بعدما فتحَت مصر صفحةً جديدة في حياتها السياسية وبذلَت السلطاتُ فيها جهوداً لدعم الإقتصاد، ها هو مؤتمر "مصر المستقبل" الذي عُقدَ في شرم الشيخ والذي شاركَ فيه أكثر 4 آلاف شخص، يُظهرُ حجم الإهتمام اللبناني في هذه البلاد، إذ كانَ الوفدُ اللبناني من أكبر الوفود المشاركة، مع الإشارة إلى أنَّ لبنان يحتلُّ المرتبة الرابعة عشرة عالمياً حيال نسبة الاستثمارات في تلك البلاد.
ليس مستغربا أن يكون كفّا الاستثمار والميزان التجاري راجحين لمصلحة مصر، فحجم الاقتصاد المصري يقدر بنحو 260 مليار دولار، فيما يقدر حجم الاقتصاد اللبناني بنحو 40 ملياراً. كما تظهر الأرقامُ أنَّ قيمة الاستثمارات اللّبنانية في مصرَ وصلَت إلى نحو 3.7 مليارات دولار تقريباً منذ السبعينات، أي منذُ أن بدأت هذه الاستثمارات التدفُّق، ويبدو أنَّها تّتجهُ حالياً نحو مزيدٍ من التطوّر.
يشيرُ رئيسُ جمعية رجال الأعمال اللّبنانية- المصرية هشام مكمّل لـ"النهار"، إلى أنَّهُ خلال موجة التظاهرات التي شهدتها البلاد، لم تتأثّر الاستثمارات اللبنانية مباشرة، بل واجه الاقتصاد ككلّ الانتكاسة، إذ إنَّ الآمال التي يعلّقها اللبنانيون على السوق المصرية ظلّت قائمة.
ويؤكّد أن هذه الاستثمارات تصبُّ في القطاع الخاص، ومعظمها يتركَّزُ في القطاعات المصرفية، الخدماتية، السياحية والصناعية، علماً أنَّها منتشرة في كلّ المناطق خصوصاً في القاهرة، 6 أكتوبر، العاشر من رمضان، الإسكندرية وغيرها.
وإذ يلفتُ إلى أنَّ هذه المعلومات والأرقام ناتجة من العلاقات التي تنسجُها الجمعية وليس عبر إدارة حصر معيَّنة، يؤكّدُ مكمل أنَّ هذه الاستثمارات تنعكسُ إيجاباً على لبنان لجهة تبادل الخبرات وجذب الاستثمارات إليه، وأنَّ التسهيلات التي تقدَّمها السلطات المصرية للمستثمرين الأجانب عموماً، تتجلّى ملامحها عادةً في القروض المدعومة، العقارات، الإعفاءات الجمركية والضريبية وغيرها. ومع دخول مصر مرحلة جديدة، بدأ المعنيون اتخاذ الاجراءات الكفيلة بتسهيل امور المستثمرين، وخصوصا حيال تلك التي تتعلق بالروتين الاداري والبيروقراطية والاجراءات الواجب اعتمادها للحصول على ترخيص لكي يبدأ المستثمر في مشروعه. وقد اتخذ قرار بتبسيط هذه الاجراءات عبر اعتماد الشباك الموحد للمستثمرين لتسهيل الامور أمامهم.
الإستثمار المصري
أما في ما يتعلّق بالإستثمار المصري في لبنان، فيشرحُ مكمّل أنَّه لا يزالُ خجولاً جداً، خصوصاً أنَّ المستثمر يبحثُ بالدرجة الأولى عن الاستقرار السياسي، الأمني والاقتصادي، لكنَّ الجهود التي تقومُ بها الجمعية متواصلة، لناحية تبادل الخبرات والقدرات، تحفيز الاستثمار المصري وتعزيز التواصل بين البلدين عبر عقد لقاءات إقتصادية وحوارية، خدمةً لأهدافها.
وهنا لا بد من الاشارة الى التفاوت بين اعداد المستهلكين في البلدين اذ يقدر عددهم في مصر 90 مليون مستهلك، فيما لا يناهز عددهم في لبنان الـ 4 ملايين. ما يؤدي الى تريث المستثمر المصري في قرار الاستثمار في لبنان بغض النظر عن المعوقات التي يمكن أن يواجهها.
أخيرا، ينصح المعنيون في مصر المستثمرين اللبنانيين بالاستثمار في قطاعات واعدة في مصر، كالتطوير العقاري الذي تصل معدلات عائداته الى 25% والبتروكيميائيات (معدل عائداته 20%) والقطاع المالي والتكنولوجيا وتجارة التجزئة خصوصا وان ثمة نحو مليون مستهلك تقريباً يضافون سنويا الى السوق المصرية.