بحلول الثامن من ذي القعدة 1433 الموافق 24 سبتمبر 2012، يكون المعرض الزراعي السعودي، قد أتم 31 عاما من مسيرة العطاء والمساهمة في النهوض بقطاع الزراعة والصناعات الزراعية والغذائية في المملكة، ليتبوء موقعاً متقدما كأعرق معرض زراعي متخصص، ليس على مستوى المملكة فحسب، وإنما أيضا على مستوى الشرق الاوسط.
لقد أسهم المعرض من خلال الدورات السابقة، في استقطاب اعداد كبيرة من الشركات المتخصصة في المجال الزراعي والغذائي ، في اطار توجه الحكومة السعودية نحو التأمين الغذائي للمملكة ، واستيراد المنتجات والتقنيات الحديثة التي تلبي إحتياجات المزارع والمشاريع الزراعية.
من المؤكد أن حرص وزارة الزراعة على تنظيم المعرض الزراعي السعودي، يجسد الاهتمام الكبير الذي توليه للقطاع الزراعي، باعتباره يمثل أحد الركائز الرئيسة للأمن الغذائي في المملكة وهو ما دفع الوزارة للمبادرة منذ وقت مبكر في اعداد استراتيجيات واستحداث آليات تقلل من الافتقار للمقومات الزراعية من أراض خصبة ومياه وفيرة ومناخ مناسب. وتعد هذه التظاهرة الزراعية السنوية التي تجمع تحت سقف واحد أصحاب الاختصاص والخبرات والتجارب المتنوعة من دول مختلفة إحدى الآليات التي تبنتها الوزارة للنهوض بالقطاع الزراعي. فهذا المعرض ركز منذ انطلاقته قبل اكثر من ثلاثة عقود على استقطاب المختصين في المجال الزراعي والغذائي ودراسة التجارب المختلفة للإفادة منها في بلورة رؤى وحلول تساعد في مواجهة الظروف الطبيعية القاسية التي تعاني منها المملكة من خلال ابتكار تقنيات حديثة وتطوير أنظمة ري فاعلة فضلاً عن استزراع سلالات نباتية وحيوانية تتلائم مع ظروفنا المناخية.
لم تقتصر رسالة هذه التجمع الزراعي الضخم على التعريف بآخر التطورات في صناعة الزراعة والغذاء والتثقيف في هذا المجال فحسب، وانما شملت كذلك توعية المجتمع السعودي بالقضايا الوطنية الاستراتيجية واستنهاض همته للتفاعل بايجابية وبخاصة مسالة ترشيد المياه للمحافظة على المصادر المائية.
وبالإجمال فإنه مع كل دورة جديدة للمعرض الزراعي السعودي تتجدد الآمال بإيجاد استراتيجيات تحقق الأمن الغذائي في بلادنا والذي أصبح بلا شك يشكل هاجسا لكل دول المنطقة بلا استثناء مما يتطلب تضافر الجهود العربية لمواجهة هذه القضية بشكل جماعي خاصة وإنها قضية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وأمنية تحتم التعامل معها بجدية وبنظرة بعيدة المدى من خلال المحافظة على المصادر المائية و التركيز على تنمية وتطوير القطاع الزراعي بشقية النباتي والحيواني.
ومما لا شك فيه أن وزارة الزراعة في المملكة قد أدركت هذه المخاطر واتخذت التدابير اللازمة لمواجهتها في اطار استراتيجية وطنية تستهدف تطوير القطاع الزراعي دون الاضرار بالثروة المائية وذلك لتوفير الأمن الغذائي والذي يحظى باهتمام واسع ويتصدر القضايا التي تناقش في المعرض الزراعي السعودي كل عام.
كما أن فعاليات المعرض الزراعي هذا العام، تأتي بالتزامن مع انجازات عديدة للمملكة على صعيد تعزيز الأمن الغذائي وتشبثها أن يكون أمنها الغذائي بيدها "لا بيد عمرو"، حيث واصل القطاع الخاص السعودي ضخ استثماراته في قطاع الغذاء وأصبحت بعض الشركات قادرة على إدارة محفظة متكاملة من الأنشطة التجارية التي تسهم في رفع مستوى جودة المنتجات الغذائية بالمملكة، وتساعد في إنشاء المزارع الحديثة.
إن المأمول هو أن تقوم الجهات المنظمة للمعرض بدعم رغبة العديد من المهتمين في استثمار مثل هذا الحدث الذي يجمع خبراء زراعيين وعلميين الى جانب بعض المهتمين وكبار المستثمرين في مجالات الزراعة والصناعات الغذائية، لصالح الأمن الغذائي في بلادنا وتهيئة المناخ الملائم لتبادل الأفكار والتجارب والخبرات. فنحن نريد تحقيق أقصى استثمار لمثل هذا التجمع المهم لصالح قطاعنا الزراعي من جهة، وكسراً لـ"تقليدية" الحدث من ناحية أخرى وتطويراً له بحيث يتعدى مجرد طرح وتسويق المنتجات الى ملامسة الافكار وتبادلها باعتبار أن الفكرة نفسها رأسمال لا يقل أهمية عن المال والاستثمار.
وختاماً يجدر بنا القول إن المعرض الزراعي السعودي، يمثل بالنسبة لنا في المملكة أهمية خاصة تتجدد كل عام فهي النافذة التي يطل عبرها القطاع الزراعي على العالم مستكشفاً أحدث وأفضل الحلول التقنية وأحدث الابتكارات التي تم التوصل اليها بغرض دمجها واستخدامها للارتقاء بكفاية هذا النشاط محلياً بما يعزز قدراته التنافسية، ولذلك فنحن أمام حدث هام وفرصة سانحة للاحتكاك بالآخرين والتفاكر معهم من أجل غد أفضل لمؤسساتنا ولقطاعنا الزراعي السعودي.