قدمت كل من مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة قطر والإمارات العربية المتحدة بياناً تاريخيا مشتركاً إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي (UNFCCC) مساهمة منها في إنجاح أعمال مؤتمر الامم المتحدة الثامن عشر للتغير المناخي COP18/CMP8 – الدوحة.
جاء ذلك في ختام مؤتمر الدوحة COP18/CMP8 يوم الثامن من ديسمبر الحالي بعد مفاوضات شاقة بين الدول الاعضاء لعبت خلالها الدولة المضيفة قطر دورا توافقيا كبيرا .
وتبنّى مؤتمر الدول الأطراف هذا البيان في جلسته الختامية، فشقّ الطريق أمام الدول النامية لتحثيث جهودها الوطنية في مجال مواجهة التغيّر المناخي على نطاق أوسع، تحت مظلة التنمية المستدامة والتنويع الاقتصادي.
وفي هذا السياق قال سعادة السيد عبدالله بن حمد العطية، رئيس المؤتمر: "ترحّب دولة قطر بشكل خاص بهذه المبادرة دعماً لاستضافة الدولة مؤتمر التغير المناخي COP18/CMP8. فقد أملنا، من خلال استضافة المؤتمر بأن نسلّط الضوء على الابتكارات والريادة في مجال التغيّر المناخي في منطقتنا".
ويفتح هذا القرار المجال أمام الدول المشاركة لعرض "خطط التنويع الاقتصادي" بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي و السبل التي تتّبعها كل دولة للحدّ من الانبعاثات عبر تشجيع الطاقة النظيفة وإنشاء صناعات جديدة، إضافة إلى الخطوات التي تتّخذها لمواجهة التغير المناخي، وهي خطوات تتجسد في السياسات والأهداف التي سبق أن رسمتها هذه الدول. وقد وعدت الدول الأربع بتقديم خطط مماثلة في المستقبل القريب.
ومن جهته، قال د. عادل خليفة الزياني، المدير العام للإدارة العامة لحماية البيئة والحياة الفطرية في مملكة البحرين : "تمثل إستضافة إحدى دول مجلس التعاون الخليجي للمرة الأولى لمؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي فرصة مهمّة لتظهر هذه الدول ريادتها في هذا المجال. فصحيح أنّ دول مجلس التعاون الخليجي تواجه تحديات فريدة تفرضها البيئة التي نعيش فيها والتنوّع الاقتصادي المحدود في منطقتنا، إلا أن ذلك لم يحُل دون قيامنا بمساهمات مهمة في الجهود الرامية لمحاربة الآثار الناجمة عن التغيّر المناخي".
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّه بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، تستطيع الدول النامية عرض الخطوات في هذا الصدد على أساس طوعي ووطني. وتقوم دول الخليج بمجموعة واسعة من المشاريع المهمّة التي تمثّل مساهمات ملحوظة في مجال الطاقة النظيفة والجهود العالمية لمحاربة التغير المناخي، ومنها أهداف الطاقة المتجدّدة في كل بلد وإدارة مطالب الطاقة من خلال "الشبكات الذكية" المتّصلة إقليمياً وبرامج توفير الطاقة الإلزامية ومعايير الاستدامة الجديدة لقوانين البناء والمعدّات. وتطال التنمية التي لا تصدر الكثير من الكربون أقساماً أخرى من تطوير البنى التحتية، إلى جانب الاستثمارات الهائلة وأنظمة النقل العام، وتشمل مترو دبي والريل في الدوحة الذي هو قيد الإنشاء حاليا. ويظهر الالتزام الإقليمي بمواجهة التغيّر المناخي على مستوى المكاتب والمساكن في مشاريع تنمية مدنية متطورة مثل مدينة مصدر في الإمارات ومدينة لوسيل بدولة قطر، فتشقّ طرقاً جديدة للتنمية المستدامة الشاملة في البيئة المدنية وترفع معايير المنتجات والممارسات المبتكرة التي تستطيع مواجهة آثار التغيّر المناخي وفي الوقت عينه تتوافق مع أعلى معايير الاستدامة. وعند انتهائه، سيصبح مشروع مشيرب القطري أكبر تجمّع في العالم للأبنية "الخضراء"، إذ يحظى 108 مبنى من أبنيته الـ 110 بشهادات الاستدامة، بما في ذلك أول مسجد في التاريخ يتوافق مع معايير البلاتينوم في الريادة ممثلة في تصميمات الطاقة والبيئة LEED).
ويصل نطاق هذه المشاريع إلى المحرّكات الاقتصادية لكل الدول، فترسم مساراً واضحاً لتنويع الاقتصادات إلى "اقتصادات تقوم على المعرفة" في المنطقة. وقد ساعدت الاستثمارات المهمّة في تحويل العمليات الصناعية الدول على الاستقاء من خبرتها كدول منتجة للطاقة لتطوير تقنيات حرق الغاز، وتحسين حجز الكربون وتخزينه وحتّى إطلاق أكبر مشروع لآلية التنمية النظيفة في حقل الشاهين بدولة قطر.
وتثبت الاستثمارات الضخمة في مجالي التعليم والأبحاث بوضوح الالتزام الإقليمي بالتصدّي لهذه الظاهرة. فجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بالمملكة العربية السعودية، ومعهد مصدر في الإمارات وواحة العلوم والتكنولوجيا في قطر ومعهد البحوث القطري للطاقة والبيئة ، كلّها جاهزة لتحقيق عوائد كبيرة من الناحية الاقتصادية والمساهمة في الحلول اللازمة لمواجهة مشاكل التغيّر المناخي.
وكانت دول مجلس التعاون الخليجي قد تقدمت في مداخلاتها خلال مؤتمر الأمم المتحدة الثامن عشر للتغير المناخي في الدوحة باقتراح قرار أن تشمل المبادئ التي تضمنتها "خطة عمل بالي" الخاصة باتفاقية الأمم المتحدة الاطارية للتغير المناخي اعترافا بالخطط الوطنية التي تساهم في تحقيق التقدم في معالجة مسائل التغير المناخي من خلال اعتماد التنوع الاقتصادي والتنمية المستدامة. ويبرهن هذا المفهوم على أهمية كبرى للعديد من بلدان العالم لا سيما دول الخليج التي تسعى لتنويع اعتماد اقتصادها على عائدات قطاع الطاقة التقليدي. ويتيح القرارالجديد تعزيز هذه الخطط والاعتراف بها ضمن الاتفاقية المذكورة.
ويمثل المقترح مقاربة مبتكرة من الدول النامية من خلال التزامها بتأسيس إطارات عمل للتعاون في تحقيق نتائج إيجابية بشأن التخفيف من آثار التغير المناخي، والتكيف من خلال تضمينها في البنى التحتية المحلية ومبادرات التنمية الاقتصادية.
وقال الدكتور سلطان الجابر، المبعوث الخاص لدولة الإمارات العربية المتحدة للطاقة وتغير المناخ، "إن اعتماد هذه المبادرات معاً يشكل مؤشرا قويا على جدية دول المنطقة في حماية المناخ. إن دعمنا راسخ للجهود المبذولة من قبل رئاسة دولة قطر لمؤتمر التغير المناخي COP18/CMP8 والتعاون المباشر لدول المنطقة، ويسرنا كذلك أن نرى مجلس التعاون لدول الخليج يضطلع بدور ريادي في اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية للتغير المناخي".
ومن جانبه قال د. خالد أبو الليف، كبير المفاوضين السعوديين للاتفاقيات المناخية "إننا ملتزمون تماماً بالتعاون والتحرك في معالجة المسائل العالمية هذه. ويتعين علينا إيجاد التقنيات والابتكارات الأساسية لتوفير الفرص وإحراز التقدم لشعوب منطقتنا من أجل مواجهة بعض أكثر المسائل جدية في عصرنا، وإننا فخورون لرؤية "بوابة الدوحة للمناخ" تفتح أمام الدول النامية في مختلف أنحاء العالم".