كلمة ممثّل وزير التموين والتجارة الداخليّة المصري، نائب رئيس جهاز تنمية التجارة ياسر عبّاس، خلال خلال المؤتمر الصحافي الرسمي لإطلاق فرع الشركة الدولية للمعارض (IFP Group) في مصر.
تجلى اهتمام القيادة السياسيّة في مصر، بالأمن الغذائي للمواطن وأهمية توفير السلع الأساسيّة له بأسعار مناسبة وبجودة عالية حيث أنّ الأمن الغذائي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن القومي. ولمّا كانت رؤية الحكومة المصريّة وأهدافها التي أعلنها السيد معالي وزير التموين والتجارة الداخليّة تقضي إلى أنّه من حق المواطن الذي أصبحت له إرادة اختيار مَن يمثّله سياسياً أن يختار ما يتناسب معه من سلع وأن يحصل عليها بكرامة إنسانيّة ويسر. وإيماناً من وزارة التموين والتجارة الداخليّة بأهميّة توجيه الاستثمارات لقطاع التجارة الداخليّة والصناعات الغذائيّة، وامتلاكها لمنظومة متكاملة الأركان للتنمية وأهمها:
- طرح الأراضي بمنظار المطور التجاري حيث أنّ جهاز تنمية التجارة الداخليّة هو المنوط بالقيام بالدور التنموي المأمول بتقديس منظومة التجارة الداخليّة ككلّ، والبحث عن أنسب طرق للشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص للاستفادة من الخبرة التي لديه لإقامة المزيد من التجمّعات التجاريّة.
- تخفيض أسعار السلع عن طريق خفض حلقات التداول والتضرّر في إنشاء سلاسل إمداد وتحديث البنية اللوجيستيّة مما يعمل على وصول السلع للمستهلك بالسرعة المطلوبة وبسعر تنافسيّ.
- تفعيل دور الشركة القابضة للصناعات الغذائيّة لتعظيم دور الحكومة في التواجد في السوق المحليّة لضبط الأسعار طبقاً لاقتصاديّات السوق المفتوح وآليّة المنافسة عن طريق المجمّعات الاستهلاكيّة التي تمتلك أكبر نطاق جغرافي على مستوى الجمهوريّة.
- الارتقاء بالسلع المقدّمة للقاطنين في القرى والمناطق العشوائيّة والتي لا تتواجد فيها مجمعات تجاريّة وتقديم سعر تنافسيّ وجودة متميّزة عن طريق منافذ بيع متنقل وثابت بالتعاون مع القطاع الخاص.
- إقامة معارض دائمة ومؤقتة للسلع الغذائيّة لتقديم سعر تنافسي والحد من الاختلالات الهيكليّة في أسعار السلع الغذائيّة.
- إقامة معارض لوجيستيّة متخصّصة لتشجيع المستثمرين وللتعرّف على أحدث طرق التعبئة والتغليف.
طبقاً لمؤشّرات المرصد الغذائي المصري والهيئة العامة للاستثمار، يقدّر قطاع الانتاج الزراعي والصناعات الغذائيّة بحوالي 21% من إجمال الانتاج الصناعي في مصر ليصل إلى 4 – 7 من 10 مليار دولار أي أنها تعادل 3 – 6 من معدّل الناتج المحلي الإجمالي في مصر، بقيمة صادرات سنوية تبلغ 2 – 3 من 10 مليار دولار الناتجة عن الرقعة الزراعية الحاليّة البالغة ثمانية ملايين ونصف المليون فدان حيث أنّ 37% من الاستثمارات الموجّهة للقطاع هي استثمارات أجنبيّة مباشرة مما يعكس مدى الجدوى الاستثماريّة.
ومن أهم منافع الخطّة المستقبليّة لقطاع الصناعات الغذائيّة والإنتاج الزراعي في مصر، المتوقعة في عام 2020، أن تصل الإيرادات السنويّة إلى 21 مليار دولار بالإضافة إلى 500 ألف فرصة عمل سنوية جديدة، وستصل القدرة الإنتاجيّة إلى 254 مليون طن من الفاكهة والخضروات سنوياً، وإضافة 13 من 10 مليون فدان للرقعة الزراعيّة الحاليّة، لترتفع صادرات القطاع إلى 38 مليون طن سنوياً بقيمة إجماليّة قدرها مليار ونصف المليار دولار، محققاً معدّل نمو سنوي قدره 34%.
من أهم نقاط القوة والإمكانات التنافسيّة المميّزة في القطاع:
- التنوع في المنتجات المتاحة للزراعة
- المناخ المناسب لأكبر قدر من المنتجات الزراعيّة
- أفضليّة الوصول إلى الأسواق الأوروبية والخليجيّة ذات القدرة الشرائيّة العالية
- بنية تحتيّة زراعيّة متاحة ولكنّها تحتاج للتطوير والدخول في منظومة الزراعة الحديثة
- قاعدة استهلاكيّة كبيرة ونامية حيث تشترك السوق الخليجيّة في الحصول على المنتجات المصريّة بنسبة 45 % من إجمالي صادرات القطاع
- قوة عابرة ضخمة ولكنها تحتاج للمزيد من التدريب حيث تقدّر بـ 6 مليون عامل بنسبة 31% من إجمالي القوة العاملة بمصر
- وجود الكثير من شركات الدعم اللوجيستي المصاحِبة لإنتاج المنتجات الغذائيّة .
وعلى المستوى العربي، تمّ رصد المصاريف الزراعيّة في العالم العربي بـ 19 مليار دولار للسلع الأساسية ووصلت نسبة ناقصي الغذاء إلى 11 % من إجمالي السكان، وتجاوزت في بعض الدول نسبة الـ 70% مثل الصومال، اليمن، السودان، والعراق. مع أنّ هناك الكثير من مقوّمات التكامل الاقتصادي من حيث التكتلات الاقتصاديّة مثل مجلس التعاون الخليجي، اتحاد دول المغرب العربي، الدول العربية المشاركة في اتفاقيّات مع أطراف غير عربيّة، مثل " الكومتسا " وهي اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
تتمثّل أهم أسباب الأزمة الاقتصادية في العالم العربي في الأسباب الآتية:
- نقص الموارد المائيّة
- المضاربة من قبل الشركات العالميّة في البورصات السلعيّة
- الزيادة السكانيّة المرتفعة والتي لا تتناسب مع معدلات نمو الاستثمار في المنتجات الغذائية
- سوء الإدارة وضعف معدلات التنمية
- عدم اتباع أحدث الأساليب التكنولوجيّة في الزراعة حيث أنّ استخدام الماكينات الزراعية في العالم العربي أقلّ من المستوى العالمي بنسبة 40% .
- قصور التخطيط الزراعي وتدني البنية التحتيّة الزراعيّة
- ضعف الاستثمارات الموجهة للمنتجات الزراعية مقارنة بالمستويات العالمية
- ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري مما دفع العديد من الشركات إلى تحويل مساحات زراعية كبيرة لإنتاج الوقود العضوي
- عدم الاستفادة على الوجه الأمثل من التكتلات الاقتصاديّة واتفاقيات الشراكة مع الأطراف الأخرى
- منظومة لوجيستيّة فيها الكثير من أوجه القصور
- ارتفاع القدرة الشرائية لمواطني الخليج العربي مما يزيد من حجم الطلب على المنتجات الغذائيّة.
أما على المستوى الإفريقي، فتتوافر المساحات الزراعية الشاسعة والموارد المائيّة الهائلة مع ضعف الإمكانيّات المتاحة للتطوير واتباع أحدث أساليب الزراعة الحديثة مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة المنتجات التالفة الناتجة عن سوء التخزين وتدهور المنظومة اللوجيستية.
في إطار توجهات القيادة السياسيّة المصريّة، للقيام بدور إيجابي في إفريقيا والعودة إليه، لا يحتاج الأمر الكثير من الجهد لملاحظة التحرّك القوي والمكثف للدولة المصرية. فقد قام وزير الخارجية المصري سامح شكري بزيارة أكثر من 15 دولة إفريقية في فترة وجيزة ضمن جولاته المكوكيّة حيث أصبحت الفرصة متاحة لإعادة جسور الأخوة والصداقة بين مصر والدول الإفريقية لتعزيز علاقتنا مع القارة الإفريقيّة في مختلف المجالات وفي القلب منها ملف المياه الذي يعدّ أهم ملفات الأمن القومي المصري.
فالتحرّك والتوجه المصري من جديد نحو الأشقاء في الدول الأفريقية، إنما جاء في إطار خطة واضحة ومحدّدة لإعادة مصر إلى جذورها الإفريقية ليس فقط من خلال زيارات رسمية وبيانات دبلوماسية وإنما من خلال التركيز على خلق مصالح مشتركة طويلة المدى تقوم على تحقيق المنفعة المتبادلة لكل الأطراف، وتعزيز أواصر التعاون بين الشعوب الإفريقيّة لتنشيط العلاقات مع الدول الإفريقية على المستويات كافةً، والاطلاع لدور نشِط في احتواء الأزمات الإفريقية قبل أن تتكاثر. وعودة دور الدبلوماسيّة وتبادل المشروعات الاستثماريّة والتنمويّة من خلال إحلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية بديلاً عن الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا، وهي الوكالة التي سيوجّه القسم الأكبر من أنشطتها للدول الإفريقية، في إطار منظومة جديدة من التعاون لا سيّما في المجالات التي تتمتّع مصر فيها بميزة نسبيّة وخبرة كبيرة مثل مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والخدمات الصحيّة والزراعة والطاقة.
التوصيات:
- ضرورة التكامل الاقتصادي للدول العربية والإفريقية ، والاستفادة على الوجه الأمثل من الكيانات الاقتصادية القائمة.
- توجيه المزيد من الاستثمارات إلى القطاع ومنح المزيد من حوافز الاستثمار المباشرة وغير المباشرة لتحفيز المستثمرين للدخول في القطاع، لمعدلات إمكانياتهم العالية.
- تفعيل المنظومة اللوجيستيّة بأحدث الأساليب التكنولوجيّة من نقل وتعبئة وتغليف للارتقاء بجودة المنتجات المقدّمة.
- ضرورة الاستفادة من المنظمات الدولية العاملة في المجال وتوقيع بروتوكولات تعاون معها للاستفادة منها في الجانب البحثي والتقني.
- تحديث المنظومة التشريعيّة لإتاحة المجال أمام الشركات الاستثماريّة بلا عوائق قانونيّة.
ولا يسعني في النهاية إلا أن أتقدّم بكامل الشكر للسادة منظّمي هذا الحفل الكريم وأتوجه إلى حضراتكم بالتحية بالنيابة عن معالي وزير التموين والتجارة الداخليّة.