسية خلال الأشهر المقبلة، على تجنّب أزمة الطاقة الكهربائية خلال فصل الصيف، عبر تنفيذ الخطة القومية لطوارئ الطاقة والتي ستنتج منها إضافة 3.2 غيغاوات إلى شبكة الكهرباء بحلول آب (أغسطس) المقبل، إضافة إلى تأثير التباطؤ الموسمي لشهر رمضان المبارك الذي سيحلّ في حزيران (يونيو) المقبل.
ولفتت إلى أن «مؤتمر مصر المستقبل ومشروع قناة السويس الجديدة، أثبتا أن الحكومة قادرة بالتوازي على الإنجاز بكفاءة في مواقع متعددة، ويزيدنا ثقة وتفاؤل مشاركة بنوك الاستثمار ومؤسسات القطاع الخاص في إعداد قائمة بالمشاريع الاستثمارية والمساهمة في الترويج لها، بما في ذلك مشروع «أربورت سيتي» وغيره من المشاريع التي تروّج لها هيرميس على نفقتها الخاصة، للتوفير على خزانة الدولة». وأشارت إلى أن «قدرة الحكومة على مواصلة هذه الإنجازات بعد حال التفاؤل التي سادت المؤتمر الاقتصادي، ستكون محلّ اختبار يومياً، إذ تتمثل المحطات المقبلة في إجراء الانتخابات البرلمانية وافتتاح مشروع قناة السويس الجديدة خلال الصيف».