أشار تقرير البنك الوطني إلى تراجع حاد لفائض ميزان المدفوعات بالمفهوم الواسع، الذي يأخذ في الاعتبار التغيرات في الاحتياطيات، التي يملكها بنك الكويت المركزي والتغيرات في قيمة الموجودات الخارجية للجهات الحكومية الرئيسية، محافظاً رغم ذلك على فائضه.
فقد تراجع الفائض من 16.4 مليار دينار في عام 2014، ليصل إلى 1.6 مليار دينار في عام 2015. وبينما استمرت الموجودات الخارجية للجهات الحكومية في التراكم، شهدت الاحتياطيات الخارجية لبنك الكويت المركزي تراجعاً، كما هو واضح في ميزان المدفوعات بمفهومه البسيط، مما يدل على أن الكويت قد سجلت عجزاً بسيطاً.
لكن البنك المركزي لا يزال يملك احتياطيات قوية بقيمة 7.8 مليارات دينار بحلول نهاية عام 2015، أو قيمة ما يقارب 9.9 أشهر من الواردات. في الوقت نفسه، تقدر استثمارات الكويت السيادية، التي تمتلك الهيئة العامة للاستثمار معظمها بقيمة 170 مليار دينار (المحرر: أي نحو 561 مليار دولار).
ولفت {الوطني}: الوطني إلى تراجع فائض الحساب الجاري في عام 2015 إلى أقل مستوى له منذ ثلاثة عشر عاماً، ليبلغ %5.1 من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنسبة %33 خلال عام 2014، عازياً هذا التراجع بشكل رئيسي إلى تراجع ميزان السلع نتيجة انخفاض إيرادات الصادرات النفطية، مع استمرار تدني أسعار النفط مؤخراً. كما يعزى بعض هذا التراجع إلى قوة النمو في كل من الواردات وصافي الصرف على الخدمات، بالإضافة إلى تراجع صافي الدخل الاستثماري. في المقابل، ساهم انخفاض تحويلات العاملين الى الخارج في التخفيف من حدة التراجع في الحساب الجاري.
وتوقع «الوطني» أن يتراجع الفائض في الحساب الجاري للكويت بصورة أكبر في عام 2016، ويتحسن لاحقاً في عام 2017، تماشياً مع تحسن أسعار النفط. إذ من المتوقع أن يسجل الحساب الجاري عجزا بسيطاً بنحو %1 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016 نتيجة أسعار النفط المنخفضة وقوة نمو الواردات. إلا أن الكويت لا تزال تحظى بوضع خارجي جيد نسبياً مقارنة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بسبب حجم استثماراتها الخارجية ومرونة حسابها الجاري.
وقد تراجع ميزان السلع في عام 2015 بنحو أكثر من النصف، ليصل إلى أقل مستوى له منذ أحد عشر عاماً عند 8.4 مليارات دينار، وذلك نتيجة تراجع الصادرات النفطية بشكل رئيسي بنحو %47. وقد تسبب التراجع الحاد في أسعار النفط بنسبة %51 في انخفاض الصادرات النفطية. كما جاء هذا التراجع في ميزان السلع نتيجة تسارع معتدل في نمو الواردات واتّساع العجز في صافي الخدمات. إذ حافظ نمو الواردات على قوته عند %7.1، تماشياً مع انتعاش واردات السلع الرأسمالية نتيجة قوة الإنفاق على المشاريع الرأسمالية والأوضاع الاقتصادية. واستمرت تدفقات صافي الخدمات في الارتفاع خلال عام 2015، بدعم من قوة نمو صافي مصروفات السفر بنحو %10.
وتسبب تراجع صافي الدخل الاستثماري ببعض الضغوطات على ميزان الحساب الجاري. إذ تراجع بواقع %7.8 في عام 2015 نتيجة ارتفاع التدفقات الخارجية للدخل الاستثماري (دخل الاستثمار الأجنبي في الكويت)، بينما استمرت تدفقات الدخل الاستثماري من خارج الكويت بالنمو بواقع %8.2، لا سيما الدخل من الاستثمار في محافظ الأوراق المالية، الذي سجل نمواً بواقع %10 خلال عام 2015.
وقد قابل هذا التراجع في التدفقات للحساب الجاري تراجعاً في مدفوعات العمالة التحويلية، وذلك بواقع %12، مما تسبب في انخفاض التحويلات الجارية بواقع %16 خلال عام 2015. الجدير بالذكر أن هذا التراجع قد جاء بعد أن سجلت مدفوعات العمالة التحويلية ارتفاعاً قوياً في عام 2014 بواقع %14.
الحساب المالي والرأسمالي
تسبب تراجع الحساب الجاري في تراجع التدفقات إلى الخارج في الحساب المالي والرأسمالي. ولكن لا تزال الكويت دولة دائنة، حيث بلغت التدفقات المالية إلى الخارج 2.1 مليار دينار مقارنة بقيمتها البالغة 16.4 مليار دينار خلال عام 2014. وجاء التراجع نتيجة انخفاض الأصول السائلة، حيث تراجعت العملة والودائع الحكومية بواقع 8.1 مليارات دينار.
كما تراجعت أيضاً التدفقات إلى الخارج من استثمارات المحافظ التي تعكس استثمارات الأسهم وسندات الدين بواقع %44، لتصل إلى 9.9 مليارات دينار، ولكنها حافظت على قوتها نسبياً مما يدل على استمرار الاستثمارات في صندوق الأجيال القادمة. وارتفعت أيضا استثمارات الكويت المباشرة في الخارج خلال عام 2015 بواقع 1.5 مليار دينار.
وتراجعت التدفقات إلى الحساب الرأسمالي الأصغر حجماً خلال عام 2015، نتيجة غياب المدفوعات للجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة الخاصة بتعويضات الكويت من أضرار الغزو العراقي في عامي 1990و1991. تجدر الإشارة إلى أن الكويت قد أبدت استعدادها لتعليق تلك المدفوعات كمبادرة حسن نية تجاه الحكومة العراقية في ظل انخفاض أسعار النفط.